pregnancy

حوار مع الباحث في التاريخ " نزار مصطفى كحلة " الجزء الرابع .. ( تتمة 3 )







حوار مع الباحث في التاريخ " نزار مصطفى كحلة " 
الجزء الرابع .. ( تتمة 3 )
....................................................................................

السعي لنشر الوعي التاريخي في عالمنا العربي

السؤال الحادي عشر : عاش وطننا الحبيب مأساة عميقة خلال السنوات السبع التي مضت وتضاربت فيها العديد من الاخبار ، كيف يمكن التأريخ لهذه المرحلة بمصداقية ؟ وماهي الصعوبات المتوقعة ؟

* نزار كحلة : يجب على الانسان في هذه الظروف والاحوال ان يكون موضوعيا وحياديا ، يرى ويشاهد ما يحدث أمامه دون دوافع سابقة يبني عليها آراءه ومواقفه الخاطئة ، فينبغي عليه التوجه الى التقصي والبحث عن الوثائق الحقيقية ، ولا ان ينساق وراء ما تبثه القنوات الاخبارية التي ، في غالبيتها ، تتبنى وجهات نظر محددة ، فعادة ما يتم الترويج له عبر وسائل الاعلام قد لا يكون هو الصحيح 100% ، اذاً ، فالبحث التاريخي في هذا المجال يبلغ منتهى الصعوبة نظرا لعدم وضوح الدوافع والاسباب الحقيقية ، كما أنه من الصعوبة بمكان ان تكشف عما خفي من اتفاقيات وقرارات كامنة تحت الطاولة ، فهذا بحاجة الى عين بصيرة لتتمكن من التأريخ جيدا لهذه المرحلة ، فالتارخ ههنا ربما كان ليكتب بشكل أفضل بعد مضي سنوات عندما يتم الافراج والكشف عن الوثائق التي تروي الحقيقة بالاضافة للحاجة الى الامكانيات اللوجستية ، بمعنى القدرة على التواصل مع مراكز الابحاث ، وكذلك مع الشخصيات السياسية الكبيرة المالكة لتلك المعلومات الحقيقية ، لكن باعتقادي أن التأريخ للمرحلة التي نعيشها حاليا وما حدث في سوريا من انتصار للجيش العربي السوري قد ثبت على أن وجهة نظر هذا الجيش هي من كانت اقرب للحقيقة .

السؤال الثاني عشر : في أثناء سردك السلس للوقائع التاريخية ، قمت بالتفسير والاستنتاج كما انك أدليت بآرائك بوضوعية ، فهل جاءت هذه الاراء من خلال مماثلة هذه الوقائع بما نشهده اليوم من أحوال ، ام أنها تمت ملاحظتها من قبل مؤرخين جعلوها مدركة ومعلبة بشكل مسبق ؟ 

* نزار كحلة : يجب في البداية تحليل الاحداث والنظر فيها لمعرفة اوجهها المختلفة والتعاطي معها بصدق لكشف حقائقها ونتائجها ، ومن ثم تأتي مقارنتها بما يجري في العصر الحالي ، هنا تحضرني المقولة التالية عن التاريخ : اذا أردت ان تعلم ماذا يحدث في العصر الحالي عليك ان تقرأ التاريخ جيدا ، ان هذه الفكرة صحيحة ، لكن بعبارة اخرى أقول : اننا نستطيع تفسير التاريخ أحيانا من خلال الاحداث الحالية ، أي بحالة عكسية ، فعندما أفكر بشكل جيد وبتحليل منطقي للوقائع الحالية التي تحدث الان فذلك يرسم لي الخط الواضح لسير احداث الوقائع الماضية واسباب حدوثها وتكشف ماهي نتائجها ، وفي ذات السياق ، عندما اتكلم حاليا عن الدوافع الشريرة للدول التي تؤدي الى حدوث النزاعات التي استطيع من خلال ادراكها ان افهم بعض النزاعات السابقة التي كان يصعب علي استيعاب مغزاها . ان في هذه القضية صراعا وجدلا ، فلا يمكن فصل الماضي عن الحاضر ولا فصل الحاضر عن الماضي ، لكن بكلا الحالتين لا يمكن القيام بهذه المقارنة ممن يدعون العمل في المجال التاريخي فقط لقراءتهم لبعض الكتب ، وهنا أوجه لهؤلاء الرسالة .. ليس كل من قرأ بعض الكتب التاريخية من زاوية ثقافية وللاطلاع فقط فانه ليس قادر على القيام بالبحث التاريخي ، اطلاقا ، فهو يحتاج الى دراية وعمق اكثر واعتناق الطرق المنهجية في عملية البحث كما يحتاج الى ثقافة تاريخية شاملة ليست انتخابية  وليست انتقائية ، ولكن للاسف انهم يقومون برفدنا بنتائجهم البائسة .

السؤال الثالث عشر : كيف يمكننا الارتقاء بحركة التأريخ والبحث بشكل عام ؟ وما هو واجب الحكومة في هذا الخصوص ؟

* نزار كحلة : بلغ التاريخ كعلم من الاهمية أقصاها لدى الدول المتقدمة ، فلو ألقينا نظرة على البعثات التنقيبية عن الاثار التي تجوب انحاء الارض لوجدناها وفي اغلبها بعثات أجنبية تهتم بالتاريخ وتقدر خطورته ، ومن هنا علينا الارتقاء بعلم التاريخ والبحث عن تاريخنا الحقيقي للرد على منتقدي علم التاريخ في عالمنا والمطالبين بالقطيعة معه ،  فكم نحتاج الى بث والقاء حلقات التوعية والندوات بين شرائح المجتمع المختلفة حول أهمية التاريخ ودوره في تقديم العبر التي تهدينا الى الطريق الصواب ، والحفاظ على هويتنا المتمثلة بالآثار والارث الحضاري والحقيقي ، وكذلك عبر الارتقاء بمستوى التعليم وبخاصة في مادة التاريخ وتقديم كافة الوسائل المطلوبة لذلك ، من كتب ومراجع ومصادر ودور البحث التاريخي ، اضافة الى رفع مستوى التعليم في مادة التاريخ في المراحل الابتدائية او الثانوية وعلى الاخص في المرحلة الجامعية ، واعداد مناهج جيدة ومدرسين أكفاء للقيام بواجبهم على الشكل المطلوب ، وكل ذلك بالطبع يقع على عاتق الحكومة ، فهي المسؤولة أولا وأخيرا عن تأمين كل ما يتطلبه ذلك بغية الارتقاء بالبحث التاريخي .

( تمت ) ...
رؤى حيدر الشعراني
شكرا لتعليقك