pregnancy

عويل الهاوية









عَويل الهاوية.
.........................................
..
عندما جنّ الليل وألقى على مسمعي ترنيمة عشق تنادي بي من ضفاف الهاوية وتستغيث بي..
حيث النوم جافاني وألقى بي في صحوةٍ ليس لها مثيل ، لا النوم يودع أجفاني ولا الكرى يضمحل وينال مني ، أعيشٌ بكهفٍ مهجور لا تدخله ألسنة الشمس يعتليه الضباب والحشائش ويغفو على قممهِ ألف طائرٍ مكسور الجناح ذليل ، ويرتشفُ من أثيرهِ ألف مشتاق لرؤية وربما لغفوة أبدية ، ألم أخبركم أنَّ كهفي تتحقق به الأحلام ومن خيوطه تعقد ألاف الأمنيات هوّ مقامٌ تسكنه حسناء تزورني كل ليلة وتهمس لي يا عاشقًا أطال به السهر هلمَ بروحك بعيدًا لنلتقي ونتعانق....
قررتُ الإنعتاق من جسدي فرحت أهيم بروحي خلسةٍ خارج كل الأزمان فلا قيد يقيدني ولا جسدًا يتثاقل فيضعف من همتي ومن إرادتي...

تناثرتُ مع الأثير في الوديان وهطلتُ كَ سحابة مشحونة بتيارات سلبية فوق رابيّة ، حيث الأشجار تتناغم على تمتمات الورود والليلُ يحيك لنا أجمل حكاية ، بلغتُ الهاوية وكان الضباب قد إنحدر من أعالي الجبال وغمر تلك النواحي ، بدأ الضباب بالتلاشي شيئًا فشيئًا ، وبعد هنيهة من الزمن خلتها ألف عام ، فإذ بحسناء تداعب الليل وتمشطُ جدائلها 
في جيدها ينامُ الياسمين مرتاحًا..
وعلى كرسي خديها الناعمين تتلألأ قطرات الندى المنسابة من ورود لا تفارقها فهيّ ظلها وظليلها

مشيت نحوها ببطء شديد  لا يختلجُ له السكون
هيّ الروح تهوى توارتني من بعيد 
ولما صرت على بعد خطوات منها ، وقفت شاخصًا كأن في المكان سحرا أجمد مابي من العزم ، وايقظ مافي روحي من الخيال ، عانقيني لتظفري من حبي 
ولتعقدي الأديان كلها بأسم الحب..
قالت وكأنها أطربت الكون من حولي ومن حويللي..

أغمض عينيك يا صغيري...

فمثلُ العشقِ في بلادنا گمثل أمٌ تنتظر غائبها ، كلاهما يناجيان بعضهما في الأحلام...
أريج الندى الذي يغفوا بحضرة الليل
ليصحو على فاهة وردة ويرويا بعضهما أليس هذا عشقًا ، وحباتُ المطر التي نشأت في رحم السماء وخاضت بها الغيوم شتاءً كاملًا للتهاطل وتروي الأرض أليس عشقًا ، حفنةٌ من البذور منبتها بيدٍ إلهية أجبرتها على المخاض في قاع الأرض ، ماذا تسمي هذا عندما تنشق نواتها إلى شطرين طارحتهما لتخرج بسنبلة خضراء لترتوي من ألسنة الشمس الدافئة أليس هذا عشقًا إلهيًا...
كلّ هذا والعشق مكنون ولا أحدًا يعرفه..
وحدث إذ ذاك سكوت مفعم بحفيف أجنحة غير منظورة وأغمضت عيني مصغيًا إلى صدى أقوالها ولمّا فتحت عيناي ونظرت ثانية لم أرَ غير الهاوية تعول متشحة بدثار الضباب ، وهنا إرتعدت روحي ، فاقتربتُ من الهاوية حيث كانت الحسناء فلم أرَ إلّا عمودًا من البخور متصاعدًا نحو السماء....
ذات مساء مكثو بالضباب والإشتياق كنا معاً أرواحًا تتناغم ، حتى أيقضني الفجر  المنبثق من هدير الذكريات وغادرني الحلم بلا عودة
 وهو يحمل  اوزار وحدتي...

مهدي علي رستم
شكرا لتعليقك