pregnancy

العلم والدين والسياسة ..بقلم أ.أبو محمد سليمان الحاج




العلم والدين والسياسة
......................................................................................

اصدقائي الكرام :
اقدم لكم هذه المقالة التي نشرتها سابقا. هل التاريخ يعيد نفسه؟ 
نعم هناك قوانين تاريخية تحكم ذلك. لكن مع تطور العصر تظهر ظروف جديدة محكومة بقوانين جديدة او باليات تفكير جديدة وهناك سياسات لا نجد لها تفسير منطقي. كالسياسات الغربية بدعم الارهاب وتوظيفه في السياسة بما ينعكس ضررا على مصالح شعوبهم. 

 العلم والدين والسياسة:
 السياسة لادين لها، لأنها هي المشكلة، هي التي تستغل مشاعر عامة الناس المتدينين لمحاربة كل جديد تراه يهدد مصالحها، فالعداء ليس بين العلم والدين ولا هو بين الوثنية واليهودية والمسيحية والاسلام انما هو صراع بين القديم والجديد. صراع بين الجمود من جهة والتطور من جهة اخرى، فمنذ القرن الخامس قبل الميلاد اعتُبرت فلسفة سقراط مذنبة وآثمة لأنها تعرّض النظام السياسي والدين للخطر. وعلى هذا الاساس تدخلت السياسة بين العقل والدين وقتل سقراط وتجاوز عنف السياسة إلى اضطهاد تلامذته وتشتيتهم، مع ان الديانة الوثنية من ابسط الديانات واقلها تعصبا، لكن الدين نصيب العامة والعلم نصيب القلة. هكذا قتل سقراط وصلب المسيح وسفك الرومان دماء اليهود والنصارى وحورب النبي محمد (ص) وحرق وقتل وشُرّد المفكرون والعلماء. هكذا سفكت دماء النصارى من قبل ساسة الرومان الى ان صارت المسيحية ديانة الدولة الرومانية في القرن الرابع فسفكت دماء الاثنيين وهدمت معابدهم وصادرت اموالهم.
 في مطلع عصر النهضة الاوروبية كان صراعا مريرا بين القديم والجديد. سُفكت فيه دماء كثيرة خصوصاً ما بين الكاثوليكية والبروتستانت ولقي العلماء والفلاسفة اذىً كبيراً من رجال الدين (كوبرنيكوس.... ديكارت.... الخ) الى ان أشعل العقل الاوروبي حربا على السياسة الملكية والكهنوتية الكنسية حتى الثورة الفرنسية 1789. لم تتطور اوروبا حتى فصلت الدين عن الدولة مع انه ليس في ديانتي المسيحية والاسلام ولا في الديانة الوثنية ما يدعو للاضطهاد.
 انه اعتداءٌ على حرية الرأي هو استغلال السياسة لعواطف السواد الأعظم من الناس.
وللإنصاف إنَّ المسيحية كانت أشدُّ على العلماء والمفكرين من الإسلام بدءاً بالسجن وانتهاءً بالتعذيب والقتل، فالإسلام شجع التجديد، وكان متسامحا على قاعدة (لا اكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغيّ)، الى ان سيطر السلاجقة والترك على مفاصل الدولة العباسية فكانت فتنة كبيرة بين الناس وسيطر جمود على الحياة العقلية والدينية، ويعتبر ابن تيميه الدمشقي المؤسس الأهم للفكر التكفيري والعنف الديني، فإضافة الى فتاويه التكفيرية قاد حملات تطهير عسكرية ضد المذاهب الإسلامية الأخرى سفك فيها دماء كثيرة وصولًا الى محمد ابن عبد الوهاب صاحب المذهب الوهابي التكفيري الدموي الذي فرّخ لاحقا تنظيمات جهادية وتكفيرية كثيرة كالقاعدة وداعش وأخواتها. ما زال بلدنا وغيره يعاني منها وهي من أهم المشكلات العالمية التي يواجها عالمنا المعاصر. 
من رواية عزازيل التي كتبها الراهب هيبا المصري قبل 1600 عام وحفظها على (رقوق) في مخبئٍ خوفا عليها وعلى نفسه إلى أن اكتُشفت حديثا ونشرها الكاتب يوسف زيدان. اقتطف بعض المقاطع من حادثتين على لسان الراهب هيبا كشاهد من أهله.
الحادثة الأولى: يقول (يوم كنت في التاسعة من عمري فقد تربص بنا عوام المسيحيين عند المرسى الجنوبي القريب من بوابة المعبد. كانوا يختبئون خلف الصخور من قبل رسو القارب، ثم هرولوا نحونا كالأشباح... سحبوا ابي من قاربه وجروه على الصخور ليقتلوه طعنا بالسكاكين، وكان ابي غير متحصن بشيء ويصرخ تحت طعناتهم مستغيثا بالإله الذي يؤمن به كهنة خنوم... ثم حملوا جثة أبي المهترئة ورموها متهللين مهللين بالترنيمة... المجد ليسوع المسيح، والموت لأعداء الرب).
الحادثة الثانية: بعد ارتدائه ثوب الرهبنة في الإسكندرية يروي كيف حضر محاضرة لعالمة ذاك الزمان هيباتا بعد سماعه مناديا ينادي أن الحاكم اوريبيتيس يدعو جميع العلماء والمتعلمين والرياضيين والفلاسفة إلى محاضرة أستاذة كل الأزمان هيباتا يقول: (كانت تشرح بلغة يونانية راقية كيف يمكن للعقل الإنساني أن يستشف النظام الكامن في الكون، وأن يصل بالفهم إلى معرفة جواهر الأشياء، كان يجري على لسانها عبارات من مبادئ الفلسفة والمشهور من كلام الفيثاغوريين... شعرت من عمق احساسها ورهافة نطقها أن الكائنات كلها ايقاعات منظومة واحدة.)
ثم يحدثنا كيف قُتلت هيباتا على يد المسيحيين في وصف مؤثر اقتطف منه بعض العبارات (انتبهت إلى ذلك الرجل النحيل وهو يصيح لبطرس والذين معهم – الكافرة ركبت عربتها ولا حراس معها. جرى بطرس وتبعه الأخرون... جريت خلفهم وليتني ما فعلت. عند الكنيسة الصغيرة في منتصف الشارع الواسع بدت من بعيد عربة هيباتا. انطلق بطرس واتباعه وهو يصيح صيحة هائلة ويُخرج من تحت ردائه الكنسي سكينا طويلا. حيث رآه سائق عربة هيباتا ففر هاربا... أوقف بطرس العربة .. أطلت هيباتا برأسها الملكي، زعق فيها جئناك يا عاهرة، يا عدوة الرب... سحبها بطرس من شعرها إلى وسط الشارع وحوله اتباعه من جند الرب يهللون. حاولت ان تقوم، فرفسها احدهم فتكومت. سحبها بطرس من شعرها ومن خلفه جنود الرب يهتفون هتافه ويهلّلون له وهو يجزّ ذبيحته منتشيا و يمضي ناحية البحر ساحبا غنيمته وكان والبقية يتجمعون حول فريستهم مثلما تجتمع الذئاب حول غزال رضيع .. على ناصية الطريق الممتد بحذاء البحر صاحت عجوز شمطاء وهي تلوّح بالصليب. اسحلوا العاهرة... كانوا يتلذّذون بنهش القطع الداخلية من ثيابها وهي عارية تصرخ يا أهل الإسكندرية! ثم جاؤواْ بحبلٍ لفّوه حول معصمها وجرّوها. هكذا عرفت يومها معنى كلمة السحل، وهكذا سُحلت هيباتا المعلقة بحبلهم حتى تسحّج جلدها وتقرّح لحمها... جرّوا هيباتا بعد أن صارت قطعا من اللحم الأحمر المهترئ عند بوابة المعبد المهجور الذي بطرف الحيّ الملكي (البرخيون). ألقوها فوق كومة كبيرة من قطع الخشب بعدما صارت جثة هامدة ... ثم أشعلوا النار.  بعدما وصل نحيبها عنان السماء حيث كان الله والملائكة والشيطان يشهدون ما يجري ولا يفعلان شيئاً.
هيباتا ... أستاذة الزمان ... النقية ... القديسة ... الربة التي عانت آلام الشهيد.
هذا شاهد كنموذجٍ عن بعض ما كان يجري قبل 1600 عام واليوم ونحن في القرن العشرين في وطننا وغيره نجد شيئا مشابها أو ما هو أشدّ قسوة وأكثر دموية وفظاعة فيما تفعله داعش وأخواتها من التكفيريين من قتل وذبح وسحل وتدمير للحياة بكل مفاصلها بدعم وتمويل دول علمانية (أمريكا والغرب) وغيرها. هناك كثير من مقاطع اليوتيوب كلها تقول ان ما يحدث في سورية هو بتدبير أمريكي غربي _ إسرائيلي وأن أمريكا هي التي أوجدت القاعدة والإسلاميين.
 كتبت كلينتون في مذكراتها عن (تحطيم نظام الأسد باستعمال الإسلاميين لمصلحة إسرائيل وأمنها)، وهناك مقطع فيديو لنائب رئيس ال CIA  الذي كُلّف بإدارتها منذ عام 2011-2013 حيث يقول أنه أطلق مشروع تأديب الحكومة السورية انتقاماً ايضاً عن طريق الإسلاميين . وفي حملة ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية اتهم ترامب الرئيس الأمريكي أوباما ووزيرة خارجيته بإنشاء داعش وغيرها من منظمات إرهابية عندنا. وهذا صار معروفا للصادي والغادي وما زال كثير من السواد في غيّيهم يعمهون والمذبحة مستمرة بأهلنا وشعبنا ووطننا.
 من القدم أستخدم الساسة الدين في مواجهة العلم والعقل واليوم سياسيو حملة مشعل العلم في الغرب مازالوا يستخدمون الدين والحركات الدينية المتطرفة بما هو أشد فتكاً وأكثر فظاعة ووحشية.
 فما أشبه اليوم بالأمس.

أبو محمد سليمان الحاج 
شكرا لتعليقك