الفساد ما له وما عليه

..................................

هل الفساد أمر ذاتي يتعلق بالأفراد؟

أم امر موضوعي يتعلق ببنية المجتمع؟

1-عندما يكدح المزارع في أرضه ويتكبد مصاريف وجهود يعلمها الجميع ، لكنه يجد في النهاية ان السمسار في سوق الهال المركزي هو الذي يقاسمه الأرباح ، بل ويجني خلال ساعات ما تكبده المزارع خلال شهور ، ولا يستطيع فهم ذلك لأن كل ما يجري هو عمل قانوني ، رغم انه غير عادل ، الا يحتاج ذلك من الأجهزة الوصائيه (الدوله) الى اصلاح بنية العمل التجاري وضبط انسياب السلع بطريقة اكثر عدالة تضمن حق المزارع والمستهلك ?
لأن النتيجه الحتميه لإهمال ذلك هي هجرة الريف الى المدينه والبحث عن الربح السهل ، وبعدها تصبح الأرض بورا

2-الموظف والعامل في القطاعين العام والخاص ، عندما يدفع طيلة حياته المنتجه مبالغ التأمين للمؤسسه ويجد نفسه في شيخوخته يتقاضى مبلغا زهيدا بسبب انخفاض القيمه الشرائية للعمله ، رغم ان المبلغ الذي يتقاضاه قانوني!

الا يدعونا ذلك الى اعادة النظر في نظام التأمينات الإجتماعية وضبط التعويضات وفق القيمه الشرائية ، وليس وفق أرقام نقديه لا تعني شيئا للمتقاعد؟

ان وجود هذه المعادلة المجحفه بحقوق العمال يدفعهم الى البحث الدائم عن مصدر لتأمين شيخوختهم وأمراضهم بطريقة ,,, شرعية أحيانا ,,,, وغير شرعية لدى البعض.
3-من المعلوم للجميع ان تراث اي امه يحوي متناقضات كثيره ، ونرى في المجتمعات التي ارادت التقدم انها اظهرت القيم الايجابيه وقامت بتعميمها على المجتمع ، بينما في المجتمعات التي يعج بها الفساد فتم استحضار القيم السلبيه فمثلا تجدون :
--عندما يتقدم شاب للزواج من فتاة، كان الناس ينظرون الى اخلاقه ، وانه يكسب رزقه من عمل شريف،

لكن عندما صار ينظر الى قدرته على الاستهلاك كمعيار للحكم عليه مثل (ملكيته لبيت ، نوع الادوات الكهربائية التي يستخدمها ، وهل لديه سياره ,,,, الخ ) عندها اتجهت انظار الشباب الى الكسب السريع بأي طريقه ، واذا استطعنا احياء القيم الايجابيه مجددا في مجتمعنا عندها سيتغير حال الكثيرين

4-تضع الدول المتقدمه ميزانيات لضمان شيخوخة وطبابة وبطالة سكانها بصرف النظر اذا كانوا يعملون ام لا ، بشكل يجعلهم لا يخافون على مستقبلهم وحياة اسرهم ، والا فانهم سيسلكون درب الفساد ويروجون له

لذلك ارى ان محاربة الفساد أمر يحتاج الى تضافر جهود الكثر لاعادة النظر في اللوائح والقوانين وبنية المجتمع الاخلاقيه والاقتصادية

عمار يماني