وعمّ الرخاء.. فعلامَ تغضبُ يا أبا ذر!؟
.............................................................................
تقول كتبنا الإخبارية: وعمّ الرخاء وكَثُر المال في عهد عثمان حتى بيعت جارية بوزنها..وتتابع السرد مدلّلةً على أن الظروف الاجتماعية في زمن عثمان أدّت إلى نشوء طبقة ثرية عظيمة الثراء من قريش، ومن البيت الأموي_ بيت عثمان_ بالتحديد،وكان قصدها بالرخاء وكثرة المال ذلك الثراء الذي أصابتْ حظوظُهُ بعضَ أصحاب الحظوة والمحاسيب،وهو الثراء الذي رافقه إسرافٌ وصل حد السُّفه والتهتُّك،فبيعت جاريةٌ بوزنها،خاصةً إذا ما وضعنا بالحسبان الوظيفة التي ستؤديها تلك الجارية! ؟فمع كلّ المغازي والسبايا والأموال التي تدفقت على المدينة مع حركة الفتوح،ظلّ هناك نفر من الناس في حالة جشعٍ وتهتّكٍ وصل بهم إلى المزايدة على الجارية المليحة لتُباع بوزنها ذهباً،وهو الذهب الذي كان متفرقاً يوماً ما في بهيمةٍ لفلاح مصريٍّ بسيط،وفي محصول حنطةٍ لعراقي يعيش في الأهوار،وفي بعض شياةٍ لشاميٍّ يرعى في البوادي،ليُجمع جميعه ويصبّ في كفة ميزانٍ تقف على كفته الأخرى جاريةٌ حسناء.
وكتب التاريخ الإسلامية والأخبار ثرية بالأمثلة التوضيحية لأصحاب العقول ،فهي تسلّط الضوء على مشاهد الجباية المرهقة التي كان يمارسها الولاة في أمصارهم بغية إرضاء الخليفة،وفي عهد عثمان قام الرجل بخلع عمرو بن العاص عن ولاية مصر ونصب عليها أخاه في الرضاع( عبد الله بن أبي السرح )والذي كان أكثر إرضاءً له من ابن العاص لتفوقه عليه في جمع الأموال وفرض الضرائب وجبايتها من المصريين.
فهل نعجب من كثرة الأموال في عاصمة الدولة وهكذا كان الحال؟أم نعجبُ وسط تلك الأموال من حال الرعية،خاصة في البلدان المفتوحة؟!أم من أرقَّاء الحال من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في عاصمة الدولة الثرية،حيث كان (أبو ذرٍّ الغفاري) يدور بها يندِّد بالأثرياء،متحدّثاً بلسان الفقراء،ثمّ أخذ يحتجُّ على عثمان ويندّدُ بأُعطياته لأهله من بيت المال،وأُعطياته لمن أراد أن يؤلّف قلبه من المعارضين لسياسته،لينتهي أمر أبي ذرّ بالنفي إلى (الربذة) ليموت فيها غريباً مُعدماً،وأيضاً حيث كان (عمّار بن ياسر) الذي أعلن احتجاجه على المنح التي يأخذها تجار مكّة الطلقاء،و وقف إلى جوار أبي ذر يدافع عن قضية الفقراء،فأمر عثمان بنفيه بدوره إلى الربذة،فاعترض الإمام علي،فأمر بنفيه بدوره،لولا احتجاج الصحابة على عثمان بقولهم: ((أكلّما غضبتَ على رجلٍ نفيته)) ،ولم يتمّ نفي عمّار.
لكن عثمان استمرّ في سياسته وهو عالمٌ بأن نقمة الثائرين أخذت تتزايد عليه،وأن الجمر يغلي تحت الرماد ،ولاحقاً سنأتي على ذكر التجاوزات التي صدرت عن عثمان بن عفان والتي تسببت في زيادة حنق الناس وسخطهم.. ولي عودة أيضاً لنظرية المؤامرة المتمثلة بشخص ابن سبأ العظيم..
د.باسل الشيخ ياسين
المصادر:
أنساب الأشراف للبلاذري (الجزء السادس)
تاريخ المدينة المنورة \\عمر بن شُبّة\\(الجزء الثالث)
الطبقات الكبرى لابن سعد
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء