pregnancy

هل الموهوبون هم المبدعون ؟!







هل الموهوبون هم المبدعون ؟
.....................................................................................
الموهوبون نوعان : نوع يتميز أفراده بقدرات إبداعية ، ويغلب عليهم أسلوب التفكير التشعبي ، أي القدرة على توجيه تفكيرهم في اتجاهات عدّة ، وقد تتصادم نتائج تفكيرهم مع أعراف المجتمع وقيمه وأنظمته ... وقد لا يكونون من المتفوقين في مقاييس الذكاء العام أو مقاييس التحصيل الدراسي، وقد يصعب التعامل معهم في المؤسسات المألوفة . 
ونوع يتميز بذكاء مرتفع ، ويغلب عليه أسلوب التفكير اللامّ ، أي التفكير المركّز حول مناهج دراسية ، وأساليب إدارية مقررة ، وقواعد أخلاقية واجتماعية سائدة . 
وكلا النوعين ، إذا اقترن بالدأب والجدّ والمثابرة ، أو توافر فيه الدافع والمزاج ، فإنه يؤدي إلى نتائج إيجابية رفيعة ، إما في مجال الإبداع ، وهو النوع الأول ، أو مجال التفوق الدراسي وما يتبعه من النجاح في معظم المؤسسات الرسمية والخاصة ... وهو النوع الثاني . 
إن الارتباط بين الذكاء العام وبين الإبداع ارتباط ضعيف . لذلك يجب البحث عن الصفات الشخصية الأخرى للمبدعين . 
وإن مقاييس الذكاء ، والتفوق الدراسي ، والشهادات الأكاديمية ... لا تصلح لكشف القدرات الإبداعية .........محمد عادل فارس

*******************
ونؤكد في هذا المقام على شخصية المبدع ، إذ المبدع شخص من طراز خاص ، يمتاز عن غيره من البشر بصفات خاصة تجعله جديراً بأن يكون مبدعاً . وأولى هذه الصفات الإحساس المرهف ، ذلك الإحساس الذي يجعله يشعر بما لا يشعر به الآخرون من غير المبدعين ، وينتبه إلى ما لا ينتبه إليه غيره . ويتصف المبدع كذلك بالخيال الواسع ، والذكاء ، والحرية ، بالإضافة إلى ما حباه الله به من موهبة الإبداع .  

فإذا سألنا بعدئذ : لماذا تفشل المدرسة عادة في كشف المبدعين ؟ كان الجواب : لأن المدارس تعتمد معايير نمطية لا بديل عنها ، وهي تصلح للشريحة العظمى من الطلاب ، وتركّز – في الدرجة الأولى – على القدرات المعرفية ( التعرف ، التحقق ، اليقظة ... ) ثم على القدرات التقاربية ( أي الانسجام مع معايير السلوك المقبولة اجتماعياً ورسمياً ، والقرب من الاتجاه الصحيح والحل الصحيح ) ثم على الذاكرة ، ثم على القدرات التقويمية كالتفكير النقدي والمقارن ، وأخيراً على القدرات المتعلقة بالابتكار ( كالتفكير المستقل والمستفسر ) وهي التي تسمى بالعمليات العقلية التشعبية أو المتباعدة ، والتي يمكن أن تتوصل إلى نتائج مفاجئة غير مألوفة ، وهي تقابل طرائق التفكير اللامّ أو القدرات التقاربية ، التي تنتهي إلى نتيجة محددة سلفاً . 
لذلك فإن كثيراً من المبتكرين لم يتوصلوا إلى مكانتهم المرموقة في الجو المدرسي وحتى نهاية المرحلة الثانوية ، وأحياناً حتى نهاية المرحلة الجامعية . 

ولكن هل يمكن التعامل مع التلاميذ في خطين متباينين : الخط النمطي الذي يشمل عامة التلاميذ ، والخط المستقل الذي يصلح للتعامل مع مبدع في الرياضة أو الكمبيوتر أو الشعر ... ؟! الأمر ليس سهلاً ، لكن ما يُقَرِّبُه هو نشر ثقافة تربوية بين المربِّين يعرفون من خلالها خصائص الشخصية المبدعة ، ووجود مشرفين تربويين يتمكنون من كشف تلك الخصائص وتوجيهها ورعايتها . 
والحرية . فلا يُعْقَل أن يحيا الإبداع في بيئة تسودها العقد النفسية ، والضجيج ، والأمراض النفسية ، ويسيطر عليها الروتين ، والمنافع الشخصية ، والمحسوبيات ، وتسودها الأحقاد .
د:جلال الدين عباس
شكرا لتعليقك