فن التراجيكوميدي بوصفه مأساة وليس ملهاة ( القالب المحير)
...................................................................................................................................................................
...................................................................................................................................................................
سؤال يتبادر إلى الذهن إلى أي القالبين ينتمي قالب التراجيكوميدي؟انه لاينتمي الا لنفسه فليس الجميع تنتهي حياته بفاجعة وليس الجميع تنتهي حياته نهاية سعيدة ..ان قالب التراجيكوميدي يشبه نوعا ما حياتنا انه لايبحث عن مصير الإنسانية الأسوأ أومصير الإنسانية الأفضل انه يقترب بنا من روح الواقع فالبعض ترفعه الأقدار والبعض تهبط به الأقدر الى أسفل سافلين ..لكن للتوضيح ان بدأت المسرحية تصاعد ت الأحداث بصورة مأساوية وأنتهى الأمر بنهاية سعيدة فنحن أقتربنا من الكوميديا أو الملهاة أما اذا بدأت المسرحية بلهو وكوميديا صاحب الأحداث قتل أو حادثة اليمة لاعلاج لها أفضى الأمر الى وقوع التراجيديا بصورة محققة لامراء فيها اذا كما اشرت في العنوان التراجيكوميدي بوصفه مأساة وليس ملهاة فلدى يوريبيديس نجد في محاولات كتاباته الأولى هذا المزج التراجيكوميدي ففي الكستيس تبدأ المسرحية بمأساة متحققة فعلياً اننا نرى الموت بأم أعيننا يؤدي دورا مسرحيا ووفاة البطلة الكستيس اذاً روح المأساة موجودة بالفعل لكن في النهابة نرى الخادم المرح وهرقل الثمل وعودة الكستيس الى الحياة هل المشاهد الأولى التأبينية تعزز قولنا انها مأساة مستحيل فطالما ان نهايةالمسرحية انتهت نهاية سعيدة بعودة الكستيس لأدمتيوس فقد انتفى الحدث الشنيع فلا يكفي أن تكون هناك مشاهد محزنة كاسفة لتتحقق المأساة فالأمر أفضي الى نهاية سعيدة التي هي الشرط الأساسي للكوميديا حيث أن موليير في الغالب أو بن جونسون يحاولان ان تكون نهايتهما سعيدة كما حدث لأجينس في مسرحية مدرسة الزوجات وتزوجت من شاب مثلها ولو كانت المسرحية الكوميديا لاتنتهي بنهاية سعيدة فأحيانا النهاية مفتوحة كذهاب السست في مسرحية عدو البشر الى صحراءه أو مسامحة فولبوني في المسرحية المعنونة بنفس الاسم أو مثل كوميديا شيكسبير ضجة فارغة حيث يمر الأبطال بمأزق ومعاناة يفضي الى نهاية سعيدة فإننا نجد هيرو تتلقى الإهانة من كلوديو ويغمى عليها لكن عندما يتضح للجميع عفة هيرو تنتهي المسرحية بإتمام زواجها من كلوديو وأيضا يتزوج بنديكت من بياتريس لكن مع عمل آخر ليوريبيديس في مسرحية أوريستيس أين تقع حدود الكوميديا وأين تقع حدود التراجيديا؟ فالرسول في أوريستيس يحمل ملامح هذا المزج ويشبه الخادم في الكستيس يحمل هذا المزج .ان العملين الكستيس وأوريستيس مختلفين عن أعمال أخرى ليوريبيديس تتمثل فيه المأساة تمثلاً كاملاً مثل الفينيقيات ( 408 ق م)أو ميديا (431 ق م) أتصور أن وصف جـ ولسن نايت في كتابة عجلة نار في الفصل المعنون ب الملك لير وكوميديا الجروتيسك :يقترب من مفهوم أراه ينطبق على أوريستيس أكثر من الملك لير يقول ولسن نايت:(قد يبدو من الغريب أن نبحث عن لون من الوان الكوميديا بإعتبارها نغمة أو فكرة أولية في مسرحية ترين عليها الجهامة بأثقالها ,ويعتبر تفسيرها لمصير الإنسان وأفعاله تفسيرا تراجيديا صارخا ولكن اعتبار الفكاهة تافهة في جوهرها يتضمن خطأ في الحكم النقدي القائم على الأسس الجمالية ورغم تأثيرها يبدو في العادة مختلفا اختلافا شاسعا عن تأثير التراجيديا فإن ثمة لونا من الفكاهة يسير على حافة الدموع ولونا من التراجيديا لايحتاج الى تغيير المنظور تغييرا طفيفا حتى يكشف عن كنوز منوعة حافلة بالكوميديا) ويستطرد ولسن نايت ويقول ان الملك لير كوميديا خرافية .........في رأيي ان الملك لير هي تراجيديا وأجدني قريب من رأي أ.س بردلي عن ولسن نايت...ان السقطة التراجيدية للبطل موجودة في الملك لير كما هي موجودة في أوديب الملك إن كليهما يفقدان مكانتيهما بسبب خطأ أرتكباه فيهويان الى القاع ومن ثم يبصران الحقيقية لكن مسرحية أوديب ملكا جادة ففي النهاية يطل علينا أوديب جادا في حزنه والمصير الذي سيلاقيه أما الملك لير فلقد أدى به الأمر الى الجنون الذي صحبه ضجة كوميدية من هول المأساة التي وقعت عليه ومن ثم يموت لاشك أن أبعاد التراجيديا هي الغالبة فهناك أيضا مشاهد مأساوية بإمتياز مثل فقدان جلوستر لبصره وموت كورديليا بين يدي لير ولكن على الرغم من أوريستيس مستواها الفني ليس بقوة الملك لير لكن يمكن ان نطلق عليها الجروتيسك فمشهد الخادم الذي يدلي بموت سيدته هيلين انه هزلي ضاحك يحكي عن مصيبة قد حلت بسيدته هيلين .يحكي المصيبة بهزلية تامة كأن يذكر ((في شبشبي الأجنبي هربت)) ثمة هزل في مسرحية أوريستيس لكن برغم موت هيلين في تصوري أن هذا عير كاف ليحقق التراجيديا التامة فتصاعد الأحداث به اثارة وتششويق كما في الأفلام الكوميديا ..فمسرحية أوريستيس هيا أيضا تراجيكوميدي لكن دون أن نعلم إلى أي تصنيف نهائي تنتمي أكثر ملهاة أم مأساة انها جروتيسك أبعاد تراجيديا!!! .اذن اذا أقتربت ألأحداث في نهايتها الى الفاجعة بفقدان عزيز أو فقدان البطل أحد أعضاءه أو موته أدى الأمر لتحقق الفاجعة التراجيدية ..اذا نستنتج من هنا ان أوريستيس أو الكستيس لا يمكن أن تكونا مأساة أو تراجيديا أما الملك لير هي تراجيكوميدي بوصفها مأساة وليست ملهاة
أسامة سليمان
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء