قراءة في انتهاء ازمة المحروقات
.......................................................................................
.
بتاريخ 21/4 كتبت مقالا بعنوان الوقود الذهبي ، أبديت فيه اللوم على الصديق الروسي الذي رأى محنة السوريين في موضوع الوقود ، وقلت فيه أن روسيا لو أرادت حل هذه الأزمة ، لما منعها أحد .. ولكن لها أجندتها الخاصة ، ومن بينها ممارسة الضغط على العناد السوري قبيل انعقاد مؤتمر ( الدستور السوري ) في أستانا .
.
وجاءت التعليقات : بعضها يؤيد كلامي ، وبعضها يبرر بموضوعية
لكن نبهني أحد الأصدقاء أن هناك من رد عليَّ ردا مبطنا ممن لم يدلوا بدلوهم في صفحتي باعتبار أننا أصدقاء ، فكتب على صفحته أبشع الصفات والتهم وألصقها بمن ينتقد الدور الروسي ، معتبرا ( أن هذا السلوك يفتقر للوجدان من ناس عاملين حالهن وطنيين ).. منهيا كلامه بعبارة ( ياعيب الشوم ) ..
بحيث يصبح المطلوب أن نمشي وراء صاحب المنشور معصوبي الأعين كمن تعتعته الخمرة ..
.
لكن الملفت أن جاءتني هذه الرسالة من أحد الأصدقاء لتكشف الخفايا بالتواريخ والأرقام والأسماء موضحة الضغوط ولعبة المصالح التي أشرت إليها والتي تأتي ردا على من قال : ياعيب الشوم .. تقول الرسالة :
.
[ قراءة في انتهاء ازمة المحروقات
.
انتهت معظم العمليات العسكرية على الارض السورية وبقيت في الواجهة معركة رئيسية واحدة. هي معركة استعادة ادلب. اما باقي المناطق فهي متروكة للحل السياسي النهائي . واخص بالذكر المناطق التي تستولي عليها قوات قسد او المناطق التي يستولي عليها الجيش التركي ..
.
لكن هنالك مسألة خلافية رئيسية في الحل السياسي. تتمحور حول الدستور الجديد واللجان الدستورية حيث بدت سوريا غير موافقة على المقترحات المقدمة اليها والتي تتعلق بنقل جزء كبير من صلاحيات رئيس الجمهورية الى رئيس الوزراء. .. والمتفق عليه ( رئيس الوزراء ) مبدئيا ان يكون مقبولا او مرشحا من الطرف الامريكي التركي السعودي الاسرائيلي. وقد بدا ان الروس موافقين على التعديلات وتعهدوا بإقناع القيادة السورية بالقبول .. مع احتفاظهم أن. يكون الرئيس هو من يرشحونه وموافقين ان يبقى الأسد هو الرئيس ...
.
لكن القيادة الروسية اصطدمت بموقف حاسم لم تكن تتوقعه من القيادة السورية .. مفاده أن سوريا لن تقبل بالخصخصة الوزارية ولبننة سوريا لنحصل على طائف سوري. كما ان ايران وحزب الله كانا بداية يؤيدان الموقف السوري ..
.
هنا اشتدت الضغوط على القيادة السورية من أجل القبول لأن الغرب لن يقبل بهزيمته عسكريا فانتقل الى المعركة السياسية والاقتصادية واحكموا الحصار الاقتصادي على سوريا بشكل موجع جدا .. وفي هذه الأزمة وقف الجانب الروسي متفرجا لا يتدخل في كسر الحصار مع ان روسيا بامكانها كسره .. فصارت تساهم بالضغط على السلطات السورية من اجل القبول بتعديل الدستور. ..
.
وقد ساهمت كل الاطراف التي تملك منافذ الوصل الى سوريا في تضييق الخناق علينا . و لم يبق امام السوريين من النفط سوى استخراج عشرين الف برميل من نفطهم وتكريره في مصفاة حمص. وهي نسبة لا تعادل سوى 15 بالمية من متطلبات السوق المحلية. اضافة الى التصعيد العسكري من قبل العصابات الارهابية في ادلب وبقاء الروس الى حد بعيد لا يتدخل طيرانه في ضرب تلك المجموعات إلا لماما .
.
لم تستطع ايران ايصال نفطها ، كما لم يسمح للصهاريج العراقية بالعبور بالرغم من محاولات الحشد الشعبي العراقي في ايصال الصهاريج الى سوريا ..
.
امام هذا الضغط الكبير جاءت الاشارات من ايران الى القيادة السورية اننا عاجزين على دعمكم. ونقترح تليين الموقف ، فأبدت دمشق بعض الليونة ، وبناء عليه. تمت الخطوات التالية وانفرجت الازمة خلال ساعات .. حيث بدأت التصريحات بان الازمة ستحل خلال عشرة ايام ...
.
كيف سارت الامور بعد ذلك ..؟
.
- الاثنين 15 ابريل الساعة الحادية عشرة صباحا روسيا تتلقى الرد السوري بقبول بعض - الشروط وقبول اعادة صياغة الدستور. وتعديل بعض المواد في الدستور المزمع مناقشته
- الثلاثاء 16 ابريل. السماح لناقلة نفط تحمل 30 الف طن من النفط الخام بالتوجه الى ميناء بانياس النفطي ( سماح بالقطارة ) .
- الاربعاء 17 ابريل. مباحثات سورية مع وزير خارجية ايران محمد جواد ظريف . تبلغ القيادة السورية انها لا تمانع التوجه الى مناقشة الدستور الجديد .
- الخميس. 18 ابريل محمد جواد ظريف في تركيا. للاتفاق على مرور النفط من المضائق التركية
وتزامن ذلك مع مباحثات روسية اميركية ومناقشة شروط امريكا لوقف الحصار عن سوريا .
.
- الجمعة 19 ابريل. جمهورية القرم تعلن انها ستزود سوريا بالمشتقات النفطية والقمح .. ( دون اعتراض من أحد )
- السبت 20 ابريل. وصول نائب رئيس الوزراء الروسي مبعوثا خاصا من بوتين للقاء الرئيس الاسد والتباحث بخصوص مرفأ طرطوس واستئجاره من سوريا لمدة 49 سنه. . ليكون هو المرفأ الروسي. والذي ستصل اليه شحنات النفط. وبأنه ارض روسية. ومنه تدخل كافة المواد المعيشية الى سوريا.
.
- السبت 20 ابريل انطلاق ناقلات النفط من القرم. وعدد كبير من الصهاريج بمعدل 300 صهريج يوميا من العراق الى سوريا.
- الاحد. 21 ابريل تصريح سعودي ايجابي تجاه سوريا .. رافقه تصريح إيجابي من المعارضة ( على لسان رئيسها نصر الحريري ).
- الاحد 21 ابريل وصول صهاريج من البنزين من لبنان والاردن من مادة البنزين 95 اوكتان. بناء عليه تم اضافة ثلاث محطات متنقلة بدمشق. ( صار الخير كثيرا )
- الاحد 21 ابريل. اعادة تشغيل مصفاة بانياس. لتكرير النفط.
.
- الاثنين 22 ابريل. تزويد كافة محطات دمشق بالوقود والعمل 24 ساعة. حيث انحسرت الطوابير عن الكازيات واصبحت مع الساعات الاولى ليوم الثلاثاء. .. لا تزيد عن خمسين متر بدلا كيلو متر في افضل الحالات.
وهكذا نستطيع القول ان ازمة المحروقات تم حلها. ولا ننسى ان هنالك ملفات كثيرة. ستفتح قريبا. ]
.. انتهت الرسالة .
.
اليوم 26 إبريل أعلن البيان لاجتماع أستانا (12) عن فشل مهمة لجنة الدستور ( ربما تريد المعارضة تنازلات أكثر ) .. فهل سنشهد المزيد من الملفات والمزيد من الضغوط في الأيام المقبلة ؟
.
لا أحد ينكر .. حتى الأعمى أو المختل عقليا الدور الروسي الإيجابي في سورية ، ولكن " العاقل " لا ينكر أيضا أن المساعدة الروسية لم تكن عملا خيريا خالصا خاليا من المصالح المتبادلة .. ودائما يكون العتب على قدر المحبة والشفافية بين الأصدقاء . . فضغط العالم كله لا يوجعنا ولا نقول له آخ لكن الضغط الروسي على الجبهة الداخلية يوجعنا ونقول له آخ .. وقد عبرت الطوابير في الشوارع عن هذه الآخ الموجعة بعالي صوتها منذ أيام
الصحفي احسان عبيد
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء