فيض الشاعرية - الجزء الاول
- هيا أيتها الاصابع .. فاكتبي قصيدتي ..
- حسنا يا سيدي .. سأفعل ..
هذا حوار دائم الدوران بين الشاعر ايمن رزوق وأنامله ، فهي هكذا مطيعة له فتغدو مسرعة لتنفيذ اوامره عندما تُهْطِل سحابته مطرا يتسربل بشعر متقن ، مدهش ، مكثف ، بديع الصياغة على شكل قصائد شعرية فائقة الروعة... فقام بتأليف وابدع ثلاثة دواوين مطبوعة هي :
تلوينات عام 1986 , عناقيد الكلمات عام 1993 , ينحت الضوء عام 2007 . فجميع الاشياء والمجردات والمدركات امام ناظره هي طوع بنانه تتحرك بحركاته وتسكن بسكناته ، ترمي بشباكها في محيط اللغة الواسع فتنتقي لؤلؤ الحرف ومرجانات الالفاظ والمعاني ، هو من مواليد مدينة سلمية حاصل على دبلوم فنون جميلة من جامعة دمشق ومنذ عام 1982 قام بتدريس التربية الفنية ، لم نتنه نشاطاته واعماله ههنا فحسب ، فهو عضو في اتحاد الكتاب العرب وفي جمعية الشعر ويعمل لدى الصحافة الثقافية ، كما شارك في العديد من المهرجانات المختلفة التي حصل من خلالها على شهادات تقديرية وهو اسم شبه دائم في مهرجان الشعر الذي ينظمه المركز الثقافي في سلمية . اجرت " الرابطة الثقافية المعرفية " مع الشاعر أيمن رزوق هذا الحوار الشيق ..
السؤال الاول : عندما يعقد الشجر ثماره العسلية ، تتفتح زهوز الربيع .. متى عقدت أولى ثمار الشاعر أيمن رزوق وبزغت شمس قصيدته الاولى ؟
أيمن رزوق : كانت بدايتي مع الشعر ودخولي الى عالمه في المرحلة الاعدادية حين لامست أصابعي اولى التفاعلات مع اللغة الشعرية فكانت محاولة خجولة على شيء يهتم بالحرب الاهلية اللبنانية وسواها وهكذا استمرت الكتابة و المحاولات الى بداية الثمانينيات من القرن الماضي حيث بدأت النشر في الصحافة فكانت مجموعتي الاولى " تلوينات " بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب ، وهي اولى الثمار ..
السؤال الثاني : كتبت قصيدة " الوقت مرمر حنطة وسؤال .." بألفاظ عذبة وجملا سلسة ، لكنها منسوجة بألوان الضياع والفقدان ومحبوكة على فكرة الاغتراب .. هل هذا سبيل لاطلاق سبيل مشاعر الحزن والألم التى تتربص بوجدانك وما هو مدى هذا التربص للاغتراب في نفسك كشاعر ؟
أيمن رزوق : الاغتراب هو حالة شعرية تدفع للبوح والعطاء ، كما أنها تحرك فضاء اللغة وتثير الفاظها ومعانيها فهو ليس بالضرورة أن يكون اغترابا مكانيا او جغرافيا فقد يكون حالة نفسية وثقافية عميقة او يكون اغترابا لغويا عن الوسط المحيط كالذي يستخدم لهجة كلامية دونية ويطالبك بالنزول الى دركاتها ، أو كاللغة المستخدمة في الكتابة والابداع . والحزن أيضا ترافقه حالة الاغتراب فهو مرتبط بحالات الفقدان والموت ومشاغبات الفكر لما بعد الموت..والاسئلة المرتبطة بالوجود عن مصير هذا الكائن .. وهذا الكون
الوقت هو مابين ولادتين ، والسؤال هو الشاغل الأوحد على مدى العمر .. في محاولات فاشلة للجواب ..
الوقت ..مرمر حنطة وسؤال ..كيف
تدوزنين الموعد ..بياسمينة ونهد شوق ..
مشتعل جدا مسكوب بآنية ورد وخمر قليل
متعبة .
اكنس نظام جسدك
لأنشر الفوضى..تمر الأصابع ..لتقول لك ..كل شيء هنا
كل شيء
تبدلت ملامح وجهك كثيرا
تغيرت ملامح أحمر الشفاه
صارت كرزا ..أو برتقالا
لذاذة ..تشارك الوجع ..وتمشي معه كعكاز
ليس كل ما على النهد شوق
هو الغياب
كل من يذهب ..لن يعود ..
نعرف ذلك ..ونرضى
نترك أولادنا للريح ..لبيروت أن تأخذهم ..الى تركيا
الى اليونان ،الى هولندا ..أو غيرها ..من الأسماء
هي أسماء أماكن مثل الزبد
متل ممارسة الواجبات المدرسية او الزوجية ..
كما الوجع ..
يزداد ..
بإشارات المرور الخائنة
تمنحك ،حادث سير ،كل ما قمت برشوة ..إمرأة ..
تمارس تأنيب عشيقتك من غير أن تعريها ..
من غير أن تمنحها فرصة ان تكذب
أو أن تمارس قبلتها ..المتعبة ..
كأنك متعب أيضا ..
كأنك متعب .
السؤال الثالث : في قصيدة مطلعها " على بياضه يستلقي القميص ... " إن فيها هلوسة رومنسية ، نحتت ولونت بصور سلفادورية فنية مزركشة ، لكنها بدت متخطية للأفق الواقعي ومحلقة في بحر الهذيان .. هل في ذلك طريقة تحرر وانسلاخ عن واقع بائس متشرد وحائر تنحى بها لتحقيق راحتك النفسية ؟
أيمن رزوق : على بياضه يستلقي القميص .. هذه القصيدة تعنى بالصورة المبتكرة والمشغولة بعنصر التكثيف وفوضى المفردة التي تتخلق من استخدامها بطريقة غير مألوفة ،ولم يعتد عليها القارئ لتضيف له وللشعرية مشاغبات جديدة مع اقتصاد في اللغة ، كما العمل أيضا بتقنية خاصة ترسم المفارقة والدهشة .
على بياضه
يستلقي القميص
آخر زوار الجسد.
حين يمارس سلفادور دالي الموسيقا
------------------------
الموسيقا شاحبة
وجه حبيبتي صاخب
..كلما ارتمى المغني
على صوته
أصابني الكأس
برشفة وسكي .
...
الطاولة
بريد صامت
والنهد
رسالة صخب .
أنت
سلفادور دالي
تعبث بالزمن
الواقف
على ساعة الليل
حيث الوقت
على رؤوس أصابعه
وبين يديك
فراغ...
وثلاث نقاط .
الأولى:
دمعة سكران،
وقميص إمرأة .
والشيطان
على مقربة
من شفتيك .
الثانية:
صوت حريق ،
يرقص كإمرأة
بين أصابعها
تنور
مكشوف الصدر .
الثالثة :
رجل يتنهد
فتميل الصالة
كالإرجوحة
ويميل الكأس
ليعانق
كأسا آخر .
(يتبع ) ...
إعداد : الإعلامية رؤى حيدر
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء