pregnancy

الشاعر المجري أتيلا جوزف ( 1905 - 1937م )




الشاعر المجري  أتيلا جوزف  

( 1905 - 1937م )
.......................................................................................

كان الشاعر الفرنسي ( جيلفيك ) يصف ( أتيلا_جوزف ) بأنه "شاعر الصراحة" و"العنف والأسلوب المباشر" و"الدقة والنغم الصادق ". فَصُوَرُهُ تنطلق كما لو كانت تتدفق من حياته القاسية، لأنها تنبع من تجربته « كبائس وشرير ومكافح مدموغ بالطابع المميز لبلده ». وهو يتمتع « بموهبة السمو والقُدْرَة على الارتفاع بكل شيء إلى المستوى الذي يجعل الهزيمة الشخصية انتصاراً على الشقاء ». 

ويقول الدكتور ( محمد مندور ) إن الشاعر ( أتيلا جوزف ) يُعد ممن يمكن أن نسميهم شعراءَ "البؤس الثائر"، أولئك الذين لاحقتهم الحياة بشتى المحن فتألموا واشتكوا وتمردوا وثاروا، فاستجابت لهم نفوس البشر في معظم بقاع العالم، حتى رأينا ( أتيلا جوزف ) يحظى بشعبية واسعة لا في المجر وطنه الأصلي فحسب، بل وتمتد شهرته إلى معظم بلاد العالم فتنقل أشعاره إلى لغاتها ويتداولها الناس.

وقد احتفظ ( اتيلا ) بذكريات مؤلمة مريرة عن "أمه التي ربته يتيماً "وإخوته، وعن المهنة الشاقة التي كانت تزاولها، فقد كانت تعمل غسالة ملابس بالأجرة، وصاغ تلك الذكريات في عدة قصائد تحت عنوان ( ماما ) أو ( أمي ). ففي إحدى تلك القصائد يحدثنا عن ذكرى أمه التي تلاحقه وتستبد به فيروي كيف كانت تصعد إلى السطح حاملة سلة الغسيل الثقيلة وهي تئز معلقة في ذراعها بينما ( اتيلا) الطفل يبكي ويصرخ ويضرب الأرض بقدميه طالباً إليها أن تحمله هو بدلاً من أن تحمل السلة.

{ أُمِّيْ }

طَوالَ   الأُسْبُوعِ    كُلِّه
جَذَبتْني   فِكرةٌ    واحدة.
إنني         أُفكِّرُ    بلا      انْقِطاعٍ     في     أُمِّي
خَيالي   يَسْتَحْضِرُها   وهِيَ   تَصْعَدُ   في   سُرْعَةٍ   نَحْوَ    السَّطْح
والسَّلَّةُ  الثقيلةُ    مُعلَّقةٌ في  ذِراعِها

•               •               •

وأنا      الفتى      الصغيرُ    عِنْدَئِذٍ     في     البَراءَة
أصْرُخُ   في    أسْفَلَ،    وأضْرِبُ   الأرضَ   بِقَدَمَيّ
فَلْيَحْمِلْ غَيْرُها فوقَ أذْرُعِهِمْ هذا الحِمْلَ الكبيرَ مِنَ الملابِسِ المغسولة
وأنا  الذي   يَجِبُ  أن  تَحْمِلَهُ   إلى  السَّطْح

•               •               •

صَعدَتْ   وصَعدَتْ    ونَشَرَتْ غَسِيلَها
في   غيرِ   ضجرٍ   ولا     تَلَفُّتٍ،  وفي   صَمْت
والغسيلُ    النَّاصعُ   الذي     يَلْمَعُ    ويَجِفّ
يَتطايَرُ     ويُوْشِكُ    أن    يَتناثَرَ  في   الفَضاء..

[ على الدانوب ] .. 
على     أوَّلِ    حِجارَةِ     المرفأِ     جَلَسْت
أبصرتُ    كيفَ  يَطْفُو   قِشْرُ   البِطِّيْخ
سَمِعْتُ   ما   يكفي, واسْتَغْرَقَني   التفكيرُ   في  مصيري..
عندما   يُثَرْثِرُ    السَّطْحُ    تَسْكُتُ  الأعماق.
خابِطاً    حكيماً   عظيماً   كانَ     الدَّانوب
كما   لو    أنهُ   جرى  من   قلبي   أبعدَ   فأبعد
مِثْلَ العَضَلاتِ, إذا ما كانَ الإنسانُ يَعْمَلُ، يَطْرُقُ, يَبْرُدُ, يَحْفِر
هكذا     انْطَلقْتُ,    هكذا    أنْشَدْت,
وهكذا  ارْتَخَتْ   كُلُّ   موجةٍ   وكُلُّ  حَرَكَة.
ومِثْلَ      أُمِّي    الطَّيِّبَة
غَسَلْتُ    كُلَّ    أقذارِ     المدينة..
هكذا    أنا, كما  لو  أنني  مُنْذُ مائةِ  ألفِ سَنَة
أُبْصِرُ    الذي     أراهُ      فَجْأة
لحظةً   واحدةً ويَكْتَمِلُ الزمنُ  كُلُّه
الزَّمنُ   الذي   يَرْقُبُهُ    مَعِي    مائةِ    ألفٍ    مِنْ    أسْلافي..

الموسوعة العربية العالمية.
شكرا لتعليقك