pregnancy

الوعي الإنساني الجديد..بناء الأسرة الطبيعيه ودعمها (10)












الوعي الانساني الجديد 
(10) بناء الأسرة الطبيعية ودعمها 
..........................................................

يعيش عالمنا المعاصر أزمة عميقة فكرية وثقافية قبل أن تكون اقتصادية أو مادية، ومرد هذه الأزمة انهيار نسبي للمنظومات الأخلاقية التي سادت تاريخنا الإنساني لقرون طويلة، فالأزمة العالمية اليوم هي قبل كل شيء أزمة أخلاق أول أسبابها، تعمد الإمبريالية المتصهينة إحداث شروخ كبيرة بين الثقافات المعاصرة للشعوب وبين منظوماتها الاخلاقية الأصيلة سواء كانت عادات وتقاليد أو عقائد أو ثقافة وأفكار. وثانيها طغيان فلسفة العقل وتأليه المنطق العلمي والواقعي كمنطق أساسي ووحيد بطريقة مشوهة غير مرتبطة بالضمير الإنساني؛ بحيث يغدو السعي وراء المصلحة والمنفعة الوطنية مقدما على المصلحة الإنسانية (ولو تم هذا بسبل متلوية)، وبنفس الطريقة تقديم المصلحة الفردية على المصلحة الجماعية أو الوطنية، بدعوى أن المنطق الواقعي والعلمي يملي على الإنسان الابتعاد عن المثالية والأخلاقية والرومانسية. وحقيقة ساعد انتشار هذا المفهوم بقوة في العالم على نجاح المشروع الإمبريالي الصهيوني إلى حد ما؛ وهذا النجاح قابل للنماء طالما بقي الناس غافلون عما يجري، قد غيبوا وعيهم وإرادتهم بانتظار المجهول الذي لا يبشر بالخير مع هذه الحال.
إن أهم المنظومات الأخلاقية التي اتفق عليها العالم هي دعم الأسرة وحمايتها ومواجهة ما يتهددها كونها المنتج الأول  والأخير للإنسان الفرد، وكونها الخلية الاجتماعية والبنية الأساس في المجتمع. وفيما يلي بعض الملاحظات الاستشرافية حول هذه القضية: 

1. الأسرة الطبيعية. لا تقوم الأسرة إلا على كاهل الزوجين الأم والأب، وخصوصا الأم، وأي استهانة بدور أحدهما يعني تهديدا لمفهوم الأسرة ولوجودها، وبالتالي تعثر استمرار  الحياة نفسها. ويجري في عصرنا الحالي محاولة تشويه لصورة الأب من خلال الإعلام والسينما تمهيدا لإلغاء دوره في عقود لاحقة، كما يجري التصفيق لظاهرة الأم العزباء، وظاهرة الإجهاض، وظاهرة الأسرة بدون أطفال التي تكتفي بتربية حيوان أليف وظاهرة الأسرة بطفل واحد التي تحرم الطفل من حياة الأخوة والصداقة والحوار 
2.  وكما أن بعض الجماعات تعمل على إقناع العالم بأن الأرض مسطحة وليست كروية فهناك أيضا من يعمل على إثبات أن الأسرة مفهوم خاطئ وأنه يهدف إلى استعباد المرأة ولهذايجب تركه أو أنه مفهوم تاريخي يجب تجاوزه. إن هذه الأفكار تشكل خطرا على خلية الأسرة البنيوية في المجتمع. فالأسرة الطبيعية لا تقوم على الاستعباد ولا الحجب ولا القهر بل هي تمثل خلية اجتماعية قائمة على المحبة والتعاون هدفها بناء الحياة. إن تكريس هذا الفهم أهم بكثير من وضع قوانين الأسرة والتي تسهل عملية الانفصال 

3.  ضرب الأسرة اقتصاديا. من أوائل السبل لضرب الأسرة قبل التشكل أو بعده هو ضرب الأسرة اقتصاديا من خلال رفع تكاليف المعيشة وتعميم ثقافة الرفاه، واضعاف المقدرة الشرائية للعملات المحلية، وكذلك من خلال تهديم وضرب الاقتصادات عبر الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية. كل هذا يجعل من تكوين الأسرة عبئا ثقيلا على الرجل والمرأة؛ الأمر الذي يشجع على البدائل غير السوية مثل المساكنة والصداقة الجنسية - بدعوى تقليص التكاليف - والتي لا يعول عليها في بناء أسرة سليمة اجتماعيا

4. الأسرة ونشر الإباحية. ولتسهيل عملية تقويض الأسرة يجري العمل على نشر الإباحية والانحلال الأخلاقي كبديل لتعويض الحاجة الجنسية لدى الرجل والمرأة من خلال علاقات عابرة أو مؤقتة غير مؤهلة لتأسيس أسرة متكاملة. كما يجري الترويج للزواج المثلي القائم على الشذوذ الجنسي. وعلى مختلف أنماط العلاقات الجنسية  الغريبة غير المنتجة للحياة تثمر أسرة غير طبيعية لا يمكن لها أن تستمر. ولهذا يجب تدعيم القيم الأخلاقية والثقافية والدينية للشعوب لمقاومة هذه الظاهرة المتفاقمة 

5.  الأسرة والرأسمالية. تشجع العقلية الرأسمالية على الفردية واللاأسروية واللاتعاون بهدف زيادة الاستهلاك غير المبرر فعلى سبيل المثال تستخدم أسرة واحدة مكونة من خمسة أفراد ثلاجة واحدة، في حين يستخدم خمسة أفراد منعزلين وغير متعاونين وبعقلية ترفيهية مبالغ بها خمس ثلاجات، وهذا يعني مزيدا من الإنتاج وبالتالي مزيدا من الربح، كذلك كلما ارتفعت ثقافة الرفاه في المجتمع من خلال التقليد الأعمى للطبقة الثرية ازادت متطلبات الفرد وتعمقت انانيته وعزوفه عن الزواج   

(يتبع)

علي حسين  الحموي
شكرا لتعليقك