pregnancy

محمد مهدي الجواهري في سطور




حدث في مثل هذا اليوم 26 تموز
ولادة الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري 1899
.................................................................................................

خيال مهدي الجواهري 
الموسوعة العربية
http://www.arab-ency.com/detail/3663

محمد مهدي الجواهري (1317ـ1418هـ/1899ـ1997م)، من أعلام شعراء العراق في العصر الحديث، ولد في مدينة النجف الأشرف التي تعد أهم مركز ديني وثقافي في العراق، لأسرة عريقة عرفت باهتمامها بعلوم الدين والأدب والشعر. وكان جده لأبيه الشيخ محمد حسن أحد أعلام الفقه في عصره، استطاع أن يتبوأ مكانة مهمة في مطلع القرن الثالث عشر الهجري ويغدو مرجعاً دينياً أعلى وذا مكانة مرموقة، وقد ألف كتاباً قيماً، موسوعة للدراسات الفقهية سماه «جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام».
درس النحو والصرف والبلاغة والفقه ونظم الشعر وهو في السادسة عشرة من عمره.
كتب أول قصيدة نشرت في جريدة العراق عام 1920 بعنوان «الشاعر المقبور» وأطلقت عليه الجريدة لقب «نابغة النجف» وفي الذكرى الأولى لثورة العشرين نظم قصيدته المشهورة «الثورة العراقية»:
لعلَّ الذي ولى من الدهر راجع
          فَلا عيش إن لم يبق إلاّ المطامع
غُرور يمنينا الحياة: وصفوها
          سراب وجنات الأماني بلاقع
 وتوالت قصائده الداوية ضد الظلم والتسلط والتخلف والجهل، النابضة بحب الشعب والوطن، والمسكونة بأوجاع الفقراء والمحرومين، كل ذلك بأسلوب شاعري أخاذ وبلغة مؤثرة استمدها من حضوره للمجالس الأدبية برفقة أبيه، والمناخ الثقافي الذي كان يحيط به، ومن قراءاته ومطالعاته المستمرة لخيرة الكتب التي احتوتها مكتبة جده لأمه آل كاشف الغطاء حينذاك، وما يقع تحت اليد من دواوين لشعراء الجاهلية، عمل الجواهري مدرساً بين عام 1927 -1930، وأصدر أول ديوان بعنوان «حلبة الأدب»، ومن ثم ديوان «بين الشعور والعاطفة»، فأخذ يستقطب الاهتمام والانتباه، حتى اختير للعمل في «البلاط الملكي» بيد أنه لم يستمر طويلاً في عمله هذا فقد استقال بعد الأحداث السياسية الملتهبة.
وقف إلى جانب المرأة ودافع عن حقها في التعليم والتحرر، ورفع صوته عالياً لتعليمها، بدعوته لافتتاح مدرسة للبنات في النجف.
عَلِّموها فقد كفاكُم شَنار
          وكَفَاهَا أَنْ تَحسبَ العِلمَ عَارا
وقد نشرت القصيدة في بداية شهر آب عام 1927.
وللجواهري قصائد غزلية تنبض بالحسن والجمال والمشاعر الرقيقة الفياضة، وفيها من الجرأة والصراحة والتمرد ما يفوق التصور في تلك الأيام، وقد أثارت من الضجة الكثير كما هي الحال في قصيدة «جربيني» التي نشرت في جريدة «العراق» عام 1929.
أصدر أول صحيفة باسم «الفرات» عام 1930، صدر منها عشرون عدداً ثم توقفت، بعدها أصدر صحفاً أخرى بعنوانات متنوعة وهي «الانقلاب»، و«الأوقات البغدادية»، و«الثبات»، «الجهاد»، «الرأي العام»، والأخيرة استمرت مدة طويلة، وعرفت بمقالاتها الانتقادية اللاذعة للأوضاع السياسية المتردية والظواهر السلبية التي تنخر كيان المجتمع العراقي.
في عام 1944 وبمناسبة مرور ألف عام على رحيل أبي العلاء المعري أقيم في دمشق مهرجان شعري ووجهت له دعوة فلباها وألقى قصيدته المشهورة:
قفْ بالمعرّة وامسَح خدَّها التَرِبا
          واستوح من طوق الدنيا بما وهبا
في أواخر الأربعينات حين تواصل نضال الشعب العربي العراقي للحؤول دون عقد «معاهدة بورتسموث» الجائرة بحقه واستقلاله، اندلعت شرارة الغضب الجماهيري معلنة الوثبة البطولية وثبة كانون المجيدة عام 1948، حيث نشبت مواجهة بطولية بين الجماهير الزاحفة وبين أعوان النظام الملكي آنذاك، سقط على أثرها عدد من الشهداء ومن بينهم شقيق الشاعر الجواهري «جعفر» فما كان منه إلا أن صب جام غضبه على القتلة وألقى قصيدته المشهورة «أخي جعفر».
وبسبب من مواقفه الوطنية المشرفة وقصائده اللاهبة والمحرضة للجماهير تعرض للاعتقال عام 1951، وزج في سجن «أبو غريب». وبعد خروجه من السجن سافر إلى مصر والتقى عميد الأدب العربي طه حسين ونشأت بينهما علاقة حميمة، وفي هذه الأثناء تأتي قصيدته «مصر» لؤلؤة فريدة في دلالاتها وصورها الأخاذة.
يا (مصرُ) تَستبق الدُهورَ وتعثرُ
          و(النيلُ) يزخرُ والمسلَّةُ تزهرُ
تتجاوز قصائده الهم الوطني إلى ما هو قومي وإنساني، وكلما داهم الخطر هذا البلد العربي أو ذاك وتعاظم نضال الجماهير في الدفاع عن حقوقها، كان الشاعر سباقاً في تعاطفه مع تلك النضالات، ينشد لفلسطين أحلى أشعاره النابضة بالآلام، فيكتب «فلسطين الدامية» ومنها:
يا أمة لخصُوم ضدها احتكمت
          كيفَ ارتضيتِ خصيماً ظالماً حَكَما؟
وكذلك فعل حين شهد المغرب العربي، نضالاً مستميتاً من أجل الاستقلال والتقدم والتحرر. وللجواهري قصائد تحيي نضالات الشعوب من أجل حريتها وسيادتها واستقلالها.
في عام 1956 وجهت إليه دعوة للمشاركة في الذكرى الأولى لتأبين الشهيد «عدنان المالكي» من قبل قيادة أركان الجيش السوري، فألقى قصيدته المشهورة:
خلَّفتُ غاشيةَ الخنوعِ ورائي
          وأتيتُ أقبِسُ جمرةَ الشهداءِ
ودرجت في درب على عنت السُّرى
          ألق بنور خطاهم وضاءِ
وعلى أثر هذه القصيدة أقام في دمشق مع أسرته بمنطقة «سبع بحرات» في ضيافة الجيش السوري، ثم عاد إلى العراق عام 1957. وحين اندلعت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 أنشد قصيدة «جيش العراق» ممجداً ومباركاً هذه الثورة التي افتتحت عهداً جديداً في تاريخ العراق المعاصر، وتقديراً لمكانته الأدبية والثقافية تم اختياره رئيساً لاتحاد الأدباء العراقيين ونقيباً للصحفيين... وترأس الوفد المشارك في المؤتمر الرابع لاتحاد الأدباء العرب في الكويت.
ومع اشتداد الصراع الطبقي بين القوى التي فجرت ثورة الرابع عشر من تموز، تعرض إلى الكثير من المضايقات والمنغصات، وحين وجهت له الدعوة لحضور مهرجان شعري بمناسبة تكريم الشاعر «الأخطل الصغير» في بيروت عام 1961، غادر العراق إلى بيروت ومنها إلى براغ إثر دعوة اتحاد الأدباء التشيكوسلوفاكيين، حيث التحقت به أسرته وأقام فيها سبعاً من السنين، حافلة بالعطاء الأدبي والشعري والسياسي، وكتب قصيدته الخالدة «يا دجلة الخير» عام 1962. وفي العام نفسه حضر مؤتمر نزع السلاح في موسكو وألقى قصيدته «أطفالي وأطفال العالم».
في عام 1968 عاد إلى العراق، وحين انعقد المؤتمر الثامن لاتحاد الأدباء العرب في دمشق عام 1971 ترأس وفداً من الأدباء إليه، وشارك في المؤتمر التاسع للأدباء العرب في تونس عام 1973.
زار دمشق عام 1978 فاستضافته وزارة الثقافة السورية وأقامت له حفلاً تكريمياً، ألقى فيه قصيدته «دمشق يا جبهة المجد»:
شَممتُ تُربكِ لا زُلفى، ولا مَلَقا
          وسِرتُ قَصدك لا خِباً ولا مَذِقا
يا حاضِنَ الفِكرِ خَلاقاً كأنَّ بهِ
          من نسجِ زَهر الرُبى موشيَه أَنقا
لك القوافي، وما وشت مصارفها
          تهدى وما استنَّ مهديها، وما اعتلقا
وحين اضطربت الأوضاع السياسية في العراق أواخر السبعينات، غادر الجواهري مرة أخرى بغداد وحطّ في براغ التي وهب لها أحلى قصائده، والتي أطالت من عمره (كما قال في قصيدة براها) في عام 1983، وحينما تعرض الرئيس الخالد حافظ الأسد إلى محاولة اغتيال مخفقة، أنشد ومن منفاه براغ قصيدته المعنونة «سلاماً أيها الأسد»:
سَلاماً أيها الأسدُ
          سَلمتَ وتسلمُ البلدُ
وتسلمُ أمةٌ فخرتْ
          بأنك فخرُ من تلدُ
وأنكَ أنتَ موعدُها
          وَفجرُ غدٍ وما يعدُ
وجهت له دعوة رسمية للإقامة في دمشق وبضيافة السيد رئيس الجمهورية حافظ الأسد، ولقي فيها من الحفاوة والتكريم ما يعجز عنه اللسان.
كتب ذكرياته في جزأين (الأول عام 1988، والثاني 1990) فأتت حافلة بما هو ممتع وشيق ومثير، وهي تلقي الضوء على رحلته الطويلة في ميدان الشعر والحياة.
أنجز وهو في العقد الثامن كتاب «الجمهرة»: مختارات من الشعر العربي القديم، الأول عن العصر الجاهلي والثاني عن العصر الإسلامي والأموي، إلى جانب مختارات شعرية أخرى منها: «الأخطل» و«عمر بن أبي ربيعة».
كان لرحيل شريكة حياته ورفيقة دربه «أمونة» عام 1992، أبلغ الأثر في حياته فاستبد به حزن طاغ، ورثاها بقصيدة جميلة تعكس حبه واعتزازه، وقد نقشت القصيدة على قبرها:
ها نحنُ أمونةَ ننأى ونَفترقُ
          والليلُ يمكثُ والتنهيدُ والحرقُ
والصبحُ يمكثُ ولا وجه يُصبحني
          بهِ، ولا بَسمات منكِ تنطلقُ
كرم من قبل السيد الرئيس «الأسد» بمنحه وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة كما نال الكثير من الجوائز المشهورة منها: جائزة اللوتس عام 1975، جائزة سلطان عويس عام 1991، جائزة جبران خليل جبران عام 1993، وكذلك تقلد عدداً من الأوسمة.
 وبرحيله يفقد الشعر العربي واحداً من أبرز أعمدته وعمالقته.
منقول من صفحة الأستاذ: Mahmoud Abdelwahed
شكرا لتعليقك