لِقاء العَدم
..........................
وظلّ بيير غارقًا بحزنه من بعد وفاة جوليا وقرر الإنعتاق من سجن الحياة
كان يرتقبُ السنونو ويُداعب بأناملهِ أكمام اللوتس ويحدثها كل هنيهة عن روحٍ هجعت إليه لبرهةٍ من الزمن وفجأةً إختفت كَسقوط نُدف الثلج في رائعة النهار وسطوع الشمس عليها
تناثرتْ الدموع في مُقلة عينيه كتناثر سنابل القمح في أرضٍ جافة تهوى الغيث ولا ترضى بالجفاف
رفرف قلبهُ كطائِرٍ غرَّد كلّ ليلة مُتمني العنان،
طالقٍ من فلذة كبده صوتًا ترتجفُ له الأبدان
جلس على رابيةً تَطل من أمامه الشمس ومن خلفه يغفو القمر ومن حوله سيسبان العمر الذي مضى ونسماتٌ دافئة كمدفئةٍ وسط بيتٍ هجرهُ الأب ساعيًا في الأرض من مشرقها حتى مغربها لتأمين قَوْت أطفالهِ الجياع وكأملٍ رجوتهُ بالخلاص وعدم الرجوع
كأمٍ تحدث أطفالها كل ليلة عن قصةِ رجلٍ خرج ولم يعد حتى الآن..
تلك الرابية شهدت عليه سنوات عديدة تُرى إلى ماذا كان ينظر نحو السماء البعيدة ، أعيناهُ أقشعت حِجاب الظِل والتحفت الرؤية الإلهية الملكوتية المتجسدة نظائِر الحياة..
كانت روحه تحوم مع أمواج البحر وتتنقل بين أضلعهِ نسائِم الفجر كشهقةِ طفلٍ عاد إلى الحياة مُختلجًا بِصمتهُ..
من هنا طَلعت عليه عجوز شاخت بها الأزمان
تُدعى كما قالت لي في صِغري القديسة..
تمنت أن يكون لها أبناء بعدد النجوم ولكن الزمان قهقرها وجعلها محط الدعوات إن كانت مني أو من العابرين، كوخها يغمرهُ الظلام وبداخله ألف سراج أوقده مسافر وألف شمعة لاتنطفئ من عاشقٍ دعت له بالحب السرمدي.
إلى أين أنت ماضٍ يابني ؟
أَتَخلف بوعدِ أوصى بهِ الله أن قُرابة البيوت من بعضها تدعي الإنتماء والتوصية بي ، وگغربةٍ من أيِّ رجلٍ لم يكمل لي نصف ديني ، أنت حللت مكان أبنائي الذين لم تنجبهم الحياة لي ولم تدعهم يلهون بأثاث منزلي
أترحل عني وانت النور الذي أوقده في سراجي كل ليلة قبل أن أدع النوم يُغافل جفني .
أترحلُ عني وتدعني أُراقب مجيئك كل سنة مع قدوم السنونو في فصل الصيف
أنَّى للصيف أن يعاود كلما إشتقتُ لملامحَ وجهك ويبعد بحرهِ نار التلاقي .
ألا أخبرني يا بُني قبل أن ترحل عني ولتدع كلماتك تؤنسني في وحدتي وشقائي .
ألا أخبرني عن الأمل..
فأجابها وهو يرنو إلى الشيب الذى غزى رأسها وألى تلك التجاعيد التي إستغلت عاطفتها وألى تلك العُكازة التي تُهيم بجسدها كطعمٍ حفرتهُ أيادي السنين في شجرة الخلود..
إن الأمل الذي يُبقيكِ على قيدي يبقيني
وأن السماء التي تخوض في حُلكة الليل الدامسة ألف شهُبٍ مسرعٍ للقائي بكِ
تمنيتهُ أن يخطو على عجلٍ ويتجول في الأرض ويسمع التأوهات التي تخرج من المنازل داعيةً رب السماء أن يَهِلُ عليها رؤية من إغترب عنها إن كان بسفرٍ أم بمغتربٍ ، تُرى القلوب البيضاء التي تنام على موسيقة التمني أعشقٍ هذا أم ماذا ؟..
وذاك القلب الذي يهدأ بِذكر إسم المعشوق
فيتراقصُ بين الأضلع مُتمني المزيد والمزيد من الدعوات ماذنبهُ ، وهو الذي حاكَ من بياض الياسمين خلوتهُ واقتطفَ من رحيق العمر
ألف صليب لمريم العذراء وبقعةَ ضوءٍ في كنف الكنيسة ، هوني عليه بِذكرِ دعوةٍ هرولت إلى السماء من جوفِ مريم هجرها كلُّ من عرفها
إن الرب الذي رعاها في خلوتها تحتَ ظل سعاف النخيل سيرعاكِ في ظل التلاقي لِحَر القدوم...
يُتبع.....
مهدي_رستم
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء