pregnancy

أقدم مدارس العالم









أقدم مدارس العالم 

........................

تتميز منطقتنا السوراقية بكونها أقدم مركز حضاري بشري من تل براك شمالا حتى أورك جنوباً ولا يقتصر هذا التواجد على بناء المدن والمرفقات الخدمية بل يتعداه إلى إنجازات حضارية تحسب لها فتعتبر الكتابة مثلاً إختراعاً خاصاً بهذه المنطقة في جنوب العراق اليوم و الأبجدية الأولى في العالم كانت في أوغاريت في سوريا اليوم. 
هذا الكم الحضاري الذي تمتعت به تلك المنطقة وللأسف نتحدث بصيغة الماضي أنتج إلى جانب اختراع الكتابة و الأبجدية اهم الإنجازات البشرية في المجال التربوي والتعليمي وهي المدارس او البيوت التعليمية .

تستند معرفتنا حول هذه المؤسسات التعليمة على عدد من الاكتشافات الأثرية في مناطق عدة في سورية والعراق كنيبور و أور وكيش وصولاً إلى إيبلا لكن أهم هذه المناطق وأغناها كانت المكتشفات الثرية التي وجدت في نيبور  .
كانت تسمى هذه المؤسسات التعليمية " بيت الكتابة"  أو " بيت الألواح "وردت في التدوينات السومرية باللفظ e₂ -dub-ba-a  إ- دُبَّا فاللفظ e₂ يعني بيت أما DUB-ba-a دُبَّا تحوم الإحتمالات بين " الكتابة"  أو " الألواح الطينية " التي يكتب عليها لكن الكلمة الأكادية المناظرة لهذه الكلمة bīt ṭuppi  بيت - طوبِ ترجح احتمال انه "بيت الطوب" أي "بيت الالواح".  

عموماً هذا اللفظ إ- دُبَّا يقدم لنا احتمالاً قوياً لأصل كلمة "الأدب"  التي تعبر عن أرقى الاساليب الكتابية المختلفة والخاصة بتدوين كافة أشكال ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ الخاصة بعواطف ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻩ وأرائه وتطلعاته .

 تعتبر مؤسسة  إ- دُبَّا eduba هي المؤسسة الاولى في العالم والتي يمكن أن نطلق عليها في يومنا اسم " مدرسة " و التي درّبت وعلمت الكتبة الشباب في بلاد ما بين النهرين القديمة خلال أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد. 
لكن معظم المعلومات المعروفة عن هذه المؤسسة أتت إلينا من النصوص المسمارية التي يرجع تاريخها إلى الفترة البابلية القديمة حوالي 2000-1600 قبل الميلاد. 

- اكتشفت الحفريات الأثرية الآلاف من الالواح التي تحتوي كماً كبيراً من النصوص المدرسية تم العثور على هذه النصوص في المباني الداخلية في مؤسسة  إ- دُبَّا eduba  والتي كانت تقع أحيانًا بجوار بعضها البعض في مكان واحد. 

- كانت وظيفة إ- دُبَّا eduba ذات شقين:

1- كانت مكاناً لتدريب الكاتب وتنمية مهاراته الكتابية ليزاول مهنة الكتابة .
2- تجهيزه لتسجيل الشؤون الحياتية اليومية في المدينة بالإضافة إلى دورها في الحفاظ على  التراث الثقافي الكبير في البلاد .

 - نميز في هذه المؤسسة مرحلتين من التعليم: 

1- المرحلة المبكرة :  حيث يتم تعريف الطلاب على نظام الكتابة المسمارية بالاضافة إلى  المفردات السومرية و القواعد فضلا عن هيكلة وصياغة الجملة. 
و في هذه المرحلة المبكرة يشرف المعلم مباشرة على الطلاب ويراقب أدائهم ويقدم ملاحظاته. 

2-  المرحلة المتقدمة : 
في هذه المرحلة يتمتع الطلاب باستقلالية عندما يتم نسخ النصوص الأدبية المتقدمة فلم يكن هناك معلم مشرف. 
وفي هذه المرحلة يتم التخصص فكل كاتب يتخصص في مجال معين مثل كالشؤون الإدارية المتعلقة بالمسائل القانونية وإدارة القصر أو يتخصص في النصوص الادبية المتعلقة بالتدوينات الدينية الخاصة بالمعبد وما إلى ذلك .
المحتمل أن الطلاب في eduba بدأ تعليمهم منذ صغرهم وقد كانوا في المقام الأول من الذكور وهذا لا يعني عدم وجود كتبة إناث فالتاريخ في مجتمع بلاد ما بين النهرين القديم يشهد بوجود كتبة إناث ومنهم شاعرات كأول شاعرة في البشرية وهي إنخيدوانا وسبق ان تكلمت عنها في مقال سابق.

 تنقل لنا التدوينات الاثرية عن مؤسسة إ- دُبَّا eduba صورة حية عن الحياة اليومية للطلاب على سبيل المثال يترك الطالب منزل والديه في الصباح ويذهب إلى المدرسة ويبدأ دروسه لهذا اليوم من قراءة النصوص إلى كتابة وخلق أقراص جديدة. 
وتظهر التدوينات وجود عقوبات في هذه الموسسة على سوء السلوك والتحدث في الدرس و الخروج في الوقت غير المناسب ، والكتابة بشكل سيئ ... الخ 
وتصف إحدى التدوينات هذه العقوبات وتذكر ان طالباً تعرض للضرب ما لا يقل عن سبع مرات في يوم واحد. 
وفي نهاية اليوم المدرسي يعود الطالب إلى والديه مرة أخرى و يخبرهم عن أحداث يومه أو يقرأ الواجبات المنزلية لهم.

تقديم الأستاذ الباحث
أمجد سيجري
شكرا لتعليقك