pregnancy

تطور الكتابة العربية







تطوّر الكتابة العربيّة
.......................................................................................
إنني أرى أنَ هذا البحث (تطوّر الكتابة العربيّة)يتفرع إلى ثلاثة محاور رئيسة هي:أـ نشأة الكتابة العربية وتطوّرها، وقلم الجزم وتطوّر الخط العربي،وهو موضوع محاضرتنا لهذا اليوم.
ج ـ رسم المصحف الشريف.
د ـ الخط العربي،أنواعه وجماله.
وإن عانني الله عز وجلّ، سوف أحاضر على منبركم،بهذه الموضوعات ،حتى
يتاح لحضراتكم تكوين فكرة عامة وشاملة عن تطوّر الكتابة العربيّة.والله خير معين.
 أولا :((الأبجديات العربية القديمة وتفرعها وانتشارها))
تعدّ الكتابة من أهمّ إبداعات الإنسان في منطقة الشرق الأدنى القديم،لأنّها الوسيلة 
الأساسيّة للتعبير المباشر،والأداة الفعالة لنقل المعارف للأجيال اللاحقة.
واختراع الكتابة من الاختراعات الكبرى التي غيرت مجرى البشر،وهو اختراع لاتقل أهميته عن أعظم الاختراعات والاكتشافات والمغامرات التي قام بها الإنسان منذ يومه الأول حتى هذا اليوم.
 ولعلنا لانخطىء إذا قلت أنّ الإنسان قد فكر في الكتابة منذ أيامه الأولى،أي منذ شعر بنفسه،وأخذ يعبر عما في ذاته،لأنه كان في حاجة إلى تسجيل أعماله ومعاملاته وكلامه،كما فكر في تسجيل حوادثه وشعوره وتأثره بالمرئيات الجميلة والمحزنة،وبالخواطر التي كانت تمرّ عليه،وبكل أحاسيسه وعواطفه.فعمد إلى الطرق البدائية في التدوين،ثم طورها تدريجياً حتى وصل إلى الأبجدية(الألفبائيّة). 
ولكن قبل كلّ شيء دعونا نتفق كما اتفق بعض الباحثين على بعض المصطلحات:
1 ـ اللغة , وهي التي تحدث بها الناس منذ مئات الآلاف من السنين. 
 2 ـ الكتابة, وجدت بأشكالٍ مختلفة منذ عصور ما قبل التاريخ. 
 3 ـ الأبجدية, أي ترتيب الحروف لاستخدامها في الكلمات, وفق أسس معينة, والتي تدل الأبحاث الأثرية أن (أوغاريت) هي التي اخترعتها في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد.وهذا الرأي غير ثابت ..كما سوف نرى لاحقاً.
وإن كنا نحبذ القول دائماً (أقدم أبجدية حتى الآن) فهذا لأن محاولات أخرى في اختراع الأبجدية, وجدت في تلك الفترة, وخاصة ً في (مصر) لكن الأبحاث - حتى الآن -  لم تعط دليلا ًعلى وجود أبجدية, لكنها يمكن أن تعطي, وكما كان العالم يقر بأبجدية (جبيل) الأولى, قبل اكتشاف (أوغاريت) فإنه عند وجود أدلةٍ مادية على أن أية دولةٍ أو حضارةٍ قد اخترعت الأبجدية في وقت يسبق (أوغاريت) سيصحح التاريخ ثانيةً وهذه هي الميزة الجميلة للعلم بعيداً عن أية تعصبات إقليمية. 
و ربما كانت الأبجدية alphabet أعظم إنجاز حضاري عرفته البشرية في تاريخها القديم على صعيد الكتابة. ويُمثِّل هذا الإنجاز الحلقة الأخيرة لسلسلة من محاولات الكتابة التي بدأت بالتصويرية، أي برسم رموز ماديّة مرئيّة تمثل المسمّيات أو الأحداث والتصوّرات، على ما انتهى إليه الباحثون في آثار بلاد الرافدين ومصر. تَلَت ذلك مرحلة الكتابة المقطعية(المسمارية) غدت مسماريّة مقطعيّة في بلاد الرافدين،بعد منتصف الألف الثالث ق.م،
 التي تقوم فيها علامات بأعيانها مقام مقاطع، أو تُقْصَر قِيَمُها برموزها الصوتية على الحرف الأول acrophony، وكان هذا النظام معقداً غامضاً، بيد أنه كان تمهيداً لنشأة الأبجدية. 
ورغم اختلاف الباحثين عن مهد الأبجدية وعمّن اخترعها، ومن الحقائق المتَّفق عليها بين الباحثين من اللغويين أن مهد الأبجدية هو المنطقة السوريّة الفلسطينية ،التي كانت التوراة تسميّها: أرض كنعان.   وبعض الباحثين المحدثين يَرْتَئي التسمية الفينيقية بديلاً من الكنعانيّة، ذلك أنّ الليديين والإيونيين يزعمون أنّ الحروف فينيقية نسبة إلى مخترعها فوانكس Phoinix ابن أجينور. 
    وليس عَزْوُ اختراع الأبجدية إلى الكنعانيين أو الفينيقيين موضع إجماع، إذ يرى بعض الباحثين - كشامبليون مثلاً - أن هذه الأبجدية قد اشتُقَّت من الكتابة المصريّة الهيراطيقية، اعتماداً على ما لاحظه من وجود علامات لها قيمة هجائية في الكتابة المصرية عندما عكف على تحليل الرموز الكتابية لحجر رشيد. ويرى بعض الباحثين السريان أنّ أصل هذه الأبجدية من اختراع الآراميين، وهو رأي غير دقيق لأنّ الكنعانيين أقدم وجوداً من الآراميين في هذه المنطقة من الساحل السوري الفلسطيني المسمّاة «فينيقية» أو أرض كنعان، و«أقدم الوثائق الأبجدية التي كُشفت في فينيقية هي وثائق أوغاريت المسماريّة الطابع». وثمّة رأي يذهب إلى أنّ الإيجيين في جزيرة كريت هم الذين اخترعوا الأبجدية، ثم أخذها الفينيقيون عنهم، ورأي يعزو نشأتها إلى السبئيين في اليمن. أما الرأي المرجح السائد في أوساط علماء اللغة المحدثين فهو أنّ اختراع الأبجدية إنجاز فينيقي كنعاني تمَّ بين القرنين السابع عشر والخامس عشر قبل الميلاد.
    وعدد حروف هذه الأبجديّة اثنان وعشرون حرفاً هي: (أُوْلَف، بِتْ، كُوْمَلْ، دُوْلَذْ، هِيْ، واو، زاي، حِيْث، طِيْث، يُوْذ، كُوْف، لُوْمَذ، ميم، نون، سَمْكَث، عِيْ، فِيْ، صُوْدي، قُوْف، رِيْش، شين، تاو).
    ورُكّب من هذه الحروف كلمات استغرقتها كلَّها هي: (أبجد، هوَّز، حطِّي، كَلَمُنْ، سعفص، قرشت). ويختلف مستخدموها من أوغاريتيين وآراميين وسُرْيان وعرب وعبريين في نطقها بعض الاختلاف، كما يختلفون في رسم أشكالها، ممّا جَعَلَ لها خطوطاً أو أقلاماً مختلفة بمرور الزمن، وبتوزّع مستخدميها في الأرض.
أول أبجدية ٍعربيّة في التاريخ 
وقد أشرت في محاضرة سابقة،إلى أصل اللغة العربيّة،وتطور لغاتها ولهجاتها،وذكرت أنّ اللغة العربيّة هي إحدى اللغات الساميةأوهي (السامية الأم) لأنها أقرب اللغات إلى الأصل، كما يعتبرهابعض الباحثين،وأوائل هذه اللغة لاتزال مطويّة في مجاهل التاريخ وتعود إلى/1500/عام . وهذا مخطّط تقليدي للغات العربية.(1)
وفي هذا الصدد، إنني أؤيد رأي الدكتور(نائل حنون)الذي يتحدّث عن العلاقة بين اللغتين العربيّة والأكادية،حيث لايمكن فهم العلاقة التاريخية الكاملة التي تظهرهما مع اللغات الشقيقة الرئيسية وتفرعاتها من لهجات تطورت على مرّ الزمان.واسم هذه العائلة اللغوية اقتبس من التوراة تحت اسم (اللغات الساميّة).
يقول د.حنون:وهذا من غير الوارد أن يكون قد حدث،فالتوراة ليس مرجعاً تاريخيّاً،
ولا الساميّة مصطلحاً علمياً،تصنّف بموجبه اللغات.ويرى د.حنون:أنّ مصطلح اللغات الساميّة مدعاة للاستغراب،كيف أبقى عليه الغرب زمناً طويلاً،؟ بعد المعلومات التي كشفت عن الأسس التي بني عليها هذا المصطلح.فقد ثبت أنّ "السامية والحامية السامية"تسمية غير موفقة وغير دقيقة،واستناداً للنقوش الأثرية،والاستقراءات التاريخيةأكد علماء العربيات من شتى القوميات أنّ من دعوا بالساميين هم العرب،وأنّ الشعوب التي تنظمها الجامعة العربية حالياً،وأجزاء مقتطعة من أطرافها،وبلاد الحبشة،هي شعوب عربية لغة وأرومة،كانت أصولها الأولى تعيش في رخاء ورغد في ربوع الجزيرة العربيّة،ثم ضاقت بهم بعد أن تكاثروا وخيّم القحط والجفاف على أواسطها،
فتلفتوا حولهم يبحثون عن منتجعات بكر،توفر لهم الماء والنماء،وبدأت هجراتهم منها:
فكانت الهجرة الأولى إلى الصومال عن طريق باب المندب،حيث لم يكن آنذاك حاجز بحري،وتأصلوا في البلاد،ثم توالت الهجرات وتدافعت القبائل وتسابقت،حتى عمت وادي النيل،وشمال إفريقية حاملة معها لغتها القديمة،وعلى تقدير العلماء فغنّ أولى هذه الهجرات حدثت في الألف السادس قبل الميلاد ثم توالت.
وفي الألف الرابع،اوقبله بزمن حدثت الهجرة الثانية إلى بلاد الشام،وبلاد مابين النهرين،ثم إلى مصر وشمال إفريقية عن طريق سيناء،حاملة معها لغتها المتطورة،
واختلط المهاجرون الجد بالرواد،وعمروا تلك البقاع،وأقاموا فيها دولتهم وكياناتهم
وذابت فيهم القلة من السكان الأصليين،وتفاعلت العربية ولغاتهم،ونحتت كلّ منطقة مسارا لغوياً متميزاً،مع المحافظة على الجذور اللغوية وأهم مقوماتها،وبذلك تحرفت تلك اللغات عن العربيّة الأم،طرداً مع الشقة والعزلة وتقادم الأزمان،فكان من ذلك اللغات التالية:الصومالية والسواحيلية والحبشية بفروعها المتعددة.والفرعونية القديمة،والأكادية،والبابلية،والآشورية، والكنعانية،والعمورية،والإبلائية،والفينيقية،
والآرامية.ومنها تفرع:السريانية والمندعيةوالتدمريةوالنبطية(مخطط تقليدي للغات العربية القديمة).
وحتى لانضيع في ضبابية هذا المصطلح،وشتى تفسيراته،فإنني أعود للحديث عن اللغة العربيّة ولغاتها ولهجاتها وأقول: 
كانت اللغة العربية الجنوبية تختلف عن اللغة العربية الشمالية، حتى قال أبو عمرو بن العلاء (770)م) : "ما لسان حمير بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا" فلغة الجنوب أكثر اتصالا باللغة الحبشية(وهي لغة عرب) والأكادية بينما لغة الشمال أكثر اتصالا باللغة العبرية والنبطية. ويعتقد بعض العلماء أن لغة الجنوب إحدى أصول لغة الشمال معتمدين على النقوش المكتشفة في اليمن إذ تتطابق فيها بعض العبارات لفظا وتركيبا ..
ترجع أقدم النقوش العربية الجنوبية إلى الحميرية،ش(1) والمَعِينية والسبأية والقتبانية القدامى. أما العربية الشمالية فهي الأقرب للآرامية.
والأصل في اللغة أن تكون مسموعة أي أن إنسانا ينطقها بلسانه وشفتيه فيسمعها إنسان آخر بأذنيه, ولكن عندما عرفت الكتابة بالرسم أو بالحرف منقوشة علي الحجر أو مكتوبة علي الورق أصبحت هناك لغة مقروءة أي أن الإنسان يقرأها بعينيه. وأصبحت هناك لغتان إحداهما سمعية والأخرى بصرية.
إن ّتتبع التاريخ العام لمسيرة الكتابة منذ كانت نقوشا على الأحجار(شكل النقوش) 
إلى أن استقامت أداة حضارية دون بها القرآن الكريم وعلومه, ونشرت بها الأمة العربية الإسلامية فكرها وحضارتها في أرجاء المعمورة.لهو موضوع شاق المسالك،ومصادره قليلة تكاد موجـودات المكتـبة العربيـة من الكتب حول الموضوع نفسه, تنحـصر في: كتب الرسم المصحفي, وكتب الإمـلاء إلاأنّ علماء العربية اعتمدوا تطوير الكتابة من داخلها وبوســائلهـا الخـاصة, التي تلائم ظروفها اللغوية والثقافية, "فقد كان الإعجام خاصية أصيلة فيها للتفريق بين الرموز المتشابهة, وكان نقط الإعراب مكملاً لنقص بها, لكنه جاء في أسلوب لا يؤثر في بنيتها الأساسية, إذ كانت مجرد علامات خارجية لا تحطم هجاء الكلمات المعهود في القرآن الكريم, وفي سائر مدونات العربية".
 وأمّا الكتـابة بالعربيّة, ُكتبت اللغة العربية بالأبجدية العربية التي يكتب بها الكثير من اللغات الأخرى. وللغة العربية 28 حرفا مكتوباً (البعض يوصلها ل29 حرفا بإضافة الهمزة "ء"). وتكتب من اليمين إلى اليسار - بعكس الكثير من لغات العالم - ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها.
وقديما لم توضع الحروف وضعاً,ولكنّها تولّدت بتنّوع الحـرف النّبطي, الّذي كـان شائعاً في شمـال جزيرة  العرب قبل الإسلام.
وتاريخيا فإنّ اللغات العربية القديمة كانت تكتب بالخطين المسندي والثمودي، ثم دخل مع اللغة العربية الحديثة الخط النبطي، قيل أنه نسبة لنابت بن إسماعيل وأخذ ذلك الخط مكان الخط الثمودي في شمال الجزيرة، وأصبح الخط المعتمد في لغة مضر العربية (الحديثة)، أما لغة حمير العربية (القديمة الجنوبية) فحافظت على الخط المسندي، وأخذ الخط النبطي - الذي هو أبو الخط العربي الحديث - يتطور أيضاً، وكان أقدم نص عربي مكتشف مكتوباً بالخط النبطي وهو نقش (النمارة) المكتشف في سوريا والذي يرجع لعام 328م. ش(2)
1ـ   كتابة النمارة: النمارة قصر صغير من العهد الروماني يقع في الطرف الجنوبي من وادي الشام الجاري بين جبل العرب إلى الشمال الشرقي نحو البادية. 
 نقشت هذه الكتابة على نحت الباب وهو من الحجر البازلتي، اكتشفته بعثة فرنسية في سفح المنحدر المؤدي إلى الوادي، وذلك في أوائل القرن الحالي، وقد نقل الحجر إلى متحف اللوﭭر في باريس، وحصل متحف دمشق على نسخة جصية من هذه الكتابة، وعرضت النسخة أخيراً في متحف الخط العربي في دمشق ( المدرسة الجقمقية ). 
  رقمت هذه الكتابة بالخط النبطي المتأخر وبلغة عربية مشوبة بشيء من رواسب الآرامية، وهذا واضح من وضع ( الواو ) في آخر المفردات، وخاصة أسماء الأعلام، يلاحظ أن ( الألف ) تحذف من قلب الأسماء وخاصة أسماء الأعلام. 
1-   هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي حاز التاج. 
فلم يبلغ ملك مبلغه. 
      هذا النص مهم جداً من عدة وجوه:
1-   من الناحية الباليوغرافية التي تركز على كيفية رسم الحروف وتطورها. 
2-   من الناحية اللغوية، رأينا كيف يختزل النص الكلمات والحروف، وفيه تقدير وتأخير، وفيه مفردات ميتة، ولكن نلاحظ الجملة السليمة             ( فلم يبلغ ملك مبلغه ). 
3-   من الناحية التاريخية: التاريخ النبطي / 223 / يعادل / 328م / وهو تاريخ وفاة امرئ القيس اللخمي ملك الحيرة الذي علا شأنه في العرب، واستطاع أن ينتصر على بني أسد في نجد، ووصل نفوذه إلى نجران جنوباً، وتغلب على أكبر ملك في الجنوب وهو الملك شمِر.
 إن مكان وجود الأثر في بلاد الشام الجنوبية يدل على تقدم عسكري هام إذ طغى ملك الحيرة على حدود بلاد الشام.
 2ـ  كتابة معبد رم: بقع جبل رم على بعد / 40كم / شرقيالعقبة، وقد أجرى التنقيب في المعبد ساﭭيناك و هورسفيلد ونشرا صورة ومستنسخ النص دون أن يقرأاه، وقد عني الأستاذ غروهمان في كتابه الأخير سنة / 1971م / بملاحظة تطور حروف النص من الناحية الباليوغرافية، ولم ينشر تفكيك النص كاملاً، وهنا نحاول تفكيك النص دون التقيد بما ذهب إليه غروهمان: 
- الشكل 3 - 
                       تفكيك النص: 1- عليو خُلـَيْصي
                                        2- بر مبارك   ؟ 
                                        3- حبيبو عرا   أم اللمة   سطى       وكـ ...  
                       
                       تفسير النص: 1- علي [ الـ ] ـخُلـَيْصي
                                        2- بن مبارك؟
                                        3- حبيب عزا؟ أم اللمه سطا وكـ [ ـفأ ]. 
هذا النص يدل على فضيحة حدثت في المنطقة، أريد به التشهير بفاعلها، وهو علي الذي ينتسب إلى خُلـَيْص، وهو حصن بين عسفان وقديد في اليمن أو بين مكة والمدينة اعتدى على شرف امرأة أو سطا على شيء ثمين. 
      النص غير مؤرخ، حدد غروهمان تاريخه بين / 328م / و / 350م / اعتماداً على رأي ليتمان و نبيهة عبود. 
وفي الفترة السابقة للإسلام كانت هناك خطوط أخرى حديثة للغة مضر مثل: الخط الحيري نسبة (إلى الحيرة)، والخط الأنباري نسبة (إلى الأنبار)، وعندما جاء الإسلام كان الخط المستعمل في قريش هو الخط النبطي المطور، وهو الخط الذي استخدمه النبي محمد في كتابة رسائله للملوك والحكام حينذاك،ش(3)،
 ويلحظ في صور بعض تلك الخطابات الاختلاف عن الخط العربي الحديث الذي تطور من ذلك الخط، وبعض المختصين يعتبرون ذلك الخط النبطي المطور عربياً قديماً، وأقدم مكتشفات منه نقش ( زبد)،ش(4)،
3ـ  كتابة زبد: تقع زبد في سورية الشمالية بين قنسرين والفرات، وقد نقشت هذه الكتابة على نحت باب كنيسة مع كتابة يونانية وأخرى سريانية، الكتابة العربية غير مؤرخة، لكن اليونانية مؤرخة من سنة / 823 / بالتقويم السلوقي الذي يعادل / 512م /، وقد تم حفظ الأثر في متحف بروكسل الخمسيني.
  هذا الخط بكتابته قريب جداً من الخط العربي المتطور، ولم يبق من أثر قديم إلا رسم  ( الدال ) في كلمة ( سعدو )، وإضافة ( الواو ) في أخر أسماء الأعلام، وحذف الهمزات من كلمة ( امرئ )، وعدم تمييز ( النون ) من( الراء) )
 في كلمة ( بر أو بن ). 
جميع الكتابات العربية القديمة وجدت في جنوبي بلاد الشام ما عدا هذه الكتابة التي وجدت في الشمال، إن هذا يدل بوضوح على عروبة بلاد الشام قبل الإسلام. 

 ونقش ( أم الجمال) الأول (568م ، 513 م)،ش(5)

4ـ  كتابة أم الجمال الأولى: تقع أم الجمال إلى جنوبي مدينة بصرى الشام على بعد  / 25كم /، نشرها إنو ليتمان مع النصوص النبطية، ولكننا نرى أن النص عربي كتب بالخط النبطي المتأخر، وتبدو فيه ملامح الخط العربي القديم، وفيه كلمات عربية.
 هذه الكتابة غير مؤرخة لكننا نستطيع أن نحدد زمنها في الربع الأخير من القرن الثالث الميلادي، لأن جذيمة المذكور في النص هو حتماً جذيمة الأبرش أحد ملوك الحيرة التنوخيين الذي حار زنوبيا ملكة تدمر. 
  5ـ كتابة أم الجمال الثانية: 

- الشكل 4 - 
                       تفكيك وتفسير النص: 1- إلهِ    غفراً   لأثيم    ؟ 
                                                  2- بن عبيدة كاتب 
                                                  3- العبيد   أعلى   بني 
                                                  4- عمري  ينم  عنه  من
                                                  5- ......   ؟. 
      وجدت هذه الكتابة منقوشة على حجر بازلتي / 62×31سم / في أم الجمال في المبنى الذي يسمى الكنيسة المزدوجة مستعملاً كحجر غشيم، وجد في المنطقة. 
      النص غير مؤرخ، نشره ليتمان، وقدر تاريخه بالقرن السادس الميلادي، وإذا تأملنا رسم حروفه وخاصة ( الراء ) و                  ( الدال ) و( الباء ) في أول الكلمة وفي آخرها، وجدنا آثار الخط النبطي المتأخر واضح، بينما النصوص الذي ستأتي بعده ستكون متطورة تماماً، لذا يمكن تأريخه بالقرن الخامس الميلادي أو قبل ذلك بقليل. 
      بالرغم من وجود اسمين علمين،والثاني ذو مرتبة رفيعة، فإننا لم نهتدي بعد إلى هويتهما.
 6ـ  كتابة أسيس: جبل أسيس حرة بركانية واسعة تقع شرق دمشق على بعد / 105كم / على خط مستقيم. 
      أكبر فوهة بركانية قطرها بين / 1.5-2كم / تتشكل فيها بحيرة في موسم الأمطار، ويقوم في الجهة الشرقية قصر بناه الوليد بن عبد الملك / 70×70م / يجمع إلى جواره عدد من الدور الفقيرة وجامع، وتوضع في سفح الجبل من الناحية الجنوبية حي كبير فيه دور جيدة ودور فقيرة. 
      قامة بعثة ألمانية برئاسة الدكتور كلاوس بريش بالتنقيب في المباني بين سنتي                           / 1962- 1964م / وقد جاب مع هذه البعثة الدكتور محمد أبو الفرج العش ممثلاً عن المديرية العامة الآثار والمتاحف، المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، فوجد منقوشاً على جلاميد الصخر البازلتي عدداً كبيراً من الكتابات الصفوية المحورة من الخط المسند اليمني، ورسوماً حيوانية وإنسانية، وكثيراً من الكتابات العربية من العهد الأموي، بعضها مؤرخ،  وكان من ضمن الكتابات الهامة هذه الكتابة، والتي قدر الدكتور أنها تعود إلى ما قبل الإسلام بالرغم أنه لم ينتبه إلى أنها مؤرخة بالتقويم النبطي / 423 / وهو يعادل / 528م /. 
      وقد لفظ نظره إلى التاريخ بعد النشر الأول الأستاذ الدكتور غروهمان، فأعاد الدكتور محمد نشرها مع تغييره كلمة ( مُسلَّحَهُ ) حسب توجيهه، ولكن عندما نشر الدكتور غروهمان الكتابة سنة / 1971م / في الكتاب الذي أشرنا إليه سابقاً تراجع عما أوحاه إلى الدكتور محمد، وأخطأ في مفهوم النص. 
وقد لفظ نظره إلى التاريخ بعد النشر الأول الأستاذ الدكتور غروهمان، فأعاد الدكتور محمد نشرها مع تغييره كلمة ( مُسلَّحَهُ ) حسب توجيهه، ولكن عندما نشر الدكتور غروهمان الكتابة سنة / 1971م / في الكتاب الذي أشرنا إليه سابقاً تراجع عما أوحاه إلى الدكتور محمد، وأخطأ في مفهوم النص. 
وهنالك رقم اكتشف في البلعاس شرقي مدينة سلمية مهد للكتابة التدمرية ..فيما بعد.
• مع أطيب تمنياتي بالفائدة المرجوة.

البحث القادم (تطور الخط العربي)

 الباحث:  أ.  حيدر حيدر
ملاحظة :مشاهد /الرقم / المشيرة إلى الأبجديات عندك أرجو أن تنزل وفق ترتيب البحث.
شكرا لتعليقك