هجوع الحب

هجوع الحب

....هُجوع الحب

سكن الليل وخيّم بنوره البنفسجي على ظلال قلبي فأصغيت ولم أنبس فارتعشت أوصالي وارتعدت روحي في محراب الذكرى وكحبٍ فنتهُ عشتروت للجمال ، وكأي مقطوعة موسيقة من أبولون

وكأي رنة شجيّة تطرق على نافذة قلبي من أوتار أورفيوس الحائم الذي تشظى وتلظى بمقتل حبيبته ، قيثارتهُ تداعب خلايّا روحي

عشرون عام وأنا أتجرع من صمتي ومن لجاجة الكبرياء لدي صيّرت الحب على هيكل لا محدود فبت أهوى الأشجار والعصافير والليل والغسق والفجر والهطول والوديان...

حفيفُ الأشجار يدغدغ أفئدتي في خريف العمر ويصنع لي مشهدًا مخملي اللون في هدأة مشاعري فأرى عاشقين تحت ضوء القمر يخاطبان بعضهما البعض فتهيج الدمعة في الألحاظ ويرفرف القلب مهلهلًا فتقشعُ روحي لهما وكأنهما استوطنا هذا القلب ولن يبرحا..

إذ أتاك الحب وأنتَ لاهٍ عنهُ فلتدعه يحملك مع الأثير قبل ظهور الغسق هناك ماوراء الأبدية مايسمى سكينة الاستكفاء إغرس بذورك وحدث ملوك الجن واعزف لهما بصولجٍ لاتهابهُ الآذان ولتسمح للناي أن يشاركك حزنك قليلًا فهو المؤنس والأنيس في وحدتك فهو لايخلو من الثقوب التي لاتندمل..

(وهلّلوا للربّ وسبّحوا باسمه)

وحين تضيقُ عليك الحياة وكأنها قبرٌ لجندي مغترب عن أهله فاقدًا كل من يمشي فوق التراب لاتدعها تخدش روحك السرمدية، إسمع تأوّه العصافير المغردة فلها لغتها الخاصة المتداولة بين الأغصان

فهي تنحني لتشرب وتنساب ألحانها مع خرير المياه فتطرب كل من لامس شغف البحيرة

(هللّوا للربّ في شربكم )

سهوة النعاس التي تغافل جفنيك وأنت بكامل يقظتك في منتصف الليل وأنت تشاهد النجوم والكون كله من حولك آمن بمنأى عن الكل

بعيد كل البعد عنهم شاخصًا كالنور حاضرًا بين السماء والأرض كسمفونية الخلود

دع عيناك تُبصران في الكرى البعيد وتطوفان برؤياك كسحابةِ برقٍ لا مفر من هطول غيثك.

إن السماء المعقودة بالنجوم التي طرزتها أمنيات التحفت السماء..

هي هي تلك النجمة التي ترافقك دعها تُبصر لك دربك

الشجرة التي تعتلي رأسي توهمني بالنسيان وتدعي

إني عاشقٌ فأحشر رأسي بين يدي وأجزع يالَسذاجتي

الحب هو أن تحلق بروحك كل ليلة

ولا تدعها تعود إلّا وهيّ عانقت ظلال المحب

هرول ليلي مسرعًا وعاد الصباح مجددًا ليخبرني بأنهُ باقٍ ولا مفر من الحب أبدًا