pregnancy

الصالونات الأدبية النسائية









الصالونات اﻷدبية النسائية..!!

من شرق الأرض إلى مغربها، اشتهرت النساء دونًا عن الرجال في إدارة الصالونات الأدبية، وسواء لعبت هذه الحالة الثقافية دورها بفعالية، أم خبا نورها بعض الشيء، إلا أن الصالونات الأدبية والمجالس الفكرية بقيت علامة فارقة من علامات التطور الإنساني والحضاري لأي مجتمع كان.
للصالونات الأدبية أهمية كبرى في تطور المجتمع، ولعله السبب الذي يدفع بالكثيرين للتصريح بأنه يتحدَّر من حضارة عرفت الصالون الأدبي الأول عبر التاريخ، فهنالك من يقول إن الصالون الأدبي الأول الذي عرفه التاريخ كان يونانيًّا، ليخرج آخر ويقول إن أسلافه العرب هم من قدَّموا الصالون الأدبي الأول للبشرية في زمن الخنساء، ليعود ويؤكد شخص ثالث أن الصالون الأدبي الأول كان في زمن الإسلام. وبجميع الأحوال، كائنًا من يكون المضيف الأول "للصالون الأدبي"؛ فلابد أن كل شعوب العالم قد ساهمت في تطويره وصولًا به إلى شكله المعاصر، وليلعب دورًا كبيرًا في عصور النهضة والتنوير في أوروبا، ومن المؤكد أن كل حضارة أضفت لمستها لتنقل الصالونات الأدبية من مجرد جلسات قراءة شعر أو مسرح وغيرها، لتصبح مناظرات ثقافية وفكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وفنية.

وبنظرة سريعة على أشهر الصالونات الأدبية عبر التاريخ، يلفت الانتباه إلى أن معظمها تأسس من قِبَل نساء، أو أن أكثرها شهرة كانت تلك التي أطلقتها سيدات مثقفات مطلعات على المعارف والعلوم، وينتمين إلى طبقة المجتمع الراقي؛ ففي فرنسا كان صالون مدام غوفران، وصالون مدام دوشاتلييه (الذي أقام فيه فولتيير فترة من الزمن كتب أثناءها عددًا كبيرًا من مؤلفاته)، وصالون الماركيزة دو ديفان، وصالون المركيزة دو رومبيو والسيدة مادلين دو سكوديري وإيزابيلا ديستيه وإليزابيتا كونزاغا، وصالون فالنتين كونرار الذي كان نقطة انطلاق للأكاديمية الفرنسية. وسواهنّ الكثيرات.

من الأمثلة المتناثرة من العالم العربي والإسلامي صالون سكينة بنت الحسين من الحجاز في العصر الأموي، إذ كانت السيدة الأولى التي تفتح بيتها لاستقبال ضيوفها من الرجال والنساء على حد سواء لإلقاء الشعر وسماع الموسيقى وتقديم النقد الأدبي، وليس صالون الشاعرة الأندلسية ولَّادة بنت الخليفة المستكفي بالله سوى مثالًا آخر، إذ كان يحضر مجلسها أهل الأدب ووجهاء القوم في قرطبة، وكانت تنظم الشعر وتنافس شعراء عصرها.
في العصر الحديث حظي صالون الأديبة اللبنانية مي زيادة على الشهرة الأوسع بين الصالونات الأدبية العربية على الإطلاق، إذ استقبل مساء كل ثلاثاء في القاهرة ولمدة رُبع قرن أعلام الثقافة العربية أمثال الشاعر خليل مطران وأحمد زكي باشا وعباس محمود العقاد وأحمد شوقي واسماعيل صبري والخطاط نجيب الهواويني وطه حسين، تميز صالون مي زيادة بأنه كان مفتوحًا للجميع، ديمقراطيًّا بشهادة طه حسين، وحافلًا بالعزف والغناء والنقاشات والقراءات كل هذا باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
كانت تلك فترة ذهبية بالنسبة للصالونات الأدبية في الوطن العربي؛ فقد ازدهرت ورجّعت صدى للصالونات الأوروبية وعصر التنوير، فبالإضافة إلى صالون مي زيادة، كان صالون نازلي فاضل ابنة أخ الخديو إسماعيل، حيث كان يتردد إلى صالونها الساسة والأعلام أمثال الشيخ محمد عبده وسعد زغلول وقاسم أمين وولي الدين يكن وسواهم، وحين انتقلت إلى تونس مع زوجها السفير التركي في تونس آنذاك نقلت نشاط صالونها معها ليحضره أعلام تونس أمثال علي بوشوشة وصالح البكوش والبشير صفر، وتمتد قائمة الصالونات الأدبية في أواخر القرن الـ19وأوائل القرن الـ20 لتصبح طويلة، نذكر منها: صالون مريانا مرّاش – حلب، وصالون كاتي أنطونيوس – القدس، وصالون هدى شعراوي – بيروت والقاهرة، وصالون الرابطة الأدبية – دمشق، وصالون حبوبة حداد – بيروت، وصالون صبيحة الشيخ داوود – بغداد.

للموضوع متابعة جديدة
منقول..


شكرا لتعليقك