قصة دجى 3
القدر
بعد اعتقال دجى كانت الخيارات أمامها مفتوحة وأهم خيار كان الهرب والعودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهي التي تملك جواز سفر أمريكي يحلم به الكثيرون، وكان أمامها خيار آخر هو الاستقرار في الأردن، لكنها بقيت سامية بروحها وتفكيرها، فرفضت الفكرة وتابعت حياتها رغم الجراح على أرض الوطن
تخرجت دجى عام 2006 وبدأت على الفور بالعمل الاجتماعي في مؤسسة والدها الإنسانية دار الأمل، وكان هذا دافعاً لمتابعة عملها ونضالها وكتابتها.
لكن للأسف الشديد تعرضت دجى لانتكاسة عاطفية اجتماعية أثرت على وضعها الصحي بشكل عميق
وأكتملت المحنة بوفاة والديها في نفس الفترة بأوقات متقاربة جدا؛ ورغم قوة دجى إلا أن بدنها لم يحتمل ما جرى، "فأصيبتْ بمرضٍ خبيثٍ وهي في عِزِّ صِباها، وعانت الكثيرَ في مرضِها... ولكنها انتصرتْ بإرادتها وصبرِها وحبِّها لبلادِها ونذرتْ نفسَها لخدمةِ الفقراءِ والأيتامِ ومساعدةِ المحتاجين ...
بعد وفاةِ والديها المبكرة. حملتْ دجى رسالةَ والدِها وتولَّتْ إدارةَ المؤسساتِ الرعائيةِ وخدمةِ الناسِ مِن حسابِ العائلةِ ونتاجِ أملاكِها دون قبولِ أيِّ هبةٍ أو مساعدةٍ مِن أيِّ جهةٍ كانت...
أحبت اللغةَ العربيةَ وإئتمنتْها على ما تأججَ من مشاعرِها المرهفةِ والحساسةِ، فكتبتْ أجملَ النصوصِ رغم ضراوةِ المرضِ الذي كان يداهمُ نضارتَها إلى أن تمكن منها بعد نضالٍ طويل.
فاسلمت الروح بطمأنينة وسلام... تاركةً لنا نموذجاً إنسانياً قلَّ نظيرُه" (*)
أدبياً تأثرت دجى سالم منذ يفوعتها بجبران خليل جبران، وأثناء الجامعة تعمقت في كتاباته أكثر وأكثر، وعملت على إتقان اللغة والعربية والكتابة بمساعدة إحدى قريباتها وهي الشاعرة دنيا أرشيد التي رعتها كوالدة لها، فكانت الصديقة والمعلمة الناقدة لصقل موهبة دجى، شجعتها على الكتابة بإتقان وروح أدبية عالية المستوى.
لكن موهبة دجى لم تكتمل إلا مع الأديب الشاعر نصر ضاهر الذي كان الأب الروحي لها من ناحية الموهبة فكان يراجع قصائد دجى ويحفز فيها مزيداً من العمق والرومانسية، وهو ما دفع بدجى إلى مزيد من البوح الشعري الذي فجرته الآلام وهي في صبا العمر، فجاءت كتاباتها من عالم آخر لا يشبهنا.
بعد ألم ومعاناة طويلة مع المرض العضال فقدت دجى في المرحلة الأخيرة القدرة على الحركة ثم أسلمت الروح في في 27/10/2020
رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه
(*) مقطع ل دنيا أرشيد
تمت
علي حسين الحموي
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء