نور الأمل شاحبٌ وشحيح
....................................................................
سنوات عشر تتالت وما زال السوريون يُرحّلون آلامهم وقهرهم وأنينهم من قيود عام مضى إلى آخر جديد يأملون فيه الخلاص.. ولا خلاص!
وكلما حلَّ عام، تزداد معاناتهم وتتجدّد أزماتهم المتوالدة من رحم الفساد والإهمال والحصار والعقوبات التي لم يدفع فاتورتها ولا ضرائبها سوى فقرائهم الذين يتزايدون يوماً بعد آخر ليصبحوا الغالبية غير الفاعلة وغير المؤثّرة ، بل المهمّشة والمنسية في عكس فاضح لمفهوم الديمقراطية عن الأغلبية والأقليّة، فتتأرجح أيامهم وسنوات عذاباتهم على وقع أنغام وموسيقا معزوفات باتت خاوية من كل معنى سوى المزيد من المآسي والآلام والأحزان التي تعاظمت وتفاقمت حتى بدت كالطود الشامخ في وجه الحياة والأمل خلال 2020 الذي عمّق جراحهم النازفة بقدوم (كورونا)، فحلّ عليهم كالجراد وغطّى ما تبقّى من بصيص أمل للنجاة من أمواج عواصف الحرب وتجّارها وسماسرتها العاتية التي اغتالت واستباحت في جشعها حتى كسرة الخبز المتبقية والمغمّسة أصلاً بالقهر والذل والهوان الذي ما عرفوه يوماً.
فقد ابتُلي السوريون بما لم يُبتلَ به أيُّ من الشعوب التي عاشت ويلات الحروب عبر تاريخ البشرية، فبلاؤهم شاركت فيه وتقاسمته المصالح الدولية بأطماعها ومخططاتها التي لم تنتهِ بعد من توزيع الغنائم وتقاسمها، وهذا ما يُعيق ويُعرقل الوصول إلى حل سياسي ينهي عذاب السوريين، وأيضاً عزّزت هذا البلاء ورفعت منسوبه سنة بعد أخرى حكوماتٌ لم ترتقِ يوماً لتكون حكومات أزمة وحرب، بل كانت حكومات خلقت وعمّقت العديد من الأزمات المعيشية التي وصلت عام 2020 إلى مستويات قياسية لم يعشها السوريون حتى في أعتى وأفظع سنوات الحرب، فقد تجاوزت الكثير من الخطوط الحمراء فيما يخص حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية والبسيطة من الخبز والماء والدفء والنور والدواء تحت ذرائع شتّى، احتياجات باتت في ظلّ هذه الحكومات سلعاً متوافرة بكثرة في سوق العرض والطلب لمن يدفع أكثر من الناس، ولمن يلبي الطلب من تجّار وسماسرة وأصحاب سطوة ونفوذ من المتحكمين برقاب العباد وثروات البلاد وسط أضواء خضراء يزداد سطوعها علانية يوماً بعد آخر في خروج سافر عمّا نص عليه الدستور وشرّعته القوانين الداعية لعدم التلاعب بقوت الناس وحقوقها، خروج فاحش وصل حدود اللامعقول حتى أصبحت الدولة بكل ما فيها وما تعنيه مزرعة يتحكّم بها وبمن يعيش في كنفها ثلّة من نخبة التجّار والفاسدين وأثرياء الحرب الجدد.
على ضربات هذا الواقع المرير يدخل السوريون عاماً جديداً ينشدون فيه النهوض ولو قليلاً من قاع مأساتهم علّهم يعيشون ما تبقى لهم على أجندة الحياة بقليل من إنسانية افتقدوها وكرامة اغتالتها الأطماع والفساد والنهب!
غير أن قاعدة فلسفية تقول المقدمات الإيجابية تعطي نتائج إيجابية والعكس صحيح، فإننا نرى أن مقدمات حكوماتنا من جهة والمصالح الدولية من جهة أخرى حتى اللحظة لم تكن إيجابية، فلا مؤشّرات دولية تمنحنا فرصة الاستبشار بعام يصل فيه السوريون إلى حلّ سياسي ينهي عذاباتهم وتشظيهم المقيت المعرقل لكل حلٍّ وأمل، ولا مؤشّرات محلية تخفّ من خلالها حدّة أزماتنا الخانقة فتجعلنا كائنات أقرب إلى البشر ممّا نحن عليه اليوم… فهل للعام الجديد أن يكون أفضل من سابقيه من أعوام الجمر والموت العبثي والقهر المقيم؟ نأمل هذا في وقت بات نور الأمل فيه شاحباً وشحيحاً.
إيمان أحمد ونوس
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء