مدينةُ الأبوابِ المُوصدةِ.
...................................................................................
ليستْ جَملاً.
''غزةُ'' ليست جَملاً ، حتى وإنْ ''بركتْ'' على جراحها وشَرِبتْ. ولا هودجاً لـ''السلطان''، أيِّ سلطان ٍ، فترتحل ُ. كأنها قربان ٌ، لمن ''حطّوا ومن رحلوا''، كما انفجر ابنها يوما ً، بنشيدها ونشيده ، صاحب الصوت ''الأبحِّ'': معين بسيسو..!؟.
''تُهدي الجراح لهم'': طيراً وفاكهة. أما هديتهم .. فالمذبح العفِن ُ. هي موجة ٌ، ''يترجمها'' بحرٌ ''إلى كل اللغات''، وينكسر .
''وطنٌ يفتش عن وطن''. والمدينة مغلقة على الشعب الحزين.
ناسها يتأملون ''خرابها''، فتنكسر النفوس على النفوس . وخطى العدوّ تجوس رمالها ، وتغلق بحرها ''باباً'' من السحر المُلغَّز والغموض. فكأنهم ، ''قبرٌ تدق عليه أيدي النابشين''..!!.
''وطنٌ يفتش عن'' كَفَن ْ. و''المعابر'' موصدةٌ على الشعب النبيل .
لا فجر يأتي ، حين يأتي ، إلاّ ليسأل : ''هل فُتحتْ إلى الوطن الدروب؟''.
ما من مجيب، سوى برد الصباح ، والنار الشحيحة ، و''الطير المشرّد''، ومفاوض يهذي ''بدم فصيح''. والبحر يغمره ضبابٌ غامض ٌ، ويهمس للمدينة. وغزة، الحيرى بِحيرتها، تحارُ كيف تجيب . ''فتنْدهُ''، ثم ''تزعق''، ثم ''تصرخ''، ليسقط صوتها ملحاً، على أسماع من ''ناموا فوق أنقاض السنين''.
كَفَنٌ ''يفتش عن وطن''. و''الياقات'' تخجل من ''عُريِّ'' أصحابها.
يمشي إليها الليلُ مشياً ، ويُلبسها ''السوادَ على السواد''. ومِن فرْط العذاب ، تطلُّ أنوار الصباح ، عند ''عشيّها''، إذْ ما زال ساعدُ روحها يضجّ عافية ً، ويحلمُ بالفتوة والشباب . فتطاردُ الغربان َ، والليلَ الطويل ، و''الماردَ الجبار''، هذا الذي ''غطّى رأسه العالي الترابُ''.
فرحٌ ''يفتش عن وطن''. مَعنٌ يفتش عن ''مُعين..''.
ومعينُ يبحث عن هذه ''الحسناء غزة''، وهي ذاهلةٌ ''في مآتمها تدور ، ما بين جوعى في الخيام ، وبين عطشى في القبور''. يأتيه من بين الركام ''معذب ٌ، يقتاتُ من دمه ، ويعتصر الجذور''.
''وطن يفتش عن'' فرح .
''ومعين ُ..'' يهجو من يراه أمامه ؛ كلباً ''على الشباك ، في فمهِ قمر''. لا بحر يحكي للرمال ، أو النجوم ، ''حكاية الوطن السجين''. ويمعن في الشتائم ''شجراً على الشباك''، يفتحهُ ويدخلُ في الدماء ، شجراً ، و''يخرُّ'' منها كالشجر . ويسأل عن وطن : كيف يكون فيه ''الهدهدُ''، المحروس ، ''كاتبَةُ وحاجبَهُ''؟ وكيف تكون فيه ''كلابُ البحر أشرعة السفن''؟ وكيف تكون للياقات أعناق ٌ، لتحملها ؟ رجالٌ يملأون البرَّ ''ثرثرةً'' بأجساد ''معرّاةٍ''، وياقات ''مُنشَّاةٍ''.. ولا غضبٌ يفجرنا ، ولا خجلُ ..!؟.
فرحٌ ''يفتش عن'' فرح .
والليلُ ''كالشحّاذ يطرق ، بالدموع وبالأنين ، أبواب غزة ، وهي مغلقة على الشعب الحزين''.
نم يا معين . نم يا معين . نم يا معين . فرقعة الشطرنج فاضت ، بالدم الحرّ القتيل . ومدينة العشقِ ، المدجج بالضياء ، قد خانها الوعدُ النبيل ..!؟.
في رحاب شاعر المدينة المحاصرة وقصيدته: معين بسيسو..
_ اللوحات للفنّان الفلسطيني (ابن غزّة)؛ فتحي غبن..
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء