ترسم صمتا نظيفا
.......................................................................................
ترسم صمتا نظيفا،فإن المدينة تحتاج صمتا نظيفا، وترسم نفسك متجها للجنوب، البقاع، العروبة، كل فلسطين..
هذا ما قاله مظفر النواب عن ناجي العلي ...
رام الله -
27/8/2017
ملأت مراثي ناجي العلي، العالم. لم يغب قلم حر، أو صحيفة تُقدر الإبداع، أو منبر ثقافي وطني، عن ذكر ناجي العلي وولده الشرس حنظلة.
ثلاثون عاما مرت على استشهاده، والكلمات تدق باب الذكريات والآمال، ما غاب إلا وأعادته إلى مكانه، في الواجهة، في المعركة، في قلب ما يجري.
قرأه الفقراء والمهمشون الذين دافع عنهم وكتب لهم ورسم تقاطع حيواتهم ومصائرهم، لاحقوه في الكتب وعلقوا رسوماته في غرفهم، قالوا دون أن يجتمعوا في ســـاحة واحدة أو ساعة واحدة: حنظلة يمثلنا جميعا.
أكثر من اربعين الف لوحة، علقت في الوجدان وحفرت اسم ناجي وحنظلة الشقي في وعينا وعمقنا الوطني. كان جمهوره عريضا وشاملا، من مثقفين وسياسيين ومزارعين وعاطلين عن العمل والأمل، سائقي تكسيات وكناسي شوارع، مربي الدواجن وبائعي الترمس، لم يبقَ أحد ليس من جمهور ناجي العلي.
في الأيام الأولى لرحيله، كتب صديقه، الشاعر مريد البرغوثي:
وقفنا على قبره مائلينَ
وفي قبرهِ كان ناجي العلي واقفا
وداد نصر، زوجة العلي، تقول قبل اغتياله بأيام قليلة، قال: "أسهل عليّ أن أبيع بندورة وفلافل من أن أبيع قضية بلدي، صح ما تركت أموال لأولادي لكني تركت سمعة جيدة عني".
الكاريكاتير صلاح جاهين: لقد جاء ناجي ليعلمنا فن الكاريكاتير بعد أن أصبحنا "أساتذة".
الشاعر الراحل محمود درويش رثاه قائلا: ناجي العلي جعلني أبدأ قراءة الجريدة من صفحتها الأخيرة.
جميع الذين عملوا معه كانوا يقولون إنه أصبح جامحا، وان النار المشتعلة فيه تلتهم كل شيء، لأن قلبه على ريشته، ولأن ريشته سريعة الانفعال والاشتعال لا تعرف لأي شيء حسابا، ولأنه يحس بأن فلسطين ملكيته الخاصة التي لا يحق لأحد أن يجتهد في تفسير ديانتها، فهي لن تعود بالتقسيط، لن تعود إلا مرة واحدة، مرة واحدة من النهر إلى البحر.. وإلا، فلن يغفر لأحد، ولن ينجو أحد من تهمة التفريط، ولقد ازدادت نزعة التبسيط السياسي فيه أثناء غربته في لندن، فأعلن الخلاف مع الجميع، وخدش الجميع بريشة لا ترحم، ولا تصغي إلى مناشدة الأصدقاء والمعجبين الذين قالوا له:
يا ناجي، لا تجرح روحك إلى هذا الحد، فالروح جريحة.
وكان الأعداء يسترقون السمع إلى هذا الخلاف، كانوا يضعون الرصاصة في المسدس، كانوا يصطادون الفرصة.
وحين استبدل عبارتي ببيروت خيمتنا الأخيرة بعبارته اللاذعة محمود خيبتنا الأخيرة، كلمته معاتبا: فقال لي: لقد فعلت ذلك لأني أحبك، ولأني حريص عليك من مغبة ما أنت عليه، ماذا جرى.. هل تحاور اليهود؟ اخرج مما أنت فيه لأرسمك على الجدران.
لم يكن سهلا علي أن أشرح له بأن تدخلنا في أزمة الوعي الإسرائيلي ليس تخليا عن شيء مقدس، وبأن استعدادنا لمحاورة الكتاب الإسرائيليين الذين يعترفون بحقنا في إنشاء دولتنا الوطنية المستقلة على ترابنا الوطني ليست تنازلا منا، بل هو محاولة اختراق لجبهة الأعداء.
لم يكن سهلا أن تناقش ناجي العلي الذي يقول: لا أفهم هذه المناورات.. لا أفهم السياسة.. لفلسطين طريق واحد وحيد هو البندقية..
كان غاضبا على كل شيء، فقلت له: جرحتني فلن أجرحك بكلمة، لأنك قيمة فنية نادرة، ولكن بعدما صرت خيبتك الأخيرة لم يعد من الضروري أن نكتب وأن نرسم معا، وافترقنا، كما التقينا، على الهواء.
إن ناجي العلي أحد مهندسي المزاج الوطني، وأحد نتاجات الإبداع الوطني هو ابننا وأخونا ورفيق مذابحنا وأحلامنا، وخالق حنظلة الخالد، القادر على أن يسمي هويتنا بتأتأة تضحكنا وتبكينا.
ويقول الشاعر مريد البرغوثي: أصرت عائلته على أن تقدم لي غرفته لأقيم فيها! كنت أنام بين لوحاته المتروكة ومسوداته الناقصة، أرى في كل لحظة كرسيه ومكتبه المرفوعين على منصة خشبية مستطيلة هيأها بنفسه ليرفع حافة المكتب بحيث تلامس حافة النافذة المطلة على السماء و العشب. النافذة بلا ستائر، الزجاج في مواجهة العالم مباشرة. قالت وداد إنها وضعت لها ستارة في البداية لكن ناجي انتزعها لأنه "بيحب الفضا" وبيحس ان "البرداية خنقة". قفزت عتمة قبره إلى اذنّي وأنا أسمعها تصف شغفه بالفضاء.
ناجي العلي في الصحف والمجلات:
صحيفة الوطن: اغتيل ناجي العلي ربما لأنه لم يكن فلسطينيا بالمعنى الذي يراد للفلسطيني أن يكون.. اغتالوه لأنه لا يؤمن إلا بشعار كامل التراب الفلسطيني.
الاتحاد العالمي لناشري الصحف: واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشر.
صحيفة أساهي اليابانية: ناجي العلي، من بين أشهر عشرة رسامين للكاريكاتير في العالم.
مجلة الهدف: ناجي العلي… بدمه رسم لفلسطين.
من عدة مصادر
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء