ويبقى_الامل
......................................................................................
أذهلت الجميع بقوة تحملها،بصبرها وحسن ظنها بالله فرغم مرضها كانت سنداً لكل من يعرفها..تبتسم وجروح قلبها تنزف،تضحك وقلبها الصغير يبكي ألماً..تلقي التحيه بالسلام وجسدها الصغير قيّده المرض..تدّعي السعادة لتخفف عن والديها خبر مرضها الذي كان كزلزال أصاب كيان اسرتها.
تلك هي "حور"ابنة الثامنة عشر ربيعاً،فتاة تضج حيوية ونشاط
راقية في تعاملها رغم صغر سنها،محبة للجميع،محترمه،مطيعه لوالديها في كل أمر...
أن ترزق بأولاد هي نعمه لكن النعمة الاكبر هي برّهم وطاعتهم لك ليمنحوك سعادة في الدنيا وفوز في الاخرة...
كونها الابنة الكبرى للأسرة لذلك
فقد تولت رعاية أخوتها ومتابعة دراستهم..وأداء واجباتهم المدرسيه وفروضهم الدينيه فقد كانت حور ملتزمه دينيا وغرست ذلك في اخوتها..
لم تكن تحسب حسابا للقدر وماذا تخبئ لها الايام ففي احدى ليالي تشرين الباردة استفاقت على ألم في بطنها حاولت ان تعالجه بمشروب ساخن قبل ان توقظ والدتها
خوفا من ان تزعجها فقد كانت رقيقة كنسمة صيف..
أخذ الالم يشتد ولم تعد تستطيع التحمل فنادت أمها التي استفاقت على صراخها الذي يملأ أرجاء المنزل..لقد شعرت أن أمعاءها تتمزق..نادت أمها بصوت عال:
أمي أرجوك افعلي شيء أكاد أموت من الالم..
استدعت الام سيارة الاسعاف.. نقلت "حور "وهناك اجريت لها الاسعافات الاوليه لكن الطبيب اصر على اجراء التحاليل والاشعه اللازمه فألمها لم يستجب للاسعافات الاوليه..عند رؤية الطبيب للنتائج تقول حور:
لن أنسى أبدا حالة الطبيب وارتباكه..حاول اخراجي من الغرفه ليتكلم لوالداي لكنني رفضت فأنا لست بالساذجه لتمر عندي الامور دون أن انتبه لها..رفضت وأصريت على البقاء لأسمع مايقول.قلت للطبيب:
تكلم ولاتخف فانا راضية بقضاء الله وقدره أياً كان..فلن يصيبنا الا ماكتب الله لنا..
سأظل أذكر نظرة الطبيب التي
منحتني حباً واكبارا وتقديرا وكيف امتزجت نظراته بالدموع
التي حبسها خوفا على مشاعري قائلا لي:حماك الله ياابنتي وعافاك.لم نعد نخاف من شيء فالطب قد تقدم ماتظهره التحاليل هو وجود كيسه مائيه على المبيض وعلينا استئصالها..
أذكر أن والدتي انهارت ووالدي
استند على حائط العيادة وخارت قواه قلت للطبيب مبتسمة:توكل على الله فالخيره فيما أختار الله..ومن يحبه الله يبتليه وانا منهم ..هو عز وجل يريد سماع صوتي وانا أدعوه
لست خائفه ولا قلقه فأنا بين أيدي رحيمه..
ذهبنا للبيت بعد أن حدد لنا الطبيب موعداً في اليوم التالي لان الكيس حجمه كبير ويجب اجراء الجراحه بأسرع وقت خوفا من مضاعفات لاتحمد عقباها..أمضيت ليلتي أتلو القران الكريم داعية الله ان يعين والداي فأنا أخاف عليهم أكثر من خوفي من مرضي..استلقيت بعدها على سريري لاأرتاح وغرقت في نوم عميق لم استيقظ الا على قبلة والدتي عند صلاة الفجر..توضأت ثم صليت..تلوت بعض الايات ثم ارتديت ملابسي وذهبت لغرفة اخواني قبلتهم وهم نيام وأودعتهم رب كريم وخرجنا للمشفى حيث ينتظرنا الطبيب..قبل دخولي للعمليه قبلت والداي وطلبت منهم الدعاء والرضى وابتسمت لهم ابتسامة الواثق بالله،المستسلم لقضائه..لم تستغرق العمليه طويلا لكنها بالنسبه لم ينتظر كانت عبئاً..
بعد مضي ساعه خرج الطبيب مطمئِناً والداي وأعطاهم خزعه لاجراء ماهو روتيني بعد كل استئصال للأكياس المائيه..خرجت من المشفى وبعد اسبوع صدرت نتيجة التحاليل..حاول والدي اخفاء الامر عني لكنه مع اصراري وسؤالي الدائم وجد نفسه مجبرا على مصارحتي أن هناك اجراء جراحي لاستئصال الرحم فقد كان المرض متقدما وللسيطرة عليه يجب الاستئصال الكامل للرحم..
خبر كهذا هو بمناسبة قنبلة وانفجرت عند البعض لكن بالنسبة لي كان الامر عادياً فقضاء الله لاراد له مهما حاولنا
استغرب والدي ردة فعلي قلت له:
الحمد لله على ماقدر ومااختار فالخيرة دائما فيما اختار الله..
استمرت حور في حياتها كأي فتاة تابعت دراستها الجامعيه.ولم تتأخر عن أي واجب يوكل اليها.تواظب على صلاتها..تتلو القران ليلا داعية ربها أن يعينها ويخفف بلاؤها...
مضت الايام بلياليها كانت قاسية على أمها التي أدركت أن حياة ابنتها قد انتهت كأنثى.
كم ذرفت الدموع ليلا دون أن تراها ابنتها تتظاهر بالقوة نهاراً
امامها.بالمقابل كانت حور تصبر
والديها وتعدهم بالقضاء على المرض بارادتها واصرارها على الحياة...في اليوم المحدد أجريت العمليه وكانت ناجحه فقدت أعظم منحه الهيه للفتاة وهي مهمة الامومه لكنها لم تفقد أملها بالحياة والاستمرار بهمه عاليه..
خرجت من المشفى وبدأت تتماثل للشفاء ثم عادت لمتابعة دراستها فقد قررت التغلب على ذلك المرض لكن والدتها كانت قلقه دائما مما سيحدث من تغيرات جسديه لحور عند البدء بالمعالجه الكيماويه الا أن حور فاجأت الجميع بوعيها لكل مايحصل وتقبلها لقضاء الله وبكل سعة صدر وايمان..فثقتها بالله منحتها سعادة أنستها المرض وعواقبه..كانت تقول للجميع لن يقهرني المرض فانا أتمتع بارادة وهمه عاليه ..ثقتي بالله ستعينني على محنتي...
بالفعل هذا ماحصل فقد استطاعت ان تتجاوز محنتها بأقل الخسائر وبأسرع وقت فالنتائج المخبريه كانت تظهر التحسن باستمرار..تابعت دراستها الجامعيه فل يثنيها المرض عن ذلك وحصلت على ماجستير بالهندسه .تفوقت بدراستها واثناء ذلك تعرفت على شاب أحبها ونشأت بينهما علاقه لطيفه صادقه وكانا متقاربين فكرياً..فرقيها وأخلاقها كان ملفتا للنظر وجذب اليها الكثير من المعجبين..تجنبت الدخول بأي علاقه أما"علي"فلم تستطع مقاومة مشاعرها تجاه فقد كان محترماً،هادئاً خلوقاً..
بعد تخرجهما من الكليه اعترف لها بحبه رفضت كثيرا هذه العلاقه لكنه كان مصرا على الارتباط بها..فقررت ذات يوما مصارحته وان تقول له أنها حرمت من أعظم مهمه توكل للانثى وبالتالي فهي لاتستطيع الارتباط بأحد لانها لاتنجب:
-اسمعني جيدا..انت انسان رائع وحلم كل فتاة ..لكن لن أستطيع الارتباط بك علي....!!!!
-لماذا حور!!!؟؟؟؟
-انني مريضه وحرمت من الامومه ..قاطعها علي غير آبه بحديثها قائلا:ومن منا لايمرض
أو يستطيع منع ماقدره الله..
-علي انا حرمت من الانجاب اتفهم ذلك؟؟؟
-أريد أن اسألك سؤال..لو حرمت انا من الانجاب هل ستتخلين عني؟؟؟
لم ينتظر جوابها لانه قرأه في عيونها..تركها وذهب..
في اليوم التالي اتصل بها قائلا:
اليوم الساعه السابعه مساءا أخبري عائلتك أننا سنأتي لزيارتكم..حاولت أن تكلمه..لكنه قاطعها قائلا:أحبك ولاأستطيع الابتعاد عنك..وماذا يعني انك لاتنجبين سأكون انا طفلك المدلل وستكونين طفلتي المدلله..تلك مشيئة الله لاذنب لك بها وأنا راض بذلك ..
حبيبتي سنتغلب على المرض وسنهزمه؛سنحيا بحب وسعادة..
لوتخليت عنك كم سأكون صغيرا أمام نفسي وامام قوتك وارادتك التي قاومت وتقاوم المرض..سنكون ياغاليتي يداً بيد لنهزمه وسننتصر فالحياة تستحق أن نقاوم من أجلها.
أنت لي هديه من الله وأنا لله من الشاكرين...
دلال_اديب
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء