pregnancy

المعنى في بطن الآخر....





















المعنى في بطن الآخر ..~

عشت في بلادهم سنين ست, منذ اليوم الأول الذي وطأت فيه قدماي تلك الأرض البعيدة بدأ لدي التساؤل, مالذي جعلهم يحكمون الأمم الاخرى ? بماذا سادوا ?
كيف يفردون سيطرتهم على الآخرين ?
وبدأت رحلة البحث عن جواب لتساؤلي, في أعينهم,
في تصرفاتهم , في ردود أفعالهم ..
وبعد طول تمحيص وتدقيق وجدت بأن هناك جيبا داخليا بداخل النفس , كل نفس,  يسمى اللاشعور أو الوجه الآخر أو الأفكار العميقة التي لاتظهر على السطح, يخبأونها هم في هذا الجيب العميق ..
يولد كل منا بهذا الجيب إلا أن البعض يختار إهماله , والبعض الآخر يضع فيه كل أفكاره وتأملاته , حتى ثأره وأحقاده
يكبر هذا الجيب النفسي لديهم ويتضخم بفعل الإنصراف عن الحديث إلى التأمل,  فتتسرب الأفكار وحدها هناك وكأنها باتت تعرف طريقها , لايتحدثون كثيرا, يشبهون حكماء الصين في تأملاتهم خاصة في الأوجه القادمة من ثقافة أخري أمثالي !
يبحثون عن الحكمة ضالة المؤمن التي أوصانا نبينا, لدي ولدى غيري ممن أفرزتهم الثقافات الأخرى, فإذا وجدوها فهي لهم وإن كان المؤمن أحق الناس بها ..
هم بحثوا ووجدوها واكتسبوها ونحن مازلنا نحكي ونتحدث, ونتسامر, ونتناقش, ونتصارع مع أنفسنا وأفكارنا, وأفكار غيرنا في معركة أبعد ماتكون إلى الهدوء والسكينة والإرتقاء
وأقرب ماتكون إلى الهزلية !
شعوبنا سطحية بسيطة فقيرة إلى التأمل هذا هو فصل القول وخلاصة المقال, وكلنا نعرف السبب ياسادة ...
تعلمنا بطريقة : قطعة وعليها أسالة مباشرة !
جواب السوال الأول هو السطر الاول أنقله كما هو ..لاتتعب !
وجواب السؤال الثاني هو السطر الثاني وهكذا دواليك ..
أما السؤال الأخير السؤال الصعب -الذي يترك أغلب الطلبة الاجابة عليه لأن جوابه غير مباشر-  فهو :
ضع عنوانا آخرا للقطعة !
ماعرف المسكين بأنه لو قدم المبتدأ على الخبر والفاعل على الفعل وأعاد ترتيب الجملة لقبله الأستاذ الذي يضع صوابا أحمرا طويلا على الإجابة التي لم ولن يقرأها !
لماذا يقرأ ? فكل الإجابات واحدة,  وكل النسخ كما أريد لها  متشابهة !
والنسخ تخرج عائمة على السطح لاأحد يغوص في الأعماق , لااحد يعرف الهدف من القطعة ولامن كتبها ولا لماذا كتبها ولا طريقة أخرى لصياغتها !
نحن شعوب لاتفكر , لأنها اذا فكرت ستطالب بحقوقها بمالها ومالها بكسر الباء الأولى , تأخذ ظاهر الأمر ,ظاهره فقط أما الباطن وهو الأكبر والأعمق والأهم فندعه لسيئين الظنون مالنا وللظنون إنما يحيق الظن السئ بأهله !
حتى ديننا فهمناه خطأ !

نعود لأولئك الذين دخلوا تلافيف عقلي وتجولوا فيها كثيرا
وانتزعوا مني التعجب والتساؤل حول اهتماماتهم وطرق تفكيرهم, كبر الجيب لديهم وتضخم لكثرة وارداته,  لسان حالهم لست ملزما بإطلاعك على حقيقة افكاري ..أفكاري لي ومايعتمل في داخلي يخصني وحدي, لك مني ظاهر القول والفعل وبداخلي أطبخ لك ماأشاء على نار هادئة في قدر مهول لاأستعجل استواءه,  أسكب منه متى أشاء وأطعمك مأريد..
قد يباغتك الغربي بفكرة تجعلك تسأل نفسك كيف خطرت بباله في هذا الصباح المشرق هكذا على حين غرة ?
مالاتعرفه أيها البسيط السطحي أنه لم يفكر بهذه الفكرة المباغتة الآن ويخرجها لك غنية مصقولة , إنه يعمل عليها في جيبه الداخلي بكل ماأوتي من عدة وعتاد منذ أمد طويل !
لن تستوعب أنت الأمر لأن جيبك فارغ لم تضع فيه شيئا,
لم تستخدمه يوما, نيتك صافية زرقاء بزرقة سماءك وإن عكرتها الحروب ,
مشغولا بمرجعيتك التي تأمرك بصفاء النية وأخذ الامور على وجهها وكأنه الوجه الوحيد الاوحد !
هذا هو الفارق الرئيسي بيننا العرب وبين تلك الشعوب التي اشتغلت عميقا على إنسانها, طورت تفكيره ونمته أخرجت طاقات روحه وعقله , وسعت جيوبه النفسية وزرعت فيه: كلما امتلأ جيب احفر أخر !
ماعند غيرك لك بعلمك وذكائك دعهم يعومون على السطح وغص أنت في الأعماق إلى الداخل, تجد الؤلؤ الذي ماعرفوا يوما طرق الإنتفاع به وإن كانوا مهرة في استخراجه !
الأن وبعد مقالي هذا ألازلت تسبح في السطحية ?
أم أنك ستقف طويلا عند مخرجات الثقافات الأخرى وتنظر إليها بعين المدقق الفاحص , صدقني يامن تقرأ كلماتي إن اخترت بأن لاتفعل ..سيفعلها غيرك حبا وكرامة لأن عقله تدرب طويلا في الوقت الذي تركت خاصتك نائم .


وفاء خليف
شكرا لتعليقك