pregnancy

سلمية

سلمية في فضائها العربي الإسلامي 

.................................................

ليس هناك أجمل من هذه البلدة السامية بأفكارها وأحلامها 
وما أنبل قطرات دماء شهدائها، وما أطهر حروفها التي كتبها الناس من قلب الوجع الأمنيات الموؤودة.

إن هذا التفرد هو زمن طويل من الإسراف في البحث عن الخلاص، حيث ينقطع الأمل ليحل محله الكبرياء.

هنا برزت كل أفكار المشرق العظيم السياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، هنا نبتت جراح المعذبين فصارت شوكاً في حلوق الطغاة والسماسرة 
كل زنزاناتها تحولت إلى ساحات ضياء كتبت المستقبل القريب والبعيد وتعانقت مع باقي الوطن والأوطان البعيدة حيث الشتات ودمعة المشردين دون قيد لكن بضياع. 

لقد هرب الألم منها زحفا، إذ لم يستطع أن يقهرها.
ناضلت سلمية في كل حروب الوطن، منذ أن ولد الحرف 
صرخت في وجه الظلم والتهميش لكن لم تبع جدائلها في سوق النخاسة، كما لم تسقط في مكب النفاق بل ظلت غزالة البادية البرية لا يتمكن منها ضار أو مفترس. ومن تساقط منها ليس إلا قذا من عاصفة وفضلة عفنة سىئمت الكبرياء 

اليوم سلمية أم القاهرة في عنفوان التاريخ هناك الألم وهناك القيام وهناك الموت.

سلمية ليست كلمة عابرة بل هي عنوان لنشيد قادم إن شاء الله سيهدر به المشرق كله. 
سلمية ليست قافية ثقافية ومنتديات وحداثة تتعثر نحو إسفلت النرجسية بل هي مجد رابض في قلوب لم تنحن إلا لخالقها. وخميرة انبثاق لثقافة إنسانية.

فإن اختارت الألم فهذا طبعها إذ لا يخيفها القهر والفقر وسراب الصحراء فقد نبتت من القهر والحرمان، ولا تعرف الغربة فكل أبنائها من الوطن وكلهم سمر على جباههم غبار الحماد وعطر شجر البلعاس وفي صدورهم جميعا قصائد المتنبي.
وإن انقضت في خاصرتها نصلة غادرة فنساؤها حرات عزيزات. تموت الحرة ولا تأكل بثدييها. 

وإن اختارت القيام فهي له وهي أسه ومنبعه، وهي أهل للتاريخ أو أزكى، وهي تدرك أن الأحابيل الضيقة لن تجدي معها نفعاً فهي أكبر من طائفة وأعظم من محلة وبلدية. تدرك انتماءها الكبير إلى وطن عربي يصهل بجراحه وعالم إسلامي تصدح به الفتن.
فكما قام المعلمون منها إلى البوادي والجزيرة والجزائر واليمن، كذا هم اليوم قادرون على إعادة السفين إلى الوجهة الصحيحة ففي قلب كل واحد منهم بوصلة. وعلى جبين كل منهم خارطة العروبة من الماء إلى الماء ولا نقيض مع الحق. فإن هم لم يفعلوا فمن يفعل إذن. فسلمية أكبر من طوائف في بحر إسلامي متلاطم وأصغر من عالم يحترق؛ فلا تحاولوا تقزيمها.
حتى إن اختارت سلمية الموت لا قدر الله، فإن الأشجار لن تموت إلا واقفة.

أ. علي حسين الحموي


شكرا لتعليقك