pregnancy

المواطن رقم 14 بين المطرقة والسندان










المواطن رقم 14 بين المطرقة والسندان 

رأيت كما يرى النائم في حلمه طيفا يشبه بطلعته المواطن رقم 14 حاملا بيده دفترا صغيرا يقرأ فيه كلمات مبهمة. ويهز رأسه. ويقطب حاجبيه.
 كلما قرأ كلمة أو كلمتين. سألته : ماذا تقرأ ؟قال : خبرا يعلن عن تشكيل (فريق ديني شبابي )عدد أعضائه ثلاثمئة شابا متدينا من مهندسين وأطباء وعضو مجلس شعب وكافة الاختصاصات يحملون رتبة (شيخ ).
قلت : أين تقع هذه الرتبة بين الرتب الوظيفية؟
 وماهي مهمة هذا الفريق الذي يجمع كل هذه الاختصاصات؟ هل هي للإشراف على المؤسسات الخيرية؟ أو الهندسية المعمارية باعتبارنا أصبحنا على وشك الدخول في إعادة الإعمار بشكل جدي؟ أم على المؤسسات الطبية المجانية او شبه المجانية بعد أن انتشرت الأمراض في مجتمعنا العربي السوري انتشار النار في الهشيم خلال هذه الحرب الغاشمة. ؟
قال : لا .الأمر أكثر أهمية من كل أولئك. قلت : إذن تقوم بمهمة إعادة مسح شامل لكل الأضرار التي لحقت بالشعب السوري جراء هذه الحرب.
 قال: أهم من ذلك. قلت : أخبرني عن مهمتها يارعاك الله. قال: تم تشكيل إدارة ضمن وزارة الأوقاف. تكون مهمتها التواصل مع العلماء والداعيات. ليتم تغلغل الدين في المجتمع والمؤسسات بطريقة سليمة وأخلاقية بهدف تطوير الخطاب الديني.
ثم استدرك قائلا : هم يرفضون طبعا مفهوم فصل الدين عن الدولة
تنهدت الصعداء واطلقتها زفرة كاد الطيف يهرب من أمامي. وقلت بسخرية : هذا الذي سينهض بسورية بعد كل الذي حل بها من كأس. وآلام. وكوارث. ودمار على مدى سبع سنوات عجاف؟
أليس جديرا بنا وثقافة التجهيل التي استمرت السلطنة العثمانية اربعمئة سنة بغرسها في عقولنا أن نتخلص منها؟ وان نعيد النظر بالأسباب التي اوصلتنا إلى هذا الدرك من الجهالة وكأننا في عصور الجاهلية الأولى؟ 

لقد آن الأوان لتعزيز ثقافة جديدة مغايرة لما سبقها من الثقافات التي توضح لكل ذي بصر وبصيرة أنها فاشلة وغير جديرة بالحياة والتطور. وماذا يضيرنا اذا استفدنا ممن سبقنا من الأمم والشعوب التي مرت بظروف مشابهة؟ فصلت الدين عن الدولة.
 وأقامت أنظمة حديثة وعادلة بقوانينها ورجالها تساوى فيها الجميع أمام القانون. وحظي الجميع بكامل حريات التفكير والنقد والتعبير والرأي والمعتقد. أطرق المواطن رقم 14 رأسه في الأرض هامسا بصوت رخيم متقطع. الإنسان في بلادنا يولد ويعيش ويموت وهو بين المطرقة والسندان


د.حسين الحموي.

شكرا لتعليقك