pregnancy

لقاء صحفي مع الباحث نزار كحلة












حوار مع الباحث التاريخي " نزار مصطفى كحلة " 

( الجزء الاول )

" متعة البحث الشاق " ..

رداً على مقولة الكاتب الامريكي " برنارد لويس " حول المرأة العربية : " عندما نريد ان نبحث عن المرأة كملكة فيجب علينا ان نبحث عن الملكات في اوربا ، وانه لا يوجد في التاريخ العربي أي دور للمرأة في الحكم والسيادة " فقد أثار هذا الكلام غيرة الكاتب والباحث التاريخي " نزار مصطفى كحلة " واشعل حميته بغية لجم لسان من يضمر هواء شيطاني نحو تاريخنا المجيد ومن تسول له نفسه بتشويه وطعن سمعة ماضينا العتيد ممن يعبث بإرث أمتنا العربية كما السورية على وجه الخصوص ، فكان كتابه " ملكات عربيات عبر  التاريخ " . كما انه أخذ على عاتقه ارتداء زي الغواصين المفتشين عما هو نادر وثمين في محيطات أجدادنا الغابرة بأسلوب بسيط وجذاب وطريقة سرد محكم يدفعك الى مواصلة القراءة ومطالعة ما بين السطور في العديد من كتبه وابحاثه ومنها :
- المدارس والتعليم في تاريخ الشرق العربي القديم 
- غزوات شعوب البحر 
- التخدير والانعاش عبر التاريخ
هو من مواليد مدينة سلمية درس التخدير والانعاش ، كما نال إجازة في الآداب قسم التاريخ ، وهو عضو مجلس الإدارة في جمعية العاديات ، ومحاضر في المراكز الثقافية ، رافقه هاجسه الدائم في دروب رحلته خلف كل ما هو جديد  ومادي وحقيقي مركزا على الاخطاء مظهرا حقيقتها مصوبا اغلاطها فكانت له العديد من الكتب قيد الطباعة منها 
-ابداعات حضارية في تاريخ العرب قبل الاسلام 
- القلاع الأثرية في سوريا ، ومسرحية بعنوان " جيل الكيبورد " واخرى عنوانها " الطوفان " .
 ألقت " الرابطة الثقافية المعرفية " الاضاءة على رحلته المعرفية الهامة للنهوض بمستقبلنا عبر الاخذ بمواعظ التاريخ الجليلة في الحوار التالي  ....

السؤال الاول : أبدأ حديثي معك بسؤالي هذا .. هل التاريخ في ظاهره فن وفي باطنه علم ، أم أنه مزيج لكليهما في آن معا ؟ 

* نزار كحلة : ان التاريخ ليس بمزيج من العلم والفن ، فإذا كان في ظاهره فن وفي باطنه علم فذلك لان الوصول الى كليهما معا يحتاج الى خبرة كبيرة جدا في مجاله ، وان الباحثين والمؤرخين يتجهون إما لظاهر التاريخ وبالتالي فهم لايدركون كُنهه وحقيقته بشكل جيد كما أنهم لا يستطيعون التوصل الى نتائج هامة تكشف وتغوص في أدغال مجاهيله ، أو أن يذهب بعضهم الآخر باتجاه ولوج أعماق التاريخ ذاك الامر المرهق جدا بالنسبة لهم ، وأيضا هم بحاجة الى التزود برؤية حاذقة وعمل دأوب مستمر  ومواظبة. فالعمل في مجال البحث التاريخي يتطلب ادراك أهميته وقيمته الثمينة ، وانه من الصعوبة محاولة القيام بدمج كليهما كفن في الظاهر وعلم في الباطن لما يتطلب ذلك من مقدرات وامكانيات كبيرة جدا .

السؤال الثاني : من المعروف أن غزوات شعوب البحر المتوسط محاطة بالغموض والنظريات غير المؤكدة ، فما هي السبل التي اعتمدتها لسد ثغرات الغموض في كتابك " غزوات شعوب البحر " ؟ 

* نزار كحلة : قدمت في بداية البحث وذكرت الصعوبات التي تعتريه ، كصعوبة التوصل الى الحقائق التاريخية الواردة في محتواه ، فبحسب معرفتي لم يجري البحث في هذا الموضوع بشكل جيد ومسهب بسبب قلة المعلومات والمصادر التاريخية عن هذا الموضوع لهذا لم أجد الكثير من المراجع فالفترة التاريخية التي نحن بصدد دراستها هي اواخر عصر البرونز الحديث وأوائل عصر الحديد أي الفترة الانتقالية ما بين 1300_ 1100 ق.م ، تلك الفترة يكتنفها الكثير من الغموض والنقص في حجم المعلومات وذلك بسبب الحريق الذي تعرض له الساحل السوري أي موقع الحدث وبالتالي لم يستطع الباحثون ايجاد الكثير من  التفاصيل حول هذه الاحداث ، كما أن صعوبة الاتفاق بين المؤرخين حول تواريخ حكم الملوك فهي تؤخذ كمقياس لتحديد التواريخ التي رافقت الاحداث بدقة ، فقد حاولت لحل هذه المشكلة ان اجمع اكبر كمية من فترات الحكم وان اسير واتفق مع الغالبية العظمى التي اتفقت على زمن وقوع حدث تاريخي معين ، رغم خطورة هذا الامر فقد لا تكون الغالبية العظمى هي الصحيحة ولكنني كنت مجبراً على هذا الامر ، إلا أنني استعطت باستخدامي لاسلوبي المقاربة والمقارنة ان اتوصل الى نسيج ملائم وجيد لتلك الأحداث وان استنتج بأن خياري باتباع رأي الاغلبية كان محقاً بدليل أن هذا البحث التاريخي بدا متسقا ومترابطا وكان أشبه بخيوط الجريمة التي تؤدي الى القبض على المجرم فتحاول أن تمسك بخيط هنا وأخر هناك وتقوم بعملية الربط كي تتوصل الى النتائج .. البحث كان مرهقا لكنه كان بحثا ممتعا .

السؤال الثالث : قام المؤرخون باقتضاب وتهميش غزوات شعرب البحر ، ماهي اسبابك الدافعة الى اضاءة هذه المرحلة الزمنية الغابرة في القرن الواحد والعشرون ؟

* نزار كحلة : لن يكون باستطاعة الباحثين في تلك الفترة ان يقوموا بالاسهاب حول هذا الموضوع بسبب ندرة المصادر التاريخية لذلك لم يكن امامهم سوى الاقتضاب ، ربما كان البعض قد اقتضب هذه المعلومات لغايات قبيحة ودنيئة تصب في مصلحته ، فخلال رحلة سيري البحثي توصلت الى نتيجة مفادها ان غزوات شعوب البحر ابتدأت بحدود 1200 ق.م وهي تشابه من حيث المبدأ مايسمى بالحروب الصليبية التي تمت حوالي 1200 م ، فالرقمين هنا متناظرين وهذا ما يعطيها نوعا من المفارقة ، فلعل هناك من يكون في مصلحته اعفاء اوربا من جرائم قامت بارتكابها بحق الشرق العربي القديم  ومسامحتها على غزواتها وعدم جعلها دولة عسكرية ، فكان ذلك لقاءاً حاميا وحربياً مابين الشرق والغرب سببه ليست الدوافع الدينية كما يعتقد البعض إنما في الحقيقة هي دوافع اقتصادية الغاية منها نهب خيرات هذه البلاد .

( يتبع ) ..

اعداد وتحقيق : الاعلامية رؤى حيدر
شكرا لتعليقك