(المرأة العربية)
......................................................................................
منذ وجد الإنسان على وجه هذه الأرض، وجد معه سعيه الدائم وراء سعادته ونجاحه، ورغم أن السعادة المطلقة أمر يعد تحقيقه شيئاً بالغ الصعوبة، إلا أن هناك مجموعة من الممارسات التي تشعرنا بالسعادة في بعض مناحي الحياة أو على الأقل تشعرنا بالرضا والقبول، وتأتي مثل هذه الممارسات مرتبطة بجملة أخرى من السلوكيات التي يتبعها الإنسان في سعيه نحو تحقيق نجاحه.
وبالنسبة للمرأة تكتسب عملية السعي نحو السعادة والنجاح ممارسات ذات صبغة خاصة بعض الشيء كون المرأة كانت لفترات طويلة على مر العصور حبيسة إرادة الرجل وسعادتها مرهونة بسعادته، وجهودها كلها تصب من أجل العمل على إنجاح الرجل الذي يرتبط مصيرها به سواء أكان زوجاً، أو ابناً، أو أخاً، أو أي قريب آخر. و هذا الأمر بالنسبة للمرأة في الدول النامية ومنها الدول العربية (وخصوصا العربية) تكاد تكون معدومة.
البرمجة المجتمعية وضعت المرأة في قالب لا يساعد كثيرا على أن تكون عنصراً فعالاً في المجتمع. لا يلقى باللوم في هذا على الرجل وحدة ولاكن على الطرفين على حد سواء. المجتمعات الذكورية تحاول قدر الإمكان تقليص دور المرأة في الحياة على أمور لا تتعدى الإنجاب والطبخ والإعتناء بالبيت. ولكن السؤال لك أيتها السيدة، لماذا تقبلين بالوضع؟ (أن كنتي غير راضية عنه). أنتي لستي سلعة ولا شيء يُمتلك ولكن إنسان له كامل الحقوق البشرية مثل الرجل.
بدون الدخول في تفاصيل وضع المرأة العربية بشكل دقيق، لكن في الآونه الخيرة بدأ الوضع يتحسن في بعض الدول ولكن ليس بالوتيرة السريعة. هنا أردت أن أوضح جملة من الممارسات التي من الممكن أن تساعد المرأة على تحقيق سعادتها ونجاحاتها الشخصي وهي:
١- تحديد مجموعة من الأهداف:
لا شك أن تحديد الأهداف في الحياة والسعي الدائم لتحقيقها هو من أهم أسباب توازن أي شخص نفسياً وتنعكس إيجاباً على حياته فتجعله أكثر سعادةً وثقةً ونجاحاً، أما بالنسبة للمرأة فتكتسب عملية تحديد الأهداف أهمية خاصة ومضاعفة وعلى وجه التحديد بالنسبة للمرأة العربية، التي بدأت في العقود الأخيرة تنطلق نحو مجالات جديدة في الحياة كان محظوراً عليها في السابق خوض غمارها.
وبسبب بعض المهام المنوطة بالمرأة بشكل غريزي مثل الإنجاب ورعاية الأبناء والأسرة، وهي بلا شك أهداف سامية وتحسب للمرأة كنجاحات فريدة، إلا أن الأمر لا يجب أن يكون على هذا القدر من النمطية التي تفرضها نظرة المجتمعات النامية للمرأة بأنها إما أن تكون أماً وربة منزل ناجحة وهذا يستدعي فشلها في باقي مناحي الحياة خارج المنزل. أو أن تكون ناجحة في عملها خارج المنزل وهذا بالضرورة – بحسب وجهة نظر هذه المجتمعات – سيؤدي بها إلى الفشل على صعيد عائلتها. وأنا لا أنكر احتمالية حدوث مثل هذا الأمر، ولكن في الوقت نفسه هناك فرص متاحة للمرأة لتنجح في كلا المجالين في حال تلقت التدريب والإرشاد الكافي عن كيفية الموازنة بين مختلف المهام. وهنا لابد من مجموعة من النصائح السريعة التي تعتبر مفيدة للمرأة في هذا المجال وهي:
أن تستمع لنصائح غيرها من النساء الناجحات في عملهن وفي رعاية عائلاتهن وتأخذ منهن الدروس والعبر. (مثلا، لو كنتي ربة منزل إستشيري سيدة أعمال ناجحه)
أن تحدد بناء على ذلك ما يشكل أولوية بالنسبة لها في الحياة.
أن تكون على قدر كافي من المسؤولية.
أن تعمل على وضع خطة عمل توازن بين مختلف المهام التي اختارت حملها على عاتقها.
أن تعزز ثقتها بنفسها. (من أهم النقاط)
عمل مراجعات دورية لما قامت بتحقيقه وتحديد مواضع الخلل ومعالجتها.
٢- أن لا تجعل اعتمادها بالكامل على الرجل:
فلا أحد ينكر حاجة أي شخص منا إلى من يسانده ويعتمد عليه في شؤونه العائلية أو في عمله. ولكن هناك حدود لا يجب تجاوزها في مستوى اعتمادنا على هذا الآخر سواءً كنا رجالاً أو نساءً، لأن الظروف قد تلعب لعبتها فتفقدنا هذا الشخص الذي نعتمد عليه أو ببساطة ربما يخذلنا. وبالنسبة للمرأة فإنها بحاجة لأن تصنع سعادتها ونجاحها الخاص بعيداً عن مساعدة الرجل وهذا يتطلب منها العمل على عدة نواحي من أجل تحقيق هذه الاستقلالية وهي:
ألا تتوقع من الرجل الكثير
أن تعمل على تحقيق استقلاليتها العلمية من خلال التدرج صعوداً في مختلف مراحل التعليم.
أن تعمل على تحقيق استقلالها المهني.
أن تعمل على توفير استقلاليتها المادية والمالية.
ألا تنهار أمام أي خذلان أو استهزاء من الطرف الآخر.
أن تتحدى نفسها وميلها للراحة والاعتماد على من يوفر لها احتياجاتها.
٣- قوة الشخصية:
وهو أمر مطلوب من أي شخص يسعى للنجاح. وبالنسبة للمرأة بإمكانها تعزيز ثقتها بنفسها من خلال الاستفادة من قصص نجاح غيرها من النساء، أو حتى من خلال استفادتها من تجاربها وانجازاتها الخاصة مهما كانت محدودة فيكاد لا يوجد شخص من دون انجازات على الإطلاق.
٤- اتخاذ قراراتها بنفسها:
ولا بأس هنا من الاستماع لنصائح الآخرين من أجل الوصول إلى قرارات أكثر حكمة ونضجاً وبأقل الخسائر الممكنة. ولكن حذار من الاستسلام للقرارات التي يفرضونها، بحجة أن المرأة عاطفية وانفعالية وذلك من وجهة نظرهم يؤثر سلباً على جودة قراراتها وصوابيتها. فالدراسات الحديثة أثبتت أن عاطفية المرأة وانفعالها من أهم الصفات التي يجب على القادة أن يتحلوا بها.
٥- أن تسعى لأخذ دورها الحقيقي في المجتمع:
وهو من واجبات المرأة وليس فقط من حقوقها التي أقرتها مختلف التشريعات الدينية أو الوضعية، فهي أكثر من نصف المجتمع، وعلى مر التاريخ هناك قصص للدور القيادي للمرأة في المجتمع على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والطبية والعلمية والاجتماعية وحتى العسكرية. ولكنها على روعتها تبقى قصص نادرة وقليلة وعانت فيها تلك المرأة الكثير واجتهدت بشكل كبير حتى استطاعت أن تثبت جدارتها. ومطلوب من المرأة العربية في الوقت الراهن أن تجتهد على تثقيف نفسها وتغذيتها بأحدث ما توصل إليه العلم في المجال الذي اختارت لعب دورها فيه كالسياسة والاقتصاد والطب والفن وغيرها. وكذلك عليها أن تطمح إلى اعتلاء أعلى المناصب في مجالها وتسلحها بالعدة اللازمة لذلك من العلم والاجتهاد والثقة والإصرار وغير ذلك.
٦- اختيار علاقاتها بعناية فائقة:
مثل أي شخص آخر يتبع أسلوب حياة جديد ومليء بالعمل، تحتاج المرأة إلى أن تكون حذرة في اختيارها للأشخاص الذين سيكونون بقربها وذلك لتأثيرهم الكبير عليها سلباً وإيجاباً. فتبتعد عن أولئك المشككين، وتعزز صلتها بأولئك الذين يحفزونها باستمرار ويقدمون لها إلى جانب ذلك النصائح المفيدة.
٧- أن تجتهد المرأة من أجل تغيير الصورة النمطية لها:
وهي صورة تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات ولكنها بالعموم لا تخرج عن إطار تصوير المرأة كتابع أو كسلعة، وبالنسبة للمرأة العربية يمكن تصنيف المرأة وفق هذه الصور النمطية إلى أحد أربعة وهي
المرأة الغنية المشغولة بآخر صيحات الموضة والمكياج والتي تسعة لاهثة وراء أي سلعة جديدة لتحقيق رفاهيتها
المرأة الفقيرة التي تعمل بوظيفة متواضعة من أجل تحسين ظروف أسرتها المعيشية.
فئة ظهرت مؤخراً فرضتها الفضائيات التي انتشرت بسرعة وبدأت ببث الغث من الفنون الهابطة التي تصور المرأة كسلعة مبتذلة لتحقيق البهجة.
وأخيراً، القلة القليلة من المثقفات اللواتي يحاولن الولوج إلى معترك السياسة والقيادة. بعيداً عن باقي المجالات المهمة كالاقتصاد والعلوم والثقافة والرياضة وغيرها والمطلوب هو التركيز والعمل على تعزيز دور وصورة هذه الفئة من النساء العربيات.
بالإضافة إلى كل ما سبق هناك مجموعة من الخطوات الإضافية التي بإمكان المرأة أن تتخذها من أجل تحقيق سعادتها ونجاحها وهي خطوات عامة لا تختص بالمرأة وحدها كالتفاؤل، والتخطيط الجيد، والتعلم المستمر، والإصرار والمثابرة وهي أمور مطلوبة من كل إنسان يسعى للنجاح.
في النهاية، تأكدي أيتها المرأة أنك أنت من يصنع الواقع، فإن لم تكوني تحبين الواقع فأنت لستي شجرة ثابتة. قد تواجهين بعض الصعوبات في البداية، ولكن إن كان هناك رغبة إذاً توجد طريقة.
سيف الشامسي
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء