pregnancy

الإيمان ...بقلم الأستاذ علي حسين الحموي






الإيمان 
.....................................................................................

الإيمان بالله تعالى والغيب والوحي للأنبياء قضية إيمانية بحتة وليست قضية علمية 
إذ لا يمكنك إثبات الله جل جلاله بالملاحظة والتجربة العلمية 
ولهذا محط هذا الإيمان القلب وربما لا يقصد به العضلة المضخة إنما الشعور الغامض في داخلنا بالولاء لقوة خيرة عظيمة في هذا الكون.

لكن الإيمان قضية منطقية خاضعة للمنطق وللمحاكمة العقلية، إذ ليس هناك مخلوق بدون خالق ولا فعل بدون فاعل، "بديهيات العقل تقول ان لكل معلول علة، ولكل فرع أصل، ولكل حادث مُحدث، وماكان لايكون الا اذا اتت قوة دفعته لان يكون، وان لكل موجود غاية وعلة غائية وجد لاجلها، لكل شيء وظيفة والانسان جزء من هذه الموجودات" (*)

لا يمكننا اختزال الإيمان في نص مقدس، فكل لحظة من حياتنا هي اتصال مقدس بهذه القوة الإلهية التي تتغلغل في وجودنا وحياتنا (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) هنا يصبح النص نقطة ارتكاز مرجعية يلجأ إليها عند التخالف او التشويش.

الكون منتج كوني بالخلق ولا يمكن ربط كل عمليات الطبيعة بلحظة الخلق الأولى لأن كينونة الوجود هي صيرورته في لحظة ثابتة، وهذا أمر غير متحقق لأن الزمن فاعل بالحركة؛ وبالتالي فإن كل لحظة في الكون او الطبيعة هي خلق جديد سواء بإبداع محدث أو متطور او بضبط عملية التحرر او بضبط الانفلات من الذرات والجزيئات والوظائف 
يمكننا كبشر مراقبة الكون واكتشاف قوانينه ومحاولة التحكم بما يتيسر لنا بواسطة العلم الذي هو أيضا بالعقلية الإيمانية عطاء رباني (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) سورة الرحمن
والسلطان هنا هو سلطان العلم 
يفترض ان العالم المؤمن يختلف عن العالم غير المؤمن فهو يضبط ساعته على الساعة الربانية -إن صح التعبير- فلأن الله هو مطلق الخير وجب علينا ألا نستخدم علومنا إلا في هذا المسعى وهو عكس ما يحدث اليوم بسبب انتشار الإلحاد واللاادرية 

أخيرا مسألة القدر خاضعة هي الأخرى لقضاء الله وحكمه وحكمته البعيدة التي لا نفهمها وخطته الأوسع التي لا تفقهها عقولنا.
فكم من مرة شكرنا الله او القدر لانه لم يستجب لمطلبنا اللحظي، إذ أثبتت اللحظات التي تليها خطأنا او سوء عاقبة ما تمنيناه، فكان لطف الله اسرع وأقرب وهو اللطيف الخبير.
وبالتالي فإن أقدار العالم مقدرة من الله تعالى، إلا أن هذا لا يمنع المؤمن (وغير المؤمن بطبيعة الحال) من الاستعداد لها والوقاية منها ومعاكستها إن شاء ذلك، وبذلك يتساوى المؤمن مع غير المؤمن موضوعيا فكلاهما يعدان العدة لمكافحة الكوارث الطبيعية والحرائق وحوادث النقل.
كلاهما يتبع أساليب الوقاية من الأمراض والجائحات، لكن الفرق أن المؤمن ينطلق في سعيه من رجاء قلبي لله تعالى بالعون واللطف والمد بالصبر لحظة الاختبار، في حين يسود قلب غير المؤمن السخط والغضب والشعور بالعبثية بسبب ما حدث.
الإيمان الحقيقي هو أن نؤمن بالله وبالغيب والوحي
أن نحيى في الله وليس الغيب فحياتنا يجب أن تكون موضوعية غير منساقة لقوة او قهر 
إيماننا بالوحي مخصوص بعصمة الرسل وليس بأفاقي العصر والأنبياء الكذبة 

علي حسين الحموي

(*) من تعليق الأستاذ مرار الشيخ ياسين
شكرا لتعليقك