باطنُ الأرضِ خيرٌ من ظاهرها..!!
.......................................................................................
افتقدتُ غيابَ أبي شلاش، منذ تلك الليلة التي أمضاها، وهو يراقبُ التلفاز السوري ونجم التنجيم مايك فغالي، يتحدث وهو مسبلٌ عينيه؛ محاكياً وقار العلماء.
وبابتسامته الهادئة يتنبأ للشعب السوري بمستقبلهم بعد سبع سنين عجاف وأكثر؛ حول الزواج.. والطلاق.. والانفصال.. والحالات العاطفية .. وانسجامها مع شهر شباط .. حيث ينشط تزاوج القطط ..وعن الأوضاع المادية..والسياسية والمناخية.. والهزّات الأرضية .
جاءني مبادراً : من كثرة شغفي واندماجي وتفاعلي؛ بما كان يقوله مايك فغالي، وكثرة إعجابي بخصلة الشعر الخلفية والتي كلما نظرت لها زاغ بصري.. فكيف بالمعجبين والمعجبات بتنجيمه ..!!
خِلتُه يعرف كلَّ شيء.. وقد هالني كيف أظهرَ المتَّصلون والمتَّصلاتُ إعجابَهم وتفاعلَهم مع توقع تحسن ظروفهم بعد 1 شهر....أو.......الخ.
شيءٌ مذهلٌ يا دكتور..!! أحسستُ بدوار... ثم أخذتُ غفوةً ....جاءَتْني أحلامٌ وخيالاتٌ وكوابيس :
" وكأنني أقفُ على تلةٍ صغيرة بالقرب من مقبرة البلدة ....وفجأةً؛ بدأتِ القبورُ تتحركُ وتموج . وراحَ الأمواتُ من الأجداثِ ينسلون ... يقودُهم ملاكٌ يلبس البياض ..فتجمَّعوا حوله، وأنا أرتجفُ خائفاً من روعة المشهد ....وكأنَّ الملاكَ يشبهُ إلى حدٍ كبير مايك فغالي؛ لكن رأسَه أصلعٌ بشكلٍ كامل .سألوه : كيف حال الحياة الدنيا هذه الأيام..؟!
ابتسم الملاك قائلاً:
- علماؤكم يقفون ساعاتٍ؛ أذلاءَ على أبوابِ السلاطين وزعماءِ التعفيش وكتّابِ التقارير..و... و.... و.
- مسؤولوكم ونوّابكم في البرلمان ليسوا من خياركم.
- جهلاؤكم يحكمونَ عقلاءَكم ..!!
- نقودُكم ما عادت تنفع .... لمّا توفَّاكم الله، كان سعرُ الخروف لا يتعدّى الخمسين ليرة سورية، والآن الواحد كيلو غرام لحم يترواح بين 4 إلى 5 آلاف. والكيلو غرام من الجبن كان يوم موتكم لا يتعدى 30 ليرة سورية، والآن يزيد عن ال2000 ليرة سورية. والبيضة كانت ب 5 قروش سورية( فرنك سوري) والآن بخمسين ليرة سورية.
نظرَ الجمعُ إلى الملاكِ بهلعٍ، وقالوا بصوت واحد: أَرجِعْنا إلى حيث كنا؛ يا ملاك.
فباطنُ الأرضِ خيرٌ من ظاهرها (ظهرها)؛ في هكذا حال ."
تسارعَ شخيرُ أبي شلاش .... وخافتْ أمُّ شلاش، أن يكونَ زوجُها قد أُصيبَ بمكروه ..
سامحكَ اللهُ؛ يا مايك.... كنتَ أوديتَ بحياةِ أبي شلاش !!!!!!.
طابت أمسيتكم...
٥ كانون الثاني ٢٠١٩
د.نور الدين منى
خارج الموضوع تحويل الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء