أسماء الخراط
......................................................................................
من يقرأ قصصاً عن نضال المرأة السورية بنت البلد الأصيلة يرى كيف أنها غيرت كثيراً من مفردات التاريخ النضالي للمرأة السورية، وغيرت معها النظرة عن المرأة العربية وفرضت على الرجال- قبل النساء- احترامها وإجلالها فقد سطرت بمسيرتها صفحات بيضاء مشرقة ناصعة ظلت باقية في ذاكرة الشعوب.
فعندما أشعل السوريون ثورتهم ضد الفرنسيين كانت النساء السوريات مع طليعة الثوار السوريين أثناء الثورة السورية الكبرى عام 1925 م، وقد سجل التاريخ بكل فخر ما قامت به المرأة السورية من نضال ومشاركة في جميع أدوار الصراع ضد المستعمر الفرنسي منذ بداية الاحتلال حتى الجلاء، حيث برزت مناضلات اشتهرن بمقارعة المستعمرين في كل المحافظات السورية في دمشق وحمص وحماة وحلب و إدلب والقلمون... كن يتقدمن العديد من المظاهرات ويحرضن على المقاومة ويشكلن الجمعيات والمنتديات النسائية للدفاع عن حقوق الشعب والوطن في الحرية والاستقلال.
بطلتنا اليوم لم تنل من الشهرة النصيب الكافي ولكن الكاتبة وداد سكاكيني سطرت في كتابها سابقات العصر بعض الصفحات عن حياتها، إنها أسماء الخراط أخت حسن الخراط المجاهد الكبير شهيد الثورة السورية ضد الفرنسيين الذي أثار الرعب في قلوب أعدائه، هي دمشقية المولد ابنة الشاغور، لم تكن في سن كبيرة حينما استشهد أخوها، فحلفت أن تنتقم له وتمضي على خطاه، وكانت شمائلها وخصالها قبساً من شجاعة أخيها.
لم تدخل مدرسة أو تحمل كتاباً، ولم تعلم بسيرة ذات النطاقين التي تحمل اسمها أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لكن حظها أورثها تلك الروح العظيمة. كان أهل الشاغور يرون فيها تلك الفتاة الصغيرة وهي تلملم الحجارة وتخفيها تحت ردائها ولما تبلغ بعد العاشرة من عمرها، لتدلف بتلك الحجارة إلى المتظاهرين لتقدمها لهم. وبعد مصرع أخيها، كانت الثورة السورية قد همدت في الجبل والشمال والغوطة إلا أنَ أسماء لم تلق سلاحها وبقيت توقد في نارها للانتقام، فأخذت تقود المظاهرات كلما عبث المستعمر بحق العروبة والحرية والبلاد في استقلالها، وتتمنى أن تستشهد كما استشهد أخوها . وقد تقدم لخطبتها كبار التجار فأبت ورفضت أن تتزوج كما رفضت حتى أن تقبل التعزية في أخيها وهامت على وجهها حيناً حتى ضاع أثرها وخبرها، فمن قائل أنها سافرت ومن قائل أنها هاجرت على أنها لم تهاجر وتسافر بل سكنت صفحات مشرقة في تاريخ وطنها كما سكن أخوها في صفحات منه تتحدث عن البطولة والفداء في الرجال والنساء ممن قاوموا الأعداء في ذلك التاريخ المجيد، ومنذ ذلك الحين أخذت النساء تلملم الحجارة الصغيرة وتحفظها في أطراف الملاءات وتقدمها للطلاب ليرجموا بها الأعداء كلما ثاروا من أجل الوطن.
.
.
منقول
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء