pregnancy

التوشيح



التوشيح
.......................................................................................

 التوشيح نمطٌ من أنماط الكلام المنظوم انبثق في الأندلس في أواخر القرن الثالث الهجري ـ التاسع الميلادي ـ وقد عرّفه ابن سناء الملك بصدد كلامه على حدّ الموشّح بقوله : " الموشح كلامٌ منظوم على وزن مخصوص ..." 
 على أن الموشح يختلف عن القصيد من وجوه متعددة , فمن حيث الوزن العروضي تتفق الموشحات المنظومة بالفصحى في معظمها مع الأوزان العربية المعروفة وبحور الشعر التقليدية , ولكنها قد تخرج في نماذج أخرى عن أوزان الخليل , ولاسيما إذا كانت منظومة بالعامية أو مايقرب منها في إيثار التسكين في عباراتها . 
 كذلك تغاير الموشحات قصائد الشعر بخروجها على مبدأ القافية الواحدة , واعتمادها على جملة من القوافي المتناوبة والمتناظرة وفق نسق معيّن . وهي تختلف عن الشعر من ناحية أخرى في أنها تنطوي في بعض أجزائها , وخاصة خاتمتها , على العبارة العامية دون الفصحى . 
 كما تتصل الموشحات اتصالاً وثيقاً بفن الموسيقا وطريقة الغناء في الأندلس , وأغلب الظن أنها كانت تنظم لغرض التلحين , وتُصاغ على نهج معيّن لتتسق مع النغم المنشود . 
وابنُ سناء الملك المصري الذي يُعدّ أول من خصّ الموشح بالبحث والتصنيف من الأقدمين يعزو إلى الأندلسيين فضل ابتداع هذا الفن ويقول في مستهل كتابه "دار الطراز في عمل الموشحات " : " إنّ الموشحات مما ترك الأول للآخر , وسبق المتأخر المتقدم , وأجلب بها أهل المغرب على أهل المشرق " (1) . 
 كل ذلك يعني أن الموشح فن أندلسي اصيل ابتدعه العرب في ظل ظروف اجتماعية خاصة , وعوامل بيئية معينة , وما أورده ابن بسّام في ذخيرته , وابن خلدون في مقدمته ,يؤكد هذه الحقيقة . 
موشح لـ "ابن زهر الأندلسي " : 
حيّ الوجوه الملاحــــــا ......وحيّ نجل العيــــــــــون 
             هل في الهوى من جُنــــــــــــاْحِ 
             أو في نديــــــــــــــــــــــم وراحِ
             رامَ النصيـــــــــــــــح صلاحـي
وكيف أرجو صلاحـــا ......بين الهوى والمجـــــــون 
           أبكي العيون البواكـــــــــــــــي 
           تذكار أختِ السّمــــــــــــــــاكِ (2)
          حتى حمــــــــــــــــــامُ الأراكِ
بكى شجوني وناحـــــــا ......على فروع الغصـــــون 
           ألقى إليها زمامــــــــــــــــــــه 
           صبٌ يُداري غرامـــــــــــــــه 
           ولا يُطيقُ اكتتامــــــــــــــــــه 
وله أيضاً : 
أيها الساقي إليك المُشتكــــــى .....قد دعوناك وإن لم تسمــــــــعِ 
              ونديمٍ همْتُ في غرّتــــــــــه 
              وبشرْب الراح من راحتـــه 
             كلما استيقظ من سكرتــــــه 
جذبَ الزّق إليه واتكـــــــا ......وسقاني أربعاً في أربــــــــــــــع 
1ـ أجلب القوم : اجتمعوا وتألبوا
2ـ السماك : نجمٌ في السماء  
طيّب الله أوقاتكم بالخير وجعل أيامكم وشاحاً من السعادة والسرور . 
سلمية 28/3/2019 
ظهير الشعراني .
شكرا لتعليقك