pregnancy

رجل الشمال ... القضاء المصري وسرير بروكوست






 · 
القضاء المصري وسرير بروكوست :
..............................................................
كان يمكن صياغة حُكمِ الإعدامِ الصادرِ بحقِّ الرئيسِ المصريِّ المُنْتَخَب محمد مرسي ورفاقه بلغةٍ قضائيةٍ محايدة ، تغوصُ في الوقائعِ ، وتعملُ على مواءَمَتِها مع النصوصِ القانونيةِ التي تحتمل ، وعلى طريقة "سرير بروكوست" ، شداً وجذباً على قد المقصَد . 
كان يمكن الاتكاء على الإرثِ الفقهِي الغنيِّ لأهلِ النيلِ ، وبراعتهم في اللَعِبِ على اللغةِ ، لكتابةِ نَصٍّ ينأى ظاهرياً عن السياسةِ حتى وهي تنهشُ أحشاءَه . 
لقد شهِدَ هذا القضاءُ لحظاتٍ مُشْرِقةً حتى في عهود الديكتاتوريات ، وتمكَّن ثلةٌ من رجالِ القانونِ في زمنِ السادات ، في مقدمتهم أحمد نبيل الهلالي ، من كسْبِ طعونٍ انتخابيةٍ ، وإثبات تزويرها ، وصار قوسُ العدالةِ منبراً وطنياً شامخاً قيلت فيهِ أجرأُ كلماتِ الحقِّ في وجهِ سلطانٍ جائر . 
لكن من المؤكدِ أن للصياغةِ الرديئةِ ، وسقوطها الفاضحِ في فخِّ السياسةِ ، وظيفةً إخضاعيةً يرومها المتسلِّط . وهي مسألةٌ تحتاج مقاربةً لسيكولوجية الأخير ، وهو يَمْتَهِنُ رموزَ السيادةِ والاجتماع ويجعلها أداةً مبتذلةً في يده ، أكثر مما تحتاج إلى جدلٍ قانوني . 
مِنْ جَلْبِ القياداتِ الحزبيةِ في المحافظات والمناطق لتعدمَ أبناءَها الذين لُفِّقَتْ لهم تُهمةُ التآمرِ ، حيث قتلَ الأهلُ أولادَهم ، في تخريبٍ متعمَّدٍ لنسيج المجتمع والنواة الصلبة لروابطه وعصبيته . إلى نصْبِ ساحات الدبكة والرقص لعلِّيَّةِ القوم على الهواء مباشرةً ، واستدراجِ بعض ذوي المُغَيَّبين إليها ، كي لا يبقى رأسٌ مرفوع . مروراً بـــ "ثورةِ الطلابِ في السابع من أبريل" حيث جعلَ فريدُ زمانِه ، صاحب النظريةِ العالميةِ الثالثة ، تلامذةَ الجامعاتِ يعتقلون أساتذتِهم ويوجهون الإهانةَ لهم علانيةً ، وهم يحرقون كتبَهُم أمام أعينِهم في ساحاتِ الجامعة ، مرددين التكشيكةَ الليبيةَ الشهيرةَ : "أخرج يا خفّاش الليل ، جاك السابع من أبريل" !
سيرورةٌ مُمَنْهَجَةٌ تقومُ على إخضاعِ العامَّةِ عبر امتهانِ الخاصة . 
ولعل توريطَ المؤسسةِ القضائيةِ المصريةِ ، وهي معقلٌ متقدِّمٌ للمجتمعِ المدنيِّ المصري ، في لعبةٍ قذرة ، وبهذا الإسفاف ، حلقةٌ جديدةٌ في مسلسلِ الأخدودِ العربيِّ السحيق ، ذاك الذي كلما تلامحَ لنا حضيضُهُ أملاً في بدءِ العدِّ العكسيِّ للخروجِ منه ، جاءت الوقائعُ العربيةُ الفاجعة لتثبتَ أنْ لا قاعَ له .
يا ويلنا من التاريخ !


رجل الشمال
16 يونيو، 2015

نورمان الماغوط 

خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
=)D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p
:ng
:lv
شكرا لتعليقك
Loading...