الحرب العالمية الأولى (٨)
الحرب البحرية
.......................................................................................
خدم مُعظم البحارة على متن السفينة الحربية السطحية خلال الجزء الأول من الحرب. وخطط قادة البحرية فور بدء الحرب لمعركة مُحيطية كُبرى بين الأسطول الإنجليزي الضخم وأسطول أعالي البحار الألماني. شعر الأميرالات الإنجليز بالقلق من أسلحة جديدة كالألغام والغواصات من الممكن أن تُعيق حركة أساطيلهم في حال تحركت بعدوانية شديدة، ولم يكن الأميرالات الألمان بمجموعتهم الأصغر من السفن الحربية الرئيسية كالبوارج والطرَّادت بأقل حذر، إذ ترددوا في تحدي القوات البريطانية المتفوقة. وقد ناورت وحدات الأسطول البحري بما فيها السُفن الرئيسية الكبرى وفي بعض الأحيان ناوشت في بحر الشمال. غير أن التجربة الأكثر شيوعًا بالنسبة إلى البحَّار العادي كانت تتسم بالملل والضجر. وفي بعض الأحيان أقحم البحارة أنفسهم في شجارات في الشوارع مع المدنيين حينما كانوا يوبخونهم ساخرين بسبب عجزهم عن جرِّ الألمان للقتال.
لقد كسرت المواجهات العرضية هذا الضجر، إن الشعور بالحذر من قبل قادة الأسطولين جعل قيام أحد البوارج بإطلاق النار على السفن الأخرى مشهدًا نادر الحدوث. وقد تقابلت مرارًا سفن حربية ذات أحجام وقوى غير متكافئة في معارك مع سفن أصغر حجمًا وقوتها المدفعية أقلُّ مميتة.
قبل العام 1914 لم يكن قادة البحرية متأكدين من مدى فعالية السلاح الجديد وذلك لأن الغواصات لم تكن قد استُعملت في القتال من قبل. واعتقدت الغالبية العُظمى أن مثل هذه المراكب المعدة للإستخدام تحت الماء يمكن أن تخدم في أفضل حالاتها كقوارب استطلاع لدعم السفن الكبرى الرئيسية. ومع ذلك فقد بدأت الغواصات بمهاجمة سُفن الملاحة التجارية منذ الأيام الأولى للحرب. كانت الغواصة النموذجية خلال الحرب العالمية الأولى يبلغ طولها زهاء مائتي قدم، وتحمل من خمسة إلى عشرة طوربيدات، وطاقمًا مكونًا من ثلاثين جندي، وكانت تُدفع إلى السطح بواسطة محركي ديزل يعيدان شحن المحركين الإلكترونيين اللذين يشغلان الغواصة تحت الماء. ولأن المحركات الإلكترونية تعمل لفترات قصيرة، لم يكن بمقدور الغواصات البقاء طويلًا تحت الماء. فكانت القوارب تجوب فوق سطح الماء وغالبًا ماتنفِّذ هجماتها هناك. وعندما تصعد الغواصة إلى السطح تُطلق النار من واحد أو اثنين من المدافع المثبتة على سطحها،مما يمكنها من إغراق السفن الأخرى دون أن تستنفذ مخزونها من الطوربيدات.
في بداية الحرب، كان للإمبراطورية الألمانية طرادات منتشرة في جميع أنحاء العالم واستخدمت بعضها لمهاجمة السفن التجارية للحلفاء. تعقبت البحرية الملكية البريطانيةالسفن الألمانية. فعلى سبيل المثال فقد كان الطراد الألماني SMS Emden جزءًا من الأسطول البحري المتمركز بشرق آسيا فيتشينغداو قد دمَّر وأوقف 15 من السفن التجارية التابعة للحلفاء، كذلك إغراقه للطراد الروسي والمدمرة الفرنسية. تألف أسطول شرق آسيا الألماني من طرادات مدرعة منهاSMS Scharnhorst ،SMS Gneisenau، طرَّاد صغير SMS Nürnberg وSMS Leipzig، إضافًة إلى سفينتي نقل لم يكن لديها الأوامر للمهاجمة.
غرق الأسطول الألماني الصغير مع إثنتان من الطرادات المدرعة في معركة كورونل. في 1 ديسمبر 1914 كاد بقية الأسطول الألماني أن يدمر في معركة جزر فوكلاند مع بقاء دريسدن وعدد من السفن الإحتياطية فقط، ولكن في معركة ماس تييرا دمرت تمامًا أو تم القبض عليها. في تلك المعركة قُتل ثمانية جنود وأصيب 29 جندي وتمكن معظم طاقم السفن الهرب.
بعد فترة وجيزة من اندلاع الأعمال العدائية فرض البريطانيون حصاراً بحريًا على ألمانيافور انطلاق الحرب العالمية الأولى، حيث قامت البحرية الملكية بإغلاق مداخل كل من بحر الشمال وبحر المانش، بالإضافة إلى وضعالألغام في بحر الشمال، مما منع البحرية الإمبراطورية الألمانية من الوصول إلىالمحيط الأطلسي، كما منع السفن التجارية المحايدة من التوجه إلى أو من ألمانيا. استمر هذا الحصار ثمانية أشهر بعد انتهاء الحرب بهدف إجبار ألمانيا على توقيع معاهدة فرساي.يذكر أن ذلك الحصار انتهك القانون الدولي للعديد من الإتفاقيات الدولية التي تم الإتفاق عليها في القرنين الماضيين. بما أن الاستجابة لتكتيك الألغام كانت قليلة توقع الألمان نفس الاستجابة في حرب الغواصات التي بدأها كانت الهجمات التي شنتها الغواصات الألمانية على السفن التجارية أكثر التهديدات التي واجهتها البحرية الملكية خطورةً. في بداية الحرب، كانت هذه الحملات الألمانية مقيدةً بقواعد الحرب البحرية التي تمنع ضرب السفن التجارية قبل تحذيرها وإخلائها، لكن الألمان تخلوا عن تلك القيود عام 1915 وبدؤوا بإغراق السفن التجارية عشوائياً، قبل أن يعودوا مرةً أخرى للإلتزام بقواعد الاشتباكبهدف استرضاء الرأي المحايد. أثار استئناف حرب الغواصات المفتوحة عام 1917 بهدف تجويع بريطانيا وحلفائها احتمالية حملهم على الخضوع، خصوصاً من أن رد فعل البحرية لهذا الأسلوب الجديد في الحرب لم يكن كافياً بعد رفضها لتبنّي "نظام القوافل" وترافقهاالمدمرة طوال رحلة السفر البحرية، مع أن هذا النظام أثبت فاعليته في حماية السفن. دخل هذا النظام حيّز التطبيق بعد ذلك وساهم بالحد من الخسائر بشكل كبير حتى أصبح تهديد الغواصات الألمانية تحت السيطرة.
في 24 يانير من عام 1915 وقعت معركة دوغر بين الأسطول الألماني والأسطول البريطاني في بحر الشمال، كانت نتيجها غرق السفينة الألمانية SMS Blücher، وبينما كانت تغرق توجهت السفينة الحربية البريطانية نحوها في محاولة لإنقاذ الناجين من الماء، ولكن المنطاد الألماني زبلين قد ظن أن السفينة الغارقة هي إحدى السُفن البريطانية لذا قام بإطلاق القذائف على المدمرة الغارقة. اختلفت أعداد الإصابات؛ فقيل أن 747 من الجنود القتلى انتُشلوا من الماء. بينما قالت المصادر الألمانية الرسمية أن 792 رجلًا قد مات عندما غرقت السفينة الحربية.[100] و ذكرت الوثائق البريطانية الرسمية أن 234 رجلًا على الأقل قد نجا من أصل طاقم مكون من 1,200 رجل.
في أبريل 1915 كتب البحَّار الألماني ريتشارد سميث الذي خدم على متن بارجة حربية فيأسطول أعالي البحار في يومياته قائلًا: «لم أعد أهتم إذا ماشرعنا في القتال أم لا... الواحد منَّا بإمكانه التعود على أي شيء لكن من الشاق جدًا أن تبقى مُنتظرًا طوال الوقت مُدركًا أن قوتنا الهائلة تُهدر».
كانت معركة جوتلاند (31 مايو 1916) من أكبر المعارك البحرية في الحرب العالمية الأولى، وقعت في بحر الشمال بين الأسطول الألماني والإنجليزي. لقد غرقت ثلاثة طردات مدرعة من الأسطول الإنجليزي بعد تلقيها ضربة مباشرة بالقذائف المدفعية في مخازن ذخيرتها في السفن وتسببت في نسف السفن وطاقمها. كانت معركة جوتلاند هي الإلتحام الكبير الذي طال إنتظارة بين الأساطيل العظيمة، حتى تلك اللحظة لم يكن أي من البحَّارة قد واجه النوع الممتد من القصف الذي وجهه البريطانيون نجو الجنود الألمان في الأسابيع القليلة الأخيرة التي سبقت معركة السوم.
يتبع............ويكيبيديا
الصورة : ديفيد لويد جورج رئيس وزاء المملكة المتحدة في فترة النصف الثاني من الحرب
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء