pregnancy

خربشات طفولة









خربشات طفولة 

هو حلم في بالي 
رافقني في سفري وترحالي
كان يؤرقني
يهز سكون أنفاسي
يتغلغل طيفه داخل إحساسي  
يشد لحاف ليلي
ويوقظني من نومي العميق
هو أن أعود وأرى بيتي العتيق

........2
لممت آهات شجوني وإليه مشيت 
كانت تسبقني اليه أنفاسي الحائرة
عند وصولي نظرت اليه من بعيد
تجمدت عيوني على جدرانه الباكية الغائرة
ومشى الدم في عروقي وخفق الوريد 
ثم ثملت أفكاري وتاهت
والروح ماهت
وخالجني شعور غريب
أفرح  ... 
  أحزن ... 
      أبتسم ....  
         أبكي ......
             أصرخ وأثور ... 
                أقرع الطبول ...
                      أفتح الباب ... 
                           أشم التراب ...
                              أركع اليه واعتذر
أم أخبئ دمعات عيوني قبل أن تنفجر 
 هو شعور من التناقضات 
ثارت في خلجاني 
كثورة  البركان

.....3
اقتربت اليه
مسحت غبار السنين عن جبين حجارته
فـ أحسست بـ ملح عرق جبين أبي المنغمس
بين شقوق الأسى
ذاب خيرًا في  خمسي 
وتفتحت أزهار الروح إليه خجلا
فهنا ولدت صرختي الأولى المتجلجلة
ربما هي التي كانت  تشدني الى جذوري 
الى نبض أعتابه  وأنفاس جدرانه  
لمحت غرفتي الساكنه الناعسة
ما زالت خربشات أحلامي 
على جدارها الأملس
سمعت منها قهقهات طفولتي 
حينها .... تجزأت روحي وهامت
شدني  وسافر بي قطار الزمن  
أعادني الى محطة  سنيني الآولى 
ورماني على أرجوحة  أفكار شقاوتي

...4
استحضرت براءة أفكاري  
عندما كانت تلاحقني فكرة
أن يصبح جسدي من هلام
أرتدي قناع الأخفى وأتخفى   
كي أسطو على كنز الحلوى  
من خزانة أمي 
أو أدخل مدينة الألعاب وأتجول
ألعب وألعب حتى أتعرَّق .... ووجهي يتجمَّر 
وأركب دولاب الهواء دون أن أدفع
وأدير مدفع الماء نحو مدرسي الأصلع  
أو أذهب الى المتجر 
أستبدل لعبتي التي لا تكبر  .... الى أكبر
وأصبغ لون سيارتي
من أصفر الى أحمر لكي تُسرع  
أو أركب خلف الساحرة 
مكنستها الطائرة  ..... خلسة
ودون أن تشعر
وتعلو بي الى سقف خزانتي 
لأرى ما فوقها .... لا أكثر 

......5
في صغري
كنت أعتقد 
كل ما أكلت من يدي أمي 
فطيرة زعتر
 تحولت الى الرجل الأخضر
...... بطلا  
أدافع بمدرستي 
عن صديقتي كوثر
من سارق الأقلام جوهر 
أقف وقفة مارد 
أراقب  الأطفال في الملاعب
أشد أذن كل من يشاغب
وامشي مشية عنترة 
فأنا الرجل الأخضر الذي لا يقهر

....6
كنت أعتقد
إن شربت كأس الحليب
أتحوّل الى قلم طبشور 
أرسم على اللوح 
صورة معلمنا الأعثر
وهو يتبختر
دون أن يشعر 
أو أن أصبح قلما
أنقل الأسئلة من درج أستاذي  
ومع الريح أرحل
أو شبحا .... أعزف في الليل لحن رعب
وأقلد صوت الغضنفر
فترتجف شقيقتي
وتحت غطائها ترتعب وتتكور

....7
هي لحظات استحضار
مرَّة داخل دهاليز أفكاري كالسهم
فما  الحياة يا صاحبي 
إلا رحلة قطار
تأخذ سنينناالمتزعزعة
وتنطلق بِنَا أسرع .... 
                         وأسرع  
وتبقى الطفولة في محطتها الآولى 
متخفية خلف جدار ذاكرتنا 
لكي لا يراها صفير القطار
وبدونها يحمل وجوهنا الجديدة ويرحل
فما العمر يا سنيني الشقية 
إلا طلقة مدفع

                   علاء الغريب / كاتب صحفي
شكرا لتعليقك