pregnancy

الكهف ...




الكهف
.......................................................................................

عندما تحل الحرب الطائفية على بلد،تحل معها لعنة السماء وغضبها،وماتحمله من عنف يصب فوق رؤوس الأبرياء، لاتفرق بين مجرم وبريء، بين طفل وعجوز ،جبهاتها مدننا وحاراتنا، وحدائق أطفالنا...
وبما تحمله أيضا من خوف...
الخوف من كل شيء،الخوف من اتصال هاتفي، ومن رنة الجرس، الخوف من الجار الذي سكن حديثا... 
الخوف من الشجر وماوراء الشجر،ومن الركوب في التكسي العمومي...
والنفور من كل شيء،والابتعاد والتردد في تبادل الأحاديث مع ناس لانعرفهم 
كل هذه الحالات المرضية، هي نتيجة طبيعية لحرب طائفية شرسة طالت ومازالت
لم تنحصر خسائرها على البيوت، والمدن المدمرة المحروقة والمسروقة...
وإنما كان تأثيرها على النفوس الحزينة المحطمة، التي كانت تعشق الحياة 
فسلبت منها بكل قسوة، وخسرت أبسط حقوقها،وحاجياتها الأساسية...
الخسارة هي في القيم التي كنا نفتخر بها، ونظنها أقوى وأصلب من الصوان،وتبين أنها هشة مبعثرة كالرمال في الصحراء القاحلة..
والخسارة الأكبر هي في الإيمان، الذي تزعزع وانهزم، أمام تقديس الذات، وتقديس المال... 
لم نعد نذكر ونردد كلمات ربنا،الذي يقول من يتق الله يجعل له مخرجا 
فكل فرد يقول ربي أسألك نفسي،ومهما كان جاره وقريبه وربما أخوه، يعانون من قلة الموارد ووسائل الحياة،فإنه لايبادر لتقديم العون والمساعدة... 

ولم نعد نذكر قول ربنا وليس للإنسان إلا ماسعى وأن سعيه سوف يُرى...
نحن الأشقياء، كيف سنتحمل أن يرى ربنا خطايانا بحق أنفسنا،وكيف قتلنا أنفسنا، كاليهود الذين قتلوا أنفسهم، وخربوا بيوتهم بأيديهم

في حربنا مع إسرائيل، كنا نخاف فقط من إسرائيل، ولانخاف من بعضنا،والآن نخاف من بعضنا ونطبع مع إسرائيل... 
كنا ننظر إلى الطائرات تخترق مجال الصوت وهديرها يهز البيوت، لكننا في أمن وأمان، وفي كل بيت راديو يأتي بالأخبار السارة، التي ترفع الرؤوس عاليا، وبعد الأخبار يضعون الأغاني القومية، التي تجعلنا نطير مع نسورنا الأبطال 
فنردد الأغاني الحماسية مع المذياع 
خلى السلاح صاحى صاحى صاحى
لو نامت الدنيا صاحى مع سلاحى
سلاحى فى ايديا نهار وليل صاحى
ينادي يا ثوار عدونا غدار
خلى السلاح السلاح صاحى صاحى
نرمق طائراتنا تجوب السماء،والنسور الذين يقودونها بمهارة عالية، نتمنى لو نظرة لهم، أو لمحة لقبعاتهم التي على رؤوسهم الشريفة، لنشعر بسعادة عالية، نلوح بأيدينا الصغيرة لهم وتخفق قلوبنا إجلالا لبطولاتهم وتضحياتهم،وأدعية أمهاتنا، وجداتنا، متصلة بحبل غير مقطوع من أنفاسهم العطرة وكلماتهم الصادقة إلى السماء السابعة... واثقين باستجابة الدعاء...

وإذا مااشتدت المعارك نأوي لكهف صغير تحت الأرض، محفور في الصخر ،الكبار فيه يحضنون الصغار، في جو أسري، مليء بالمحبة والتعاطف والأمان، ومن جميع أطياف بلدنا الغالي ...
متى سنعود كلنا للكهف الذي ضمنا وحمانا من الصهاينة فقط الصهاينة العدو اللدود... 
بقلمي
دلال درويش
شكرا لتعليقك