pregnancy

نجا من الحياة بأعجوبة





قصة قصيرة

نجا من الحياة بأعجوبة  !!
......................................................................................

تطوّع لخدمة الوطن في صفوف قوى شعبية وطنية خدم طوال سنوات الحرب منذ اندلاعها وتعددت إصاباته كونه قاتل في أسخن المناطق وكان بعد كل إصابة ينجو من الموت بإعجوبة !! 
فقد استُشهِدَ الكثير من رفاق السلاح وتناثرت أشلاؤهم أمام ناظريه وبعد كل معركة كانت تُكْتَب له في الحياة عدةُ أيامٍ أُخَر..
وكانت تلك الأيام التي كتبت له ؛ تكلِّفه هو عناء الألم والحاجة والرعاية لحين الشفاء 
وتكلِّف والدته المريضة عناء السهر على راحته وذلك على حساب صحتها طبعا ، كانت تُنكِر ألمها و مرضها لأنها بالتئام جراحه كانت جازمة بأن جراح قلبها ستندمل 
وبتعبها على خدمته كانت أكيدةً أن هذا التعب سينعكس راحةً له فيخفِّف من ألمه
والنار المشتعلة المؤججة في داخلها خوفا على صحته حين يَشفى ويبرأ ستبرد وتنطفئ ..
وكانت تلك الأيام بعد كل إصابة تكلِّف والده المتقاعد معظم راتبه لمساعدته في تكاليف العلاج والدواء هذا عدا عن شعور هذا الأب بالكسر والخذلان والقلق والهم من قلة الحيلة و عظمة التكاليف بعد كل إصابة ..
وكان يواسي نفسه ويقول كما الكثير من الآباء إنها مصيبة وطن إن لم يدافع أولادنا عن وطننا من سيدفع البلاء عنه ؟!؟

لكنّه ؛اسْتُشْهِدَ مؤخراً .. !؟!
استشهد وكان ذلك بعد تعافيه من آخر إصابة ببضعة أشهر ..استشهد في معركة ظنّ أنها الأخيرة لتحرير تراب الوطن.. لكن ؛ كانت الأخيرة له ولبعض أخوة التراب الذين تشرَّبت الأرض من دمائهم فقط !

أتوا بجثمانه المُثخَّن بالجراح المخضّب بالدِّماء ..
فأبت والدته إلّا أن يُدفن في بستانها الذي هو بجوار منزلها 
حينها قالت : سأزرعه في أرضه التي عاش بها وعاش من خيرها ومات من أجلها.. 
وتم لها ذلك فهذه رغبة أمٍّ ربّت تعبت وكبّرت 
أعطت بسخاء وافتدت بكل اقتدار كما الكثير من الأمهات في بلادي فلا يمكن أن تُرد هذه الرغبة البسيطة بوجود ضريح ابنها بقربها ..

ومن حينها ما برحت تناجيه كل يوم صباحَ مساءْ !! 
وتخبره بإنجازات رفاقه وتحرير المناطق ودحر الإرهاب 
إلى أن جاء ثلاثة أشخاص بلباسٍ عسكريٍّ قالوا لها : أنت والدة فلان ؟
قالت بفخر : نعم ؟؟؟
قالوا : وهل هو موجود ؟؟؟
بعد برهةٍ من صمتٍ مُريب قالت : ... لماذا ؟؟؟
قالوا : ابنك يا خالتي متخلف عن الخدمة العسكرية ويجب عليه الإلتحاق فورا للدفاع عن وطنه !!!
نحن من شعبة التعبئة والتجنيد 

هي كانت تمني النفس بأن سعياً مضنياً لوالده من أجل تحصيل ولو جزءا من راتب ابنها الشهيد أو تعويض قد أتى بنتيجة عند الجهات التي كان يضع روحه عندهم
ودمه تحت تصرفهم ويضع مستقبله وحقه وحق أهله أمانة في أعناقهم فقد كان يخدم الوطن من خلال تلك الجهات و لصالحها ..

بعد صدمتها تداركت الأمر وقالت لهم : 
ادخلوا أنتم.. ادخلوا وقولوا له هذا الكلام !!
أدخلتهم أمام الضريح ..
وقفت أمامه اعتصرت كل ما في الكون من أسى وألم وكأنها بهذا لاتناجي ولدها الشهيد إنما تتكلّم ليسمع الوجود بأسره حسرتها وألم فقدها لابنها وضياع حقه ونكران تضحيته ..
وقالت هذه الكلمات :
(( قوم يامو قوم ليك رفقاتك جايين ياخدوك ع الجيش قوم استشهد مرة تانية .. !!
ولك آاااااخ قوم وخود روحي يامو .. 
روحي فداك والله .. خود روحي وافديها مرة تانية للوطن معليش !!! بس قوم .. 
آاااااخ لو إنك تقوم ...آاااااخ ..

و كل أم بتحلف بتراب الوطن ..وابنها على ما تقول شهيد 

واقع مرير يغرقنا بالفوضى والفساد   

           ماهر الساروت
شكرا لتعليقك