pregnancy

الاسلام كحركة تاريخية








الإسلام كحركة تاريخية
.................................................... ................................

من المفيد النظر إلى الإسلام كدين من الله تعالى وكثورة اجتماعية بالوقت نفسه 
وفي العمق يتطابق المدلولان 

في هذا المقال لن اتطرق إلى الجانب الديني وسأكتفي بالجانب الموضوعي
قام الإسلام كثورة اجتماعية على مجتمع قديم متكلس تحكمه فئة متسلطة من التجار المرتبطين بالامبراطورية البيزنطية وهم لا يتاجرون بالبضائع فقط بل أيضا يتاجرون بالدين أيضا 
فكانت مكة وقلبها الكعبة مركز تجمع لالهة العرب 
وكان النفاق اللاهوتي من أجل المال ديدن المكيين معظمهم تقريبا، ما عدا بني هاشم الذين انبروا تاريخيا لعمل طوعي هو سقاية الحجيج وكان معظمهم من الموحدين الأحناف وهو موروث ثقافي مذهبي قديم منذ النبي إبراهيم عليه السلام

ولهذا كان الهاشميون من الطبقة المتوسطة  والفقيرة التي تستمد حضورها في قريش من رصيدها المعنوي والأخلاقي والذي تنافس به بني أمية السياسيون والتجار والمهيمنون بطبيعة الحال على إدارة شؤون مكة 

ولما قام الإسلام قام من بني هاشم ضد نمط حياة منحط وعقيدة فاسدة 
حياة تمتلئ بالنفاق والتسيد والتسلط والعبودية والعهر والمجون وتهميش الفقير واحتقار الضعيف وسحقه 
وعقيدة مفبركة زئبقية ليس لها ملامح ولا نظم، يسودها النفاق والتزلف والخرافة 
قام الإسلام من الأحناف كثورة في وجه الطغمة والفساد والانحراف الأخلاقي والديني 

ولاشك أن الجانب التاريخي (الناسوتي) تداخل في الجانب اللاهوتي (الوحي) وتبعا لذلك حمل الجانب الموضوعي أو التاريخي من الإسلام أثناء الولادة والانطلاق بعض الشوائب وهذا أمر طبيعي في كل حركة تنشأ في أي مجتمع 

ولهذا فإن الذين يتحدثون عن نقاء الإسلام سواء كانوا مكذبين  (أعداء للاسلام) أو مؤمنين هم يجافون الحقيقة لأن الإسلام شأنه شأن اي حركة تاريخية أو فكرية يتضمن شوائب تاريخية مردها للعامل الموضوعي، منها على سبيل المثال لا الحصر النزعة العصبية القبلية التي استمرت بين المسلمين ولو بدرجة أخف 
هنا الوحي الرباني كافح الشوائب التاريخية ونبه اليها من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة 
ولكن السؤال عن مدى التزام الصحابة بمنطق الوحي خصوصا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم 
وهل الصحابة معصومون عن الخطأ ؟ بالطبع لا
وهل خطأهم المحدود يستدعي منا الكراهية أو الشتم ؟ 
بالطبع لا

لهذا عند مناقشة القضايا الإسلامية يجب التفريق بين اللاهوتي والموضوعي التاريخي 
وللحق فإن بعض القضايا يتداخل فيها اللاهوتي مع الموضوعي؛ هذه يجب التعمق بها لاكتشاف زيفها إن كانت مزيفة أو مدسوسة 
ولمعرفة ملابساتها إن كانت غريبة  ومستهجنة 

موضوع عبد الله بن سبأ يدخل بالطبع ضمن الموضوعة التاريخية وليس اللاهوتية 
وعبد الله بن سبأ برأيي المتواضع هو الشماعة الذي علق عليه المسلمين الأزمة السياسية التي عصفت بالدولة العربية الإسلامية الناشئة آنذاك
فمن ناحية غطى أنصار الأمويين من المفكرين في القرون الوسطى والمحدثين الانقلاب الأموي بمكيدة بن سبأ. ومن ناحية أخرى غطى المؤيدون لآل البيت تقاعسهم بذات قصة بن سبأ 
فالتنافس الخفي بين الهاشميين (أصحاب التقى) والامويين (أصحاب المال والسلطة) قبل الإسلام أصبح بعد الإسلام صراعا مسلحا فالهاشميون الآن -حسب الأموي- لا يكتفون بمكانتهم المعنوية الشريفة بل أرادوا السلطة ومعه المال وهو ما عبر عنه يزيد بن معاوية  (قاتل الحسين) بقصيدته الشهيرة التي يختم بها 
"لعبت هاشم بالحكم   فلا خبر جاء ولا وحي نزل"

إذن هناك قسم من الأمويين كان مكذبا للرسالة الربانية وللأسف استطاع هذا القسم أن يتبوأ السلطة أما القسم المؤمن من الأمويين فآثر الصمت على ما يجري بمعنى أن النزعة القبلية تغلبت على الانتماء الروحي للدين الحنيف

حينما انقلب الأمويون على الدولة الرشيدة عملوا على تفريغ الإسلام من مضمونه الحقاني والاجتماعي فتحول اللاهوتي إلى طقسي وتحول المجتمعي إلى ملكي والشورى إلى طغيان وجرى تمسك بظاهر الدين وتهميش باطنه وجوهره 
للأسف هذه الطريقة الوضيعة تحولت إلى ثقافة شعبية عامة حكمت المسلمين كافة السنة منهم والشيعة 

حاول الصحابة والتابعين المخلصين للإسلام الثورة على الانقلاب من خلال ثورة مضادة قادها حفيد الرسول الحسين عليه السلام منيت بالفشل بسبب تقاعس المجتمع واستكانته

ما حدث أن أعداء الأمس للرسول الأكرم هم الذين قتلوا حفيده الثائر 
اليوم لسنا مطالبين بالثأر للحسين بل بإعادة النظر بثقافتنا المتقاعسة المكبلة 
بالفهم السطحي والظاهري للدين 

اما عن دور اليهود في الأزمة الكبرى فهو -كما في ازماتنا اليوم- لا يعدو عن كونه الصاعق المفجر للشحنة الممتلئة بين الطرفين 
هم لا شك خبراء في فهم ما يجري ورسم المكائد وبالتالي ليس المطلوب منهم سوى الشحن والتأليب وتفجير الموقف في اللحظة الحاسمة.

يجب ألا ننسى انهم كانوا متغلغلين (كما اليوم) في المجتمع الإسلامي الناشئ آنذاك فكثير منهم ادعى الإسلام دونما إيمان حقيقي بهدف تخريبه وتفجيره من الداخل وهو أمر نبهنا إليه الله تعالى من خلال القرآن حينما عرى المنافقين وكشف حقيقتهم.

علي حسين  الحموي
شكرا لتعليقك