pregnancy

الوعي الانساني الجديد (9) اعتماد الثورات السلمية كطريقة للتغيير .......








الوعي الانساني الجديد 

(9) اعتماد الثورات السلمية كطريقة للتغيير
.................................................................

كثيرا ما يدور الجدل حول طريقة التغيير الاجتماعي الاقتصادي والسياسي، خصوصا في وقتنا الراهن، حيث كشفت الأحداث التاريخية وكذلك الحالية أن كثير من الثورات كانت تنطوي على مكيدة معينة أو انها حلقة من سلسلة حلقات تصب في مكيدة واحدة تتعلق بمنطقة معينة، وهذا بالطبع لا يعني أن كل ثورة خلفها مكيدة منحطة الأهداف والمرامي. فبعض الثورات خصوصا تلك التي أهملها التاريخ أو لم تحظ بتغطية إعلامية كبرى في عصرنا؛ بعضها كان يعبر عن طموحات الشعب وإرادة المجتمع. وكثير من الثورات اُستُغِلَتْ لأهداف أخرى غير التي انطلقت من أجلها فحرفتها عن مسارها الأصيل، وأفجعت أبطالها الحقيقيين، فكان منتج الثورة التاريخي والوطني في غير ما خطط له وحلم به الثوار الأوائل. وفيما يلي ملاحظات استشرافية مستقبلية حول هذه القضية: 

1.  رومانسية الثورة: على قدر ما تشكل رومانسية الثورة دافعا ثقافيا يترجم في عقل الإنسان إلى روح معنوية عالية إلا أنها بالوقت نفسه قد تكون مثبطا في سن النضج، أو بعد التجربة الثورية،  أو بعد الاصطدام بقطاعات غير واعية أو استغلالية في المجتمع، لهذا يجب أن نضع رومانسية الثورة ثانيا، فيحل العقل الثوري المتعمق في مشكلات المجتمعات بدلا من الرومانسية التي كثيرا ما تأخذ طابعا ظاهريا سطحيا غير عميق كصور الثوار الأمميين والمفكرين إضافة إلى الاغاني والقصائد الحماسية    

2.  الثورة لا تعني العنف؛ وليس من الضروري أن تكون الثورة قائمة على العنف حتى تنجح في تحقيق أهدافها. فعلى العكس تماما كثيرا ما يكون العنف مجهضا لنجاح الثورة. الثورة تعني التغيير الاجتماعي الاقتصادي والسياسي وهذا يمكن أن يتحقق من خلال الثورة السلمية التي تشبه الماء التي تغرق كل شي متدن ومنحط لكنها لا تدمر شيء، على عكس ثورة العنف التي تحرق كل شيء فيذهب الصالح مع الطالح. إن سلمية الثورة هي القاعدة الأساسية أما عنفها فهو الاستثناء النادر.

3.  على عكس المعروف والمتوقع الثورة الحقيقة اي السلمية هي ثورة تقوم على الصبر وعلى لجم الذات ومسك النفس لحظة الغضب وينطبق عليها حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)  ولهذا تنجح الثورة السلمية التي تقوم على المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات والتي تشارك فيها كل شرائح المجتمع. أما الثورة العنيفة فهي تقوم على الغريزة والتهور والانتقام والتنفيس عن الغضب وتقتصر على شريحة معينة، وكثير ما يسقط الضحايا

4.  لا توجد قاعدة عامة للثورة، كالقول أن الثورة يجب أن تخرج من المدن أو من المصانع أو أن تقودها الطبقة المسحوقة، فمظاهر الثورة يمكن أن تكون مدنية أو عسكرية أو دينية أو حزبية أو طبقية أو سلمية أو مسلحة ، إلا أنه توجد ثورة تقدمية تطلع للأمام وللتطوير وللعلم ولترسيخ القيم الأخلاقية والإيمانية، في حين توجد ثورة رجعية ترغب بالرجوع للوراء فترفض التطوير وتقاوم العلم وتركن إلى التفكير الغيبي الإيحائي وتلعب بالقيم والمبادئ بشكل زئبقي يتناسب مع مصالحها الآنية 

5.  يخطط المارقون في العالم لنشر الفوضى ومختلف أنواع الحروب والنزاعات في العالم ليصبح القتل والسلب والخروج عن القانون أمرا مألوفا، وذلك بهدف انشاء حكومة عالمية تتذرع بالفوضى لإقامة أقسى دكتاتورية عرفتها البشرية، وتتذرع بالإرهاب لمحاربة الإيمان بالله، وتتذرع بالانفجار السكاني لمحاربة الإنجاب والأسرة. وفي حال نجح هؤلاء لا قدر الله يفترض عدم اليأس وعدم الرضوخ والمقاومة بكل الوسائل ابتداء من السلمية. يجب توحد الكل والصوم عن أي تفاعل مع تلك الديكتاتورية  

(يتبع)

علي حسين الحموي
شكرا لتعليقك