pregnancy

الحوار من أجل الانتصار..بقلم أ.محمد الخطيب





الحوار من أجل الانتصار
......................................................................................

بعد أن قضيت هذه السنوات متابعا لما يجري من أحداث ونشر مواضيع مختلفة من أغلب أصدقائي أو معارفهم تشكلت قناعة لدي أننا حتى بالحوار وإبداء الرأي عدنا للوراء بعد أن كنا قد خطونا بضع خطوات للأمام من تقبل الرأي الآخر وهذا بجله يعود لنتائج ما حدث وجرى في الوطن ، وبما أنني قد تشربت ما كتبه عالم الاجتماع العراقي ( علي الوردي ) فوجدت بأن ما كتبه منذ حوالي النصف قرن لازال صالحا لأيامنا هذه وخصوصاَ في مسألة الحوارات التي تجري حول موضوع أو حدث أو قضية لحظية ما في هذا العالم ، وفي منشوري هذا سأقتبس بعض مما أورده هذا العالم حول المنطق ( الأرسطوطاليسي )

يقول د. الوردي : أن القدماء لم يعرفوا إلا منطقاً واحداً هو منطق أرسطو وقد بقي هذا المنطق مرجع المفكرين في جميع العصور ، ولقد اقتبس هذا المنطق المفكرون المسلمون وغروا به غروراً عظيماً وقد تطرف بعضهم في تمجيده حتى عده مقارباً في عظمته لكلام الله ومكملاً له .وقد تغلغل هذا المنطق في أعماق عقولنا بحيث أمسينا متأثرين به تأثيراً لا شعوريا وهذا ناتج من تأثير الجو الفكري العام على أذهاننا ، فنحن منذ طفولتنا نسمع الكبار يتجادلون ويكتبون ويخطبون على وتيرة معينة فتنطبع هذه الوتيرة في عقولنا الباطنة ونبقى متأثرين بها طول حياتنا من حيث نشعر أو لا نشعر.

وقد سار الفلاسفة المسلمون في القرون الوسطى على نفس الوتيرة ، وإن المفكر الوحيد الذي ثار على هذا النمط من التفكير المثالي في الإسلام هو أبن خلدون فقد حاول هذا المفكر العبقري أن يهدم منطق أرسطو ويبني مكانه منطقاً جديداً يستند على الواقع الاجتماعي المتغير فلم يفهمه المفكرون في حينه .

إن منطق أرسطو يصلح للوعظ وللمشاغبة معاً فالواعظ الذي يرقى المنبر لإنذار الناس بالويل والثبور ، والمشاغب الذي يبحث عن عيوب الناس لينتقدها كلاهما يستعمل هذا المنطق في الهجوم والدفاع .

والغريب في القياس المنطقي أنه يمكن أن يكون سلاحاً في يد كل فريق ، فمن الممكن استعماله لتأييد رأي ما ولتأييد عكسه أيضاً ، وأصحاب الفرق الدينية كلهم يستعملون هذا المنطق لتأييد دعاواهم المذهبية وكل واحد منهم يعتقد أنه قد وصل به الحق الذي لاشك قيه .

إن المبتلى بمنطق أرسطو يؤذي نفسه ويعرقل سبيل نجاحه من نواح ثلاث :

1- 
يكون كثير الأعداء قليل الأصدقاء فهو ميال للجدل شديد الوطأة فيه ، وهو قد يحسب بأن من العار عليه أن يغلبه أحد في الجدل ولذا تراه يواصل جداله في الحق والباطل الى أبعد مدى ، أنه يقع في ذلك بين أمرين : أما أن يغلب خصمه فيجعله عدواً لدوداً أو ينغلب أمامه فتصيبه مرارة الخيبة .

2- 
المبتلى بداء الجدل المنطقي قد يؤذي نفسه من ناحية أخرى فهو يتصور الناس كلهم منطقيين في أعمالهم ويفترض فيهم أنهم يسيرون على ما يقتضيه القياس الأرسطوطاليسي .

3-
 والتفكير المنطقي يؤدي الى الفشل من ناحية ثالثة إذ هو يحول بين الفرد وبين استثماره لقواه النفسية الخارقة .

أ.محمد الخطيب
شكرا لتعليقك