في ذكرى استشهاده.. أبو جهاد مهندس الانتفاضة الكبرى
.......................................................................................
في أواخر العام 1987 اجتاحت الانتفاضة الكبرى كل شبر من أرض فلسطين..لم يصدق الصهاينة ما يحدث؛ فهاهو شعب الجبارين يضرب بقوة من جديد..جيل تخلق في رحم المعاناة حين تلمست روحه العالم عقب هزيمة حزيران لكنه كان على الوعد صادق العزم كأنما من صاعقة جاء..عندما أفاق العدو من هول الصدمة كان البحث عن المسئول عن ذلك الرعب الذي صار خبزا يوميا مرا.. ثم أكدت كافة التقارير أن أبا جهاد السيد خليل الوزير هو من يقف وراء هذا الجحيم الفتان.
كان القرار حاسما: لابد من التخلص من الوزير في أسرع وقت ممكن؛ إذ أفادت التقارير المتوالية أنه كان خلف عدد كبير من العمليات التي استهدفت صهاينة داخل وخارج الأرض المحتلة، وكان اسم الشهيد البطل قد تردد بقوة أيام معركة الصمود التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر أثناء الاجتياح الصهيوني للبنان في 1982.
كانت مدينة الرملة التي تقع على بعد38كم شمال غربي القدس الشريف قد شرفت بميلاد الوزير في 10 من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1935، ثم كان رحيله مع أسرته إلى غزة في عام النكبة، ثم انتخل خليل إلى مصر ليكمل تعليمه حتى تخرج في جامعة الإسكندرية، ثم انتقل للعمل بالكويت، وظل بها حتى عام1963وأسس مع ياسر عرفات حركة فتح في ذلك العام.
غادر السيد خليل الكويت في نفس العام مرتحلا إلى الجزائر ليفتتح أول مكتب لحركة فتح، وليتولى من خلال هذا المكتب الإشراف على تدريب كوادر الحركة، وإعداد معسكرات التدريب للشباب الفلسطيني المتواجد بالجزائر.
بقى أبو جهاد بالجزائر قرابة العامين؛ ثم غادرها إلى دمشق ليتولى مسئولية الاتصال والتنسيق مع العناصر الفدائية بالداخل الفلسطيني، وكان من ثمار عمله تلك الضربات الموجعة التي وجهت لجيش الاحتلال في منطقة الجليل الأعلى أثناء حرب حزيران1967، بعد ذلك أصبح الوزير مسئولا عن القطاع الغربي في الحركة.
تم تحديد يوم 16 أبريل (نيسان) من العام1998 لتنفيذ عملية الاغتيال التي شاركت فيها عدة طائرات من طراز بوينج 707 وفق رواية الصحفي الإيرلندي "جوردون توماس" التي أوردها في كتابه "انحطاط الموساد" وقد أقلعت تلك الطائرات من إحدى القواعد العسكرية جنوبي "تل أبيب" وكان على متن إحداها "إسحق رابين" وزير الدفاع آنذاك وبصحبته عدد من كبار الضباط، وأن المذكور هو الذي أصدر الأمر بالتنفيذ في تمام الثانية عشرة وسبع عشرة دقيقة، وكان " موشيه يعالون" وزير الأمن الصهيوني الأسبق قد أعلن منذ عامين أنه كان أحد منفذي العملية، وأنه أجهز على أبي جهاد برصاصة استقرت في رأسه.
تروي السيدة أم جهاد وقائع تلك الليلة الدامية، فتقول أن عدد المهاجمين قد جاوز العشرين، وأنهم تركوا في جسد الشهيد نحو سبعين رصاصة تعبر عن خستهم التي لا نظير لها، وكانت أنباء قد تواترت بعد ذلك أن نائب رئيس الأركان الصهيوني آنذاك المدعو "إيهود باراك" هو من تولي التخطيط وقيادة العملية ومتابعتها من أحد الزوارق قبالة الشاطئ التونسي، كما شارك في التخطيط "أمنون شاحاك" رئيس الاستخبارات.
لم يعترف الكيان الصهيوني بتلك الجريمة النكراء التي أدينت من جميع الأطراف حتى الولايات المتحدة، كما وافق مجلس الأمن على القرار 611 الذي يشجب "العدوان الذي ارتكب ضد السيادة وسلامة الأراضي التونسية" دون أي إشارة لدويلة الكيان.. لكن صحيفة "معاريف" كشفت تفاصيل العملية في عددها الصادر في الرابع من يوليو1997، ولم تكذب أي جهة رسمية صهيونية ما نشرته الصحيفة التي ذكرت "أن من نفّذ العملية وحدات كوماندوز خاصة تابعة لهيئة الأركان، وهي الأقوى في جيش الدفاع، وتم تنظيم العملية كعملية عسكرية واسعة النطاق، وتم نقل المشاركين في الاغتيال على متن أربع سفن، من بينها اثنتان نقلت عليهما مروحيتان، لاستخدامهما في حالة الاضطرار لعملية إخلاء طارئة إذا حدث أي خلل أو طارئ غير متوقع".
في الأول من نوفمبر 2012، نشرت "يديعوت أحرونوت" تحقيقا صحفيا يؤكد أن جيش الدفاع كان وراء اغتيال أبي جهاد في عام 1987، رغم الإنكار الرسمي الذي استمر لنحو ربع قرن.. ويعد هذا الإقرار بتلك الجريمة النكراء مبررا قانونيا لبدء إجراءات الملاحقة لكل المشاركين في عملية الاغتيال، وعلى رأسهم "إيهود باراك" الذي ظهر منذ نحو عامين بصحبة الدكتور البرادعي كأحد دعاة إقرار عملية السلام في الشرق الأوسط.
وقد نشرت الصحيفة مقابلة مع "ناحوم ليڤ" الضابط المتقاعد نائب قائد وحدة النخبة العسكرية «سييرت متكال» التي نفذت الاغتيال، قبل أن يقضي في حادث طرق عام 2000. ونقلت الصحيفة عن ليڤ اعترافه بأنه كان الجندي الثاني الذي أطلق النار على «أبو جهاد» قبل أن ينضم الجنود الآخرون إلى إطلاق النار للتأكد من أنه لم يعد على قيد الحياة.
بقي أن نذكر أن اللحظة التي تم فيها إعلان استشهاد"أبو جهاد" شهدت مصادمات عنيفة بين الشباب الفلسطيني وقوات الاحتلال أسفرت عن استشهاد 24 بطلا فلسطينيا ولم يعلن العدو عن خسائره في تلك المصادمات.
رحم الله الشهيد البطل خليل الوزير ورحم كل شهدائنا الذين يروون شجرة النضال العربي ضد الصهاينة الغاصبين بدمائهم الطاهرة موقنين بالنصر مهما طال الزمن.
الراية_العربية
الكاتب : ماهر الشيال
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء