سوريانا تنهض من جديد
وجهها الحنطي. وعيناها الزرقاوان لن يغيبا عن المخيلة. فهي المعشوقة التي ارتسمت حروفها على جدار القلب كالنقش. ليكون التوحد والانصهار. على امتداد خيوط الزمن. وفي السراء والضراء. بين تلك الجبال الشامخة الخضراء المكسوة بالأدغال الكثيفة .كانت الحافلة تنهب الطريق متسلقة تلك الجبال الى الشاطيء الرملي المصطخب بالزائرين من أبناء الوطن. كان الطريق متعرجا. والشمس تمسح باصابعها الذهبية رؤوسنا. وتنزع كل الأوهام والمخاوف التي كانت تنتابنا سابقا ونحن نقطع المسافة بين قرية وقرية وبين مدينة ومدينة. والقمر من وراء الغيوم يلوح لنابيديه الاثنتين مرحبا.
عيناها الزرقاوان اللتان عرش الحزن بهما سبعا من السنوات الصفراء العجاف عاد إليهما بريق الأمل والفرح من جديد. وشعرها الذهبي الذي كان يراد له أن يجتث من جذوره راح يتدلى على كتفيها كشلال. وابتسامتها الناصعة كقلبها عادت إلى ثغرها البرعم الجميل. كل الأشياء التي كانت تنوس. وتنذر بالموت واليباس. عاد اليها نبض الحياة. وضياء الأمل والرجاء.
كان الزمن يهرول سريعا. ونحن نتجول بين تلك القلاع الشامخة والمقامات المقدسة كقداسة الوطن وشموخه. وتاريخه العريق المجيد. وكان البحر يطوي احزانه. تاركا لأمواجه حرية الغناء بجميع الحناجر. لأن في التنوع الغنى. وفي التعددية يكمن الجمال. والبياض هو الذي يستطيع وحده إزالة السواد. وقد تلمست خلال هذه الرحلة القصيرة شيئا من ذلك. فالحواجز أصبحت قليلة جدا. ومن يقوم عليها يخاطب العابرين بلغة تفضل يامحترم. وأحياناً بابتسامة.ليست مصطنعة. أما عن الشعب السوري العظيم برجاله ونسائه. أهلنا. فالحروف تعجز عن التوصيف. عدنا إلى سلمية من رحلتنا الجبلية والساحلية. تغمرنا فرحة الأمل. أن وطنا بهذا الجمال البديع. وشعبا بهذا الصبر والعنفوان والحب الكبير. سينهض من جديد كطائر الفينيق مهما كبرت الآلام والأحزان.
المواطن رقم 14
د.حسين الحموي
اللوحة للفنان محمد النظامي


خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء