علاقة السريانية بالعربية
.......................................................................................
العربية والسريانية لغتان شقيقتان منحدرتان من أرومة واحدة , متكاتفتان في سبيل النمو والتكامل , مكملتان الواحدة للأخرى , ذلك أنّ الطالب العربي مهما تعمّق في أصول العربية وآدابها , فإنّ دراسته تكون ولا شك ناقصة مالم يطلع على أصول وآداب اللغة السريانية والعكس بالعكس , وقد تآزرت هاتان اللغتان منذ أجيال سحيقة في رفع مشعل العلم والحضارة العالمية , فلا غرو إذن أن تتأثر إحداهما بالأخرى , أو تفرض إحداهما ماتحتاج إليه الأخرى . لذلك درج العرف في مصر على من يرغب في الحصول على درجة ماجستير أو دكتوراه في النحو العربي أن يلمّ أولاً بالسريانية . وهذه العلاقة الوثقى والصلات الطيبة بين السريان والعرب المسلمين تقوم على التقائهم في عقيدة التوحيد , والحياة الروحية الكريمة , ومحبة العلم , فضلاً عن وحدة الجنس , بدت طلائعها منذ الفتح العربي المبين , وأخذت تقوى وتشتدّ حتى بلغت أوجها في عهد الخلفاء العباسيين . وكانت القبائل العربية النصرانية المنتمية إلى الكنيسة السريانية قد انضمت إلى الجيوش العربية الفاتحة في المملكة الفارسية وأبدت شجاعة وإخلاصاً .وفي عهد الخلفاء الأمويين تولى بعض أبناء السريان وظائف في الدولة فاخلصوا في واجبهم , ولما جاء الخلفاء العباسيون
رفعوا ألوية العلم حاملين مشاعل الأدب والفلسفة , وجدوا في علماء السريان ضالتهم المنشودة فأبقوا على مدارسهم في أنطاكيا والرها وقنسرين وحرّان وغيرها
واستعانوا بهم في ترجمة معظم العلوم اليونانية إلى العربية , وكانت تلك الحركة الكبرى في تاريخ الفكر البشري جسراً مرّت عليه الحضارة الشرقية إلى الغرب .
كما أثّرت السريانية في اللهجة العربية العامية وبخاصة في اللهجات السائدة في سورية ولبنا ن ذلك أنّ كثيرأّ من الكلمات في هذه المناطق تبتدئ بالسكون بحسب اللهجة السريانية كقولنا : "كْبير , صْغير , نْروح , نْزور ,بْريد , الخ " ومن الثابت أن الكلمة العربية لا تبتدئ بساكن مطلقاً , فضلاً عن أسماء عشرات المدن والقرى في سورية ولبنان وفلسطين والعراق سريانية بحتة مثل " صوران , مورك , معرة , رمثا , شتورا " وكلمة "كفر" مثل كفر حلب , وكفر جنة, وكفر تخاريم "
أما التقاء الشقيقتين فيظهر في مئات بل آلاف من الألفاظ المتشابهة معنىً ولفظاً كقولنا : " أبو = أب , إيدو = يد , فومو= فم , بيتو= بيت ,أينو =عين وما إليها .
أ.ظهير الشعراني
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء