pregnancy

يقتلون باسم الإسلام








يقتلون باسم الإسلام ..
................................................
من أعظم الأحداث التي جرت في القرون الثلاثة الأخيرة هي مصادرة اسم الله من قبل مجموعة أو أكثر تدعي الإسلام وهم أبعد ما يكونوا عنه. 
يقيمون الناس بمسطرتهم المائلة المسمومة التي سرعان ما تتحول إلى مدية قاتلة تفتك بالضحايا المُقَيَمينَ عوجا على أنهم كفار.

اولا. من قال انهم كفارا فكل مؤمن بالله لا يعتبر كافرا حتى ولو لم يؤمن بأي شريعة سماوية؛ فالله تعالى قَبِلَ إيمان الناس بالحكمة والتفكر. وقصة حي بن يقظان في تراثنا الإسلامي توضح هداية طفل صغير إلى الإيمان بالله الواحد من تلقاء نفسه. إذ رست به العواصف إلى جزيرة نائية وكبر فيها وحيدا . ثم تحولت هذه القصة إلى رواية طرزان حسب العنفوان والتسطح الغربي.

ثانيا . من قال إن الشرع الإسلامي يأمر بقتل الكافر، ولو كان الأمر كذلك لقام الرسول صلى الله عليه وسلّم بقتل المنافقين في المدينة وهم الذين بطنوا الكفر وتظاهروا بالإيمان وعلى رأسهم عبد الله بن سلول(كبير المنافقين).
 أما الآيات التي تتهم بأنها تحض على القتل فأغلب المستشهدين بها يقتطعونها اقتطاعا، لتصبح منفصلة عن سياق المعنى العام للسورة أو للمقطع الكلي؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر في سورة البقرة يستشهد مخاصمي الدين الإسلامي بما يلي:
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ (190)

ولكن لو قرأنا المقطع كاملا فسينقلب المعنى، ويتحول من دعوة إلى القتل إلى دعوة للقوة والدفاع عن النفس:
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)
وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)
فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192)

أما في سورة النساء فيستشهد المقتطعون بهذه العبارة القرآنية:
فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ(91)
أما المقطع فيقول:
 ۚفَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)

وعن الرسول صلى الله عليه وسلّم قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لقائد جيشه: 
“لا تخونوا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ولا شيخاً كبيراً ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرغوا أنفسهم فى الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له” 
وفى هذه الوصايا نهى صريح عن قتل غير المحاربين ونهي عن التعرض للديانات الأخرى والمتعبدين بها، وكذلك نهي عن تخريب البيئة أو تدمير كل ما هو نافع للحياة.

ثالثا. ومن كل ما يجري بعالمنا المعاصر وفي منطقتنا بالتحديد يمكننا الاستنتاج بسهولة أن الإسلام الأصيل يحترم ويصون حياة الناس جميعا بغض النظر عن الرأي والمعتقد. وأنه لا يحارب إلا من يحاربه أو يعلن استبداده على الشعوب والأوطان كما فعلت الإمبراطورية الرومانية اوالامبراطورية الفارسية الساسانية من قبل، وهي امبرياليات قديمة يمكن مقارنتها بامبرياليات اليوم.
يمكننا أن نستنتج أيضا أن كل الجرائم التي وقعت باسم الإسلام ابتداء بما فعله الخوارج إلى ما فعله حكام الدول الإسلامية المتعاقبة الأموية والعباسية والفاطمية والمملوكية والصفوية والعثمانية والجماعات الإرهابية في يومنا هذه ... كلها عبرت عن انحراف عقائدي أو انحراف في فهم النص القرآني أو دس وكذب عن النبي؛ تدل قبل كل شيء على فهم مغلوط ومورث من قبل معلمين (علماء) لا يعلمون سوى الحقد والكراهية. 

فهل أصبحت تعاليم ابن تيمية أهم واقدس من تعاليم النبي محمد عليه الصلاة والسلام؟ وهل تعاليم محمد بن عبد الوهاب أكثر صحة من تعاليم الإمام علي عليه السلام وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.  
لقد بات واضحا ومن غير جدل أن ظهور الإرهاب في منطقتنا المسالمة ليس سوى صناعة امبريالية صهيونية جرت على مهل "ليس فقط لقتل الشعوب الحالمة بالنهوض بل أيضا لتبرير قتلهم لهذه الشعوب" (المتخلفة القاتلة) لاحقا(*)

اليوم يكفر الناس بدينهم وهم يرون أطفالهم تذبح باسم الله وباسم الإسلام؛ والله والإسلام بريئين من هذا. والله تعالى غني عنا وعن شهادتنا.
ومن غيرنا الخاسر إن لم نتنبه أن العلة ليست فينا فقط بل إن ماكينة المكيدة تعمل ليل نهار لإسقاط هذا الشرق الأسطوري. لخنق طائر الفينيق قبل أن يقوم بإذن الله وهو ليس إلا رمزا  استنبطه أجدادنا لأمتنا العظيمة التي تقوم من الرماد ومعها الإنسانية جمعاء.

(*) هذه العبارة للأستاذ أيمن الغزالي 

علي حسين الحموي
شكرا لتعليقك