pregnancy

قصة النبي يوسف عليه السلام وإدارة الأمن الغذائي






قصة النبي  يوسف عليه السلام وإدارة الأمن الغذائي
......................................................................................

تُمثِّلُ أعظم تطبيق لاستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة ...حيث استبصرَ يوسفُ عليه السلام، أن مصرَ ستواجهُ أزمةً اقتصادية طاحنة متزامنة مع تغيرات مناخية، فأنبأَ صاحبه، بأن مصر ستمرُّ بسبع سنين من الخصب والنماء والاكتفاء الذاتي في المحاصيل والمزروعات، ثم تواجهُ بعد ذلك سبع سنين عجاف من القحط والجفاف .
 فما هو الحل الذي قدمه للملك؟ 

في تفسيره و تأويله لرؤيا الملك ، وكما ورد في القرآن الكريم في سورة يوسف :
(يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49))....

 وضع النبيُّ يوسفُ استراتيجيته لإنقاذ مصر قبل 7 سنوات من الجفاف. ومن خلال رؤيته  الثاقبة وتوقعاته ؛ جسَّدَ يوسفُ شخصيةَ الاقتصادي الزراعي العظيم؛ كقائد ومدير ومثال الصدق والإخلاص في حب الوطن.

قال : " تزرعون سبع سنين دأبا "  أي بشكل دائب. " فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون".. أي تأكلون كفايتكم من القمح والمحاصيل، ثم تتركون الباقي في سنابله دون حصاد، حتى لا يتعرض للعفن أو السوس أو الفساد أو الفقد.
وأضاف : " ثم يأتي بعد ذلك سبعٌ شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون" . فأخبرهم بأن السنوات السبع التالية يمكن مواجهة قحطها وانقطاع الماء والجفاف فيها بتناول ما تبقَّي في السنابل، وبشَّرهم بأنه سيتبقى لهم منها ما يدخرون أيضا..." 
إلا قليلا مما تحصنون". 

وهكذا: خرجتْ مصرُ بتفكير النبي يوسف عليه السلام من أتون أزمة اقتصادية ( بالتفكير الرشيد ، وحُسن التخطيط، وسلامة الإدارة..)
 دون أن تتكلف خزينة الدولة أي أعباء، ودون أن يشعر الفقراء بأي متاعب، ودون اعتماد سوى على الموارد الذاتية.
ولم يكتف يوسف عليه السلام بذلك، بل زادهم من علمه، بشارة أخرى جميلة.. لم يطلبوها، ولم تكن في الرؤيا، وذلك بقوله لهم:
 " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يُغاث الناس وفيه يعصِرون". حيث الإغاثة والعصير والنماء والخصب والحصاد الحلو في العام التالي، إذ تتحقق المعادلة الاقتصادية الناجعة، وهي أن :
" الإنتاج يكفي الحاجة.. وزيادة".

والخلاصة من النموذج الذي قدمه نبي الله يوسف لحل المشكلة الاقتصادية لمصر، هي أنها لم تكن أبداً في قلّة الموارد، وبالتالي لم يكنْ حلُّها في المعونة الخارجية.
الحل  يكمن في( حسن التخطيط للمستقبل، وفن إدارة الموارد، وتنظيم الأوقات والسنين، وتوظيف العمال والخامات، وتحقيق الاكتفاء في المحاصيل والمزروعات). بالإضافة إلى التسلح بشئ من الخيال، والتفكير خارج صندوق "الأنظمة السابقة".

  تقول لنا القصة: أن نبيَّ الله يوسفَ لم يتعامل على أنه نبيّ في حل مشكلة الأمن الغذائي .. فلو تعامل على أساس ذلك، لدعى ربه بأن ينزل المطر، ولكنه تعاملَ  بطبيعته البشرية، واستخدمَ مفهوم العلاقة السببية في آليات صنع القرار، وقامَ بتعظيم العمل والتخطيط لمواجهة الأزمة التى مرَّتْ بها مصر.
 لذلك يجب علينا إحياء هذا الجانب في فن إدارة الموارد .. الآن، لأننا بحاجة كبيرة له. أن يوسف عليه السلام، تعامل بصفته البشرية وليست النبوية، وهو من قال فى وقته: " ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" .

هذا يعتبر أروع مثال عن عمق التكيُّف؛ مع محاربة ظواهر الفقر والجوع ونقص الغذاء... 
هل من يتعظ....؟؟!!

مراجع ومصادر متنوعة...

طابت سهرتكم الرمضانية...
١٠ أيار ٢٠١٩ 

نورالدين منى
شكرا لتعليقك