pregnancy

لست أنا !










لست أنا !        

عادي أن تسن الدولة القوانين، وعادي أن يقوم الخارجون على القانون "باختراع" طرق التفافية على هذه القوانين حتى قبل صدورها فتصبح كأنها لم تكن!.

عادي أن يحاضر الفاسد عن النزاهة والشرف ونظافة اليد واللسان، وعادي أن يصل إلى الحد الذي يقتنع بما يقوله.

عادي ألا تشعر الحكومة بمعاناة المواطن، لذا يكون أكثر من عادي أن ترفع الأسعار وتدافع عن التجار، وأن تدفع الفقير إلى الانتحار.

عادي أن يعمل المواطن في ثلاث مهن في الوقت نفسه، والعادي أيضاً أن يقترض هذا المواطن نفسه على الرغم من دخله "العالي" الذي يتقاضاه من الجهات الثلاث.

عادي أن يكون كل السوريين سياسيين – كما قال شكري القوتلي لجمال عبد الناصر – وعادي ألا يجد أغلب السوريين الوقت للحديث في السياسة لأن حديثهم يقتصر على صعوبات الحياة ولقمة العيش ورغيف الخبز.

عادي ألا تمر معاملة في وزارات ومؤسسات وهيئات الدولة من دون دفع الدراهم، فالدراهم مراهم، لأن الرشوة صارت قانوناً في ظل تدني الرواتب وارتفاع الأسعار.

عادي أن يزيد أجار البيت الواحد عن مئة ألف ليرة بعد أن ارتفعت أسعار البيوت إلى ملايين الليرات، وبلغ بعضها سقف المليار، وفي ظل عدم وجود رادع أو أسس منطقية للتجارة بالعقارات.

عادي أن تتضارب القرارات في الوزارة الواحدة عدة مرات، وعادي أن يحدث ذلك في ظل عدم التنسيق بين الدوائر والمديريات والوزير، ولعدم وضوح الرؤيا بسبب الضباب الكثيف، والجهل المخيف لطبيعة عمل بعض الموظفين.

عادي أن تحرر أسعار المواد وغياب التسعيرة مادام أصحاب المحلات يتهربون من دفع المخالفات بدفع "الإتاوات"!

عادي أن ينتحر أحمد شوقي والأخطل الصغير وكل الشعراء الذين تغنوا بنهر بردى عندما يعرفون أنه تحول إلى مجرى للصرف الصحي، وعادي أن يسأل المواطن الذي يكاد يختنق من فظاعة روائح النهر، عن المشروع الذي وعدونا به لبناء محطة معالجة تكلفتها 16 مليار ليرة سورية.

عادي أن تصبح الأرصفة لركن السيارات، وأن تتحول الشوارع إلى ممرات إجبارية للمشاة.

عادي لأن يلاحق شرشبيل السنافر، لأن السنافر المساكين ليس لهم "ظهر" أي غير مدعومين، وعادي عندما يشعر المواطن أنه سنفور.

كل ما تقدم عادي، لكن غير العادي أن يعتبر المسؤولون كل السلبيات وانتهاك القوانين، وتفشي الفساد كبقعة زيت على سطح نهرٍ صافٍ، والفوضى والمحسوبية والوساطة وغيرها أموراً عادية لا تستحق الذكر!!.

عادي أن أكتب هذه الزاوية من دون حسيب ولا رقيب، وعادي أن أتصور شخصاً من بعيد يلوح لي بالعصا، وعادي أن أشعر بالخوف من بعض الزوار غير المرغوبين، وغير المحبوبين، لكن غير العادي أن يتحول خوفي إلى حقيقة، وأحلامي إلى كوابيس!.

ملاحظة هامة: بعد قراءة النص أعلاه، من قبل جهات خاصة وعامة على كاتب هذه السطور أن يعترف أن كل ما ورد آنفاً يحدث في إحدى جمهوريات الموز ولا علاقة لسورية إطلاقاً بكل المخالفات والممارسات لا سمح الله ولا قدر وأن الذي كتب هذه الزاوية ليس أنا، وعليه أوقع .. وسامحونا.

    

الأستاذ عصام داري / صحيفة الوطن السورية

شكرا لتعليقك