عندما ننظر عن كثب ، إلى حال المجتمعات العربية و الاسلامية
.......................................................................................
نلاحظ أننا نظلم بعضها ، عندما نشملهم جميعا بوصف واحد أو بدراسة واحدة غير تفصيلية و متمايزة … فالواقع أن بعض هذه المجتمعات طوعت النص الديني و روضته ليتناسب مع متطلبات الحياة الحديثة التي فرضت نفسها على الساحة الاجتماعية و الثقافية … و بالمقابل بقيت بعض المجتمعات الاسلامية ملتزمة إلى حد كبير بتفاصيل النص ، و يبدو أن الأمر يعود إلى أسباب اقتصادية و سياسية و إلى صلابة ثقافة المجتمع الأصلية قبل دخول الاسلام إليها …
و كمثال على ذلك نذكر التجربة التونسية الأخيرة ، أقصد ما بعد الثورة ، حيث درس البرلمان قرار المساواة في الميراث بين الذكر و الأنثى في مجتمع تغلب عليه الهوية الدينية الاسلامية ، و يبدي بطبعه احتراما لشريعة هذه الهوية … و عندما بحثت في تفاصيل الأمر ، بدى لي أن المسألة لا تتعدى كونها احتيال اجتماعي على النص الديني ، فالحقيقة أن القرار لا يجبر أحدا على المساواة ، و إنما فقط يسمح بالمساواة و لا يعتبرها مخالفة للشريعة الاسلامية ، فمن يريد أن يساوي يستطيع و من لا يريد يعود إلى حكم الشريعة … و هنا يبدو الأمر لبعضنا بسيطا و ليس له أثر يذكر ، لكن هذه الخطوة تعبر عن تقدم بالغ الأهمية على مستوى العلاقة بين النص و المجتمع ، و قدرة هذا النص على حكم علاقات المجتمع ، فالأثر الذي نتحدث عنه ليس مباشرا و سريعا ، و إنما قد تظهر نتائجه على المدى البعيد ، عندما يتعود المجتمع على المساواة و تترسخ مبادئها في ثقافته حتى لا يمكن لأي نص كان ، دينيا أو غير ديني ، أن يزيحها و يقلل من أهميتها
الاستاذ ماهر رزوق
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء