pregnancy

ماري التيفوئيد (Mary Typhoid)





ماري التيفوئيد (Mary Typhoid) ،
.......................................................................................

MARY_TYPHOID 


 مصطلح اسمه ماري التيفوئيد (Mary Typhoid) ، ويعني الشخص الذي يبدأ جائحة ما بدون الاهتمام بالعواقب ، سواء  كانت جائحة صحية أو رأي ومواقف سيئة أو كراهية ينشرها بين الناس ، أو حتى من يبدأ المشاكل الالكترونية وينشر الفيروسات على شبكات الانترنت.

ويعود هذا المصطلح إلى سيدة إيرلندية اسمها ماري مالون ، هاجرت كمراهقة إلى أمريكا في نهاية القرن التاسع عشر ، حيث عملت كطباخة في بيوت الأثرياء في نيويورك، وانتقلت من بيت إلى آخر. عندما ذهبت العائلة الأخيرة التي خدمت عندها ماري إلى إجازة صيفية ، أصيب أفراد العائلة بالتيفوئيد، وهو كان أمراً مرعباً لهم بحكم أن المرض كان مرتبطاً بقلة النظافة و سوء الوعي الصحي بين المهمشين وليس في العائلات الثرية المتنفذة. كان المرض أيضاً قاتلاً لقسم من المرضى بسبب عدم وجود لقاح أو وجود مضادات حيوية في ذلك الوقت. 

عينت العائلة مهندس صحي للتحقق من أسباب المرض ، ففحص المنزل الصيفي وتمديداته دون وجود أي مشكلة، ثم تتبع الأمر حتى وصل إلى الطاهية. تتبع المهندس التاريخ الوظيفي للطاهية فوجد أن سبعاً من العائلات الثمانية التي خدمت عندها أصيبوا بالتيفوئيد. رفضت الطاهية تقديم عينات للفحص . نتيجة التحقيقات  تدخل قسم الصحة في نيويورك وحجز عليها. احتجت الطاهية أنها ليست مصابة بالمرض وليس لها علاقة به، ولكن بعد إجبارها على إعطاء عينات اتضح أنها حاملة للمرض. نشر المهندس نتائج بحثه في ورقة علمية  وأصبحت ماري رسمياً أول شخص سليم حامل للتيفوئيد في أمريكا بدون ظهور أعراض . بعد تعمق التحقيق اتضح أن الطاهية لا تغسل يديها أبداً، وأن بكتيريا التيفوئيد غالباً انتقلت عن طريق الأصناف غير المطهية بالحرارة 
مثل الآيس كريم الذي تحضره. بقيت الطاهية في الحجز الانفرادي ثلاث سنوات ، وفي النهاية أطلق سراحها بعد تدخل رجل ذو نفوذ قوي في الإعلام، حيث تدخل من أجلها بشرط ألا تعمل طباخة أبداً. وافقت ماري على أن تعمل في التنظيف بدلاً من الطبخ.

بعد عدة سنوات ظهر التيفوئيد من جديد في مشفى للولادة مسبباً وفيات بين الأطباء والممرضين . وصلت التحقيقات مجدداً إلى طباخة المشفى والتي اتضح أنها ماري تحت اسم مستعار. اتضح أنها عادت مجدداً للعمل كطباخة إذ لم يعجبها راتب عاملة التنظيف وعملت هذه المرة في مستشفيات ومطاعم وفنادق. بسببها أصيب حوالي مئة وعشرين شخصاً بالمرض وتوفي خمسة منهم. صدر قرار جديد بحبسها انفرادياً لأنها خطر على الصحة العامة. وبقيت معزولة 23 سنة حتى وفاتها وحيدة في عام 1938. أصيبت قبل وفاتها بالشلل ، وكان دينها ملجأها الوحيد في وحدتها.

تعد حالة ماري حالة ذات اشكالية في تاريخ الطب، خاصة مع تعامل قسم الصحة في نيويورك معها وحبسها 26 عاماً . اهتم الأطباء أكثر بجمع عينات منها ولم يهتموا بالحديث معها وتوضيح خطورة أن تكون حاملة للمرض. تم وصمها اجتماعياً وشجع الرأي العام على حبسها، بينما لم يحصل ذلك لحاملي التيفوئيد الأصحاء الذين اكتشفوا بعدها. كان العلاج الوحيد الذي عرض عليها هو ازالة المرارة وقد رفضت ذلك ، واتضح لاحقاً أن العملية كانت حلها الوحيد ، ولكن لم يتم توضيح ذلك لها. 

ماتت ماري والجميع يناديها ماري التيفوئيد، وانتقل المصطلح إعلامياً من مجال الصحة الى باقي المجالات ، فيقال عن شخص مثلاً أنه ماري تيفوئيد الاتصالات ، أو ماري تيفوئيد البنوك وهكذا.


دكتورة سمر الزير
جامعة دمشق كلية الصيدلة
شكرا لتعليقك