pregnancy

شغف البحيرة




شَغَفُ البُحيرة
..................................................
عصفت الرياحُ بوجداني وألقت بي على ضفاف هاوية مهجورة لا تدخلها أشعة ولا تمسها أقدام خطيئة ، هناك حيث الشقوق التي حفرتها أوجاع الزمن يكمن بداخلها ألف طائرٍ مهاجر يبتاعُ منها ملجأ أمنًا ومن ثم يغادرها ،جعلتُ أتأمَلُها باليةً مزخرشة 
سمعتُ صوتًا يقاطعهُ زفرات أنفاس متعطشة لبصيص أملٍ منثور في داخل كل شخصٍ ولا يراه ، على وقع أقدامه الناعمة حصباءُ الأرض تتلوى جزعًا خشية الابتعاد عنها  ، كانت عيناهُ تتألقان بذكرياتٍ بعيدة، تهيمان في أقاص نائية كل البعد الذي أراهُ

كنسمةٍ هجعت إليها بذور الأرض وتناقلتها الوديان، أرست بها في قاع الأرض معلنةً البزوغ من جوف الأرض مناجيةً ربًا لها في غسق السماء البعيدة ، كانت روحي تتأوه داخل مسمعي وتُطرب سربًا من الطيور، تستأنسُ لها صدى الكهوف الغائرة ، من خلف قطرات الندى المتهاطلة على أكمام ورؤوس الأزهار الملتويّة التي تُعانق أديم الأرض لتحيا من جديد
هُناك بُحيرة هادئة ترتشف من صمتها أطياف الليل وتنعكس بظلالها البنفسجية على وجه كل من أبصر فيها، كل من أودع في صدرها رؤية لمشتاقٍ وسرٍ لغائبٍ...
صفاؤها يدلُّ على خلوَتها الدائمة وطهارتها
بالقرب منها شجرةُ صفصاف تعتليها لترسم مشهدًا تقاطرهُ الدموع وتشتفي منه القلوبْ
أدركتُ ضعفي وقلّة حيلتي تكعكعتُ حول نفسي تكعكع فراشةٍ خرجت لتوها من شرنقة  الأيام التي اختزلتها وهي تعقدُ عل المسير من جديد.....
تمتعتُ بالإصغاء لحديثٍ جرى بين المحبةِ والخير، الكثير من الحب الذي يجمعهم ويعقدُ بهم أُسُسَ الحياة..
تكلمت المحبة بِلسانٍ شفاف ملؤه الحنانْ
أنا أتدفق في ينابيع الأيام وينهال عليّ الخير فأرسمُ بسمةً على شفاه طفلٍ
أروي جبهة فلّاحٍ، أطفئُ ظمآ شابٍ لفحتهُ الشمسُ في رائعة النهار ، أنا ابنةُ الأمس، ظاهِري مُتَمدد تراني ألعبُ مع الفتية والكهلة
تراني آخر الليل ساجدةً راقدةً بجانب السرائر أدعوا لهم علهم يستأنسون بي في خلوتهم ، لا أخلد للنوم قبل بزوغ الغسق أذهب إلى مسقط رأسي بين حفيف الأشجار لأسمع تموجاتها الخفية، تحملني نسماتها وتلقي بي على آذان الفجر كلَّ صباحٍ ...
تبسمَّ الحبُّ لمحبةٍ معقِد قِرانها الخير 
إنّ الحب الذي جمعكم هوَّ بيديه يجمعني
غُربة الليل وانسلاخ الفجر مستقبلًا الدعوات
عشقٌ إلهي ..
اضمحلال الثلج على الروابي وعلى قمم الجبال الشاهقة يغدو سلِسًا عذبًا يَروي ويُعانق صمت الطبيعة...
إئتمان الجذور في فسحةٍ تتفيأ بها جذوعٌ تشبُ للأعلى تراها تسبح بحمد الله كأنها في سباقٍ من يتلظى بِشُعاع الشمس أتحسبونها رقدة غافلة وهيّ التي تنامُ على صلواتٍ علويّة...
الحب إلهٌ خفيُّ الظل شفاف الهيكل يهدهدُ أرواحكم يشفيها من العلل ليجعلُ منكم عُشاقًا صغار
اصغوا واستأنسوا لذلك الطفل في داخلكم
في اللحظة التي تُدرك فيها كل شيء
تصبح انت كلَّ شيء...

بعد سكينة عميقة مؤثرة تشابه مسَّ الأرواح المتطايرة تسللت أنفاسي وتناثرت مع الأثير والتحف الكرى جسدي الثمل ....
لاح الفجر وارتجفت السكينة وانطبقت عيناي وشفتاي تُتمتمان وقلبي يُصلي في هجوع ..
..
بقلم
مهدي_رستم
شكرا لتعليقك