pregnancy

وهم الكمال





وهم الكمال

لعل أخطر شعور يراود اي انسان هو ظنه أنه قد توصل الى الحقيقة المطلقة وأنه صاحبها وحاميها ، فينظر الى بقية البشر كضالين أو ناقصي الأهلية ، وأمثلة ذلك في التاريخ القديم والحديث أكثر من ان تحصى وتعد .
-في المانيا النازيه قام بعض العلماء المؤدلجين بتقديم دراسات موجهة تقوم على تشريح جماجم بشرية لأعراق متعدده ، وخلصوا الى نتيجة مفادها أن العرق الآري هو ارقى الأعراق قاطبة ، بينما بقية الأمم لا تصلح الا لتكون عبيداً لهذا العرق ، ونعرف يقيناً ما أدت اليه هذه النظرية من حروب وفظائع تقشعر لها الأبدان وجلبت الوبال لأوربا وللألمان انفسهم. 
-في اليابان ظهرت طائفة دينيه تسمى ،،،أوم،،، التي ربطت نفسها بالإله كطائفة مختاره ووصلت في تفكيرها الى أنها الأنقى روحياً ، مما دفعها الى الإستهتار ببقية البشر ، فقامت بارتكاب الجرائم الشنيعة ، وكان آخرها الهجوم في مترو الأنفاق بغاز قاتل. 
-نفس جوهر هذا الوهم تفشى بين اليهود بإسم الحركة الصهيونيه التي تدعي أن الله لها فقط ، وجميعنا يعرف آثار هذه العقيده الفاسده علينا من ضياع للمال والأنفس والأوطان .
-وليست شعوبنا إستثناءً من هذه القاعده ، فكل الطوائف الإسلاميه تدعي أنها الفرقة الناجيه التي ستذهب الى الجنة ، ونرى ان من أتيح له حمل الأسلحة من تلك المجموعات قد تفننوا في قتل بعضهم بعضاً علاوة على الأبرياء من المواطنين ، كل ذلك يفعلونه بضمير مرتاح لظنهم أنهم امتلكوا الحقيقة المطلقة ، ويتناسون عمداً أو غفلة أهم المباديء التي أرساها الإسلام ومنها: 
1-النفس البشرية مكرمه ، بصرف النظر عن العرق والدين والإقليم واللغة
(ولقد كرّمنا بني آدم )
2-افتقار الناس الى الكمال وإحتياجهم الى الله .
(يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله )
3-وجوب التعاون مع الأمم جميعها بغض النظر عن معتقدها وأصلها 
(وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) .
4-وجوب التحلي بالحكمة وهي ببساطة شديده (ما يطابق مقتضى الحال ) ، اي ان من يوجه خطابه الدعوي الى علماء الفيزياء يتوجب عليه ان يكون بارعا في الفيزياء ، وكذا سائر العلوم الأخرى ، وليس كل من هب ودب يصلح لأن يكون داعية ، كما نشاهد في الإعلام نماذجاً من دعاة مشهورين يقولون بأن الأرض مسطحة مثلاً .
(ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً ).
5- الداعي ورغم تيقنه من اعتقاده ، يتوجب عليه بيان حجته فقط بمنتهى الأدب ، وأن لا يصدر احكاماً على مخالفيه بالكفر والفسق والتبديع ، لأنه في هذه الحالة يتعدى على اختصاص ربه في الحكم .
(أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه ، وجادلهم بالتي هي أحسن ، إن ربك أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بالمهتدين ).
خلاصة أقول : إننا إذا لم نتخلص من وهم المطلقية والكمال الزائف ، ونربي أطفالنا على مقولة قديمه منسوبة للشافعي (رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب ) فإننا سنقود أنفسنا ومجتمعنا الى الزوال المؤكد من الوجود. 
----------*
 عمار يماني 
اللوحة للفنان mikki senkanik
شكرا لتعليقك