الفصل الثاني..
تأليه الحاكم في الشرق ..
..وقال فرعون: ياأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري..!!.. القصص ..٣٨..
..مامن مستبد سياسي إلا ويتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله، أو تعطيه مقاما ذا علاقةبالله ..!!.. عبد الحمن كواكبي..
..طبائع الأستبداد ومصارع الأستعباد ص٣٤٤..
أولا: الحكم الثيوقراطي ..
من الأفضل أن نستخدم تعبير..الحكم الثيوقراطي.. بدلا من الحكم الديني ، ذلك لأننا نظلم الدين كثيرا عندما ننسب إليه مثل هذا الحكم المطلق المتعسف الذي يأخذ برقاب الناس باسم الإرادةالإلهية!! ..
فليس ثمة دين من الديانات السماوية الكبرى يذهب إليه أو يتمسك به
..وإنما ظهرت في كل عصر مجموعة من اتباع هذا الدين أو ذاك تلجأ إلى التأويل بعض النصوص الدينية ،وتقدم اجتهادات شخصية وتفسيرات ذاتية تمكنها من الوصول إلى السلطة، فتكون لها مقاليد الأمور، وهي تستخدم في الأعم الأغلب أحط السبل:
كالدسائس، والقتل، والرشوة، واستمالة الاشخاص بالمال أو الإرهاب ،والنفاق والكذب على الله!! ..
والواقع أن الحكم الثيوقراطي ينشأ عندما ينقسم المجتمع السياسي، إلى فيئتين متمايزتين ،حاكمة ومحكومة ويظهر السؤال: ..
من أين جاء هذا التمايز :
كيف نتصور إرادتين من طبيعة بشرية واحدة ليستا على درجة واحدة، بل إحداهما تعملو على الأخرى؟؟...
أبسط وأسرع إجابةهي:
لابد أن يكون الحاكم من طبيعة غير طبيعة البشر ، هكذا تصور القدماء الحاكم من طبيعة إلهية ، فهو إله على الأرض أو هو إبن الإله!! ..
ومن هنا جاء سمو إرادته ، فهي سامية لأنها إرادة إلهية عليا، ثم تدرج الأمر بعد ذلك إلى أن الله يختار الحاكم اختيارا مباشرا ليمارس السلطة باسمه على الأرض..
وعلى ذلك فإننا نستطيع أن نقول إن التفكير قد اتجهة
أولا.. إلى تأسيس السلطة على أساس إلهي ، فقيل أن السلطة مصدرها الله يختار من يشاء لممارستها ، وما دام الحاكم يستمد سلطته من مصدر علوى فهو يسمو على الطبيعة البشرية وبالتالي تسمو إرادته على إرادة المحكومين إذ هو منفذ للمشيئة الإلهية..
ولقد لعبة هذه الفكرة دورا كبيرا في التاريخ، وقامت عليها السلطة في معظم الحضارات القديمة ،وأقرتها المسيحية في أول عهدها ،وإن حاربتها فيما بعد ..
ثم استندت إليها الملوك في أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر لتبرير سلطاتهم المطلقة واختصاصاتهم غير المفيدة ..
وعلى ذلك إن هذه الفكرة قد تطورت واتخزت ثلاث صور متتابعة هي ..
١..في الاصل كان الحاكم يعد من طبيعة إلهية فهو لم يكن مختارا من الإله ، بل كان الله نفسه ..وقد قامت الحضارات عموما في مصر ،وفي فارس، وفي الهند، وفي الصين، على أساس هذه النظرية ، وكان الملوك والأباطرة ينظر إليهم باعتبارهم آلهة ..
وقد وجدت الفكرة كذلك عند الرومان الذين كانو يقدسون الإمبراطور ويعدونه إلها ..
وإن كان الشرق أصلها ومنبعها ..
٢..تطورت النظرية مع ظهور المسيحية ،
ولم يعد الحاكم ألها أو من طبيعة إلهية ولكن يستمد سلطته من الله ..
فالحاكم إنسان يصطفيه الله ويودعه السلطة ..
وهذه النظرية ..نظرية الحق الإلهي المباسر..
لان الحاكم يستمد سلطته من الله مباشرة دون تدخل إرادة أخرى في إختياره..
ومن ثم فهو يحكم بمقتضى الحق الإلهي المباشر ..
٣..منذ العصور الوسطى ،وأثناء الصراع بين الكنيسة والإمبراطور ،قامت فكرة جديدة مقتضاها
أن الله لايختار الحاكم بطريقة مباشرة ، وإن السلطة وإن كان مصدرها الله ،فإن اختيار الحاكم الشخص الذي يمارسها يكون للشعب ..
وبعبارة أخرى ظهر الفصل بين السلطة والحاكم الذي يمارسها:
فالسلطة بذاتها من عند الله ،ولكن الله لا يتدخل مباشرة في الاختيار الحاكم ..
ومن ثم فالله يختار الحاكم بطريقة غير مباشرة ..
ويكون الحاكم قد تولى السلطة عن طريق الشعب وبتوجيه من الإرادة الإلهية، او بمقتضى الحق الإلهي غير المباشر ..
..نظرية الحق الإلهي غبر المباشرة..
وسوف نعرض نمازج من الحكم الثيوقراطي في الشرق القديم ،
لنرى كيف بدأ نظام الحكم عندنا بتأليه الحاكم فارتدى الإستبداد منذ البداية زيا دينيا ،
ثم انتهى في العصر الحديث إلى تأليه الحاكم أيضا ،
لقد أصبح لدينا الأستعداد للركوع أمام الطاغية ،على تنوع مجالات الركوع واختلاف أغراضها ،دون أن نجد في السجود شيئا غريبا غير مألوف
على نحو ما وجد اليونانيون عندما طلب منهم الإسكندر الأكبر تقليد الشرقيين ، وانتهوا معه إلى اتفاق ..
تقتصر هذه العادة الآسيوية على الآسيويين فقط!! ..
.. الفصل الثاتي يتبع..
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء